المستخلص: |
برزت الزوايا في المغرب منذ نشأتها كقوة مادية ومعنوية تأطيرية تمتعت بتأثير كبير في جميع المجالات الدينية والاجتماعية والسياسية. كما جمعت بين العبادة والتصوف ونشر العلم وتوفير الأمن والحماية للناس واستنفارهم وتعبئتهم لمواجهة التهديدات والاعتداءات الأجنبية. لكن هذه المؤسسات الصوفية تحولت بالتدريج إلى أجهزة إدارية تابعة للمخزن تخدم مصالحه وتدافع عنها وتبررها أمام الناس وتسهم في تحقيق أهدافه وسياساته, وتجعل من نفسها أداة ووسيلة للدفاع عنه وتكريس شرعيته. وقد تكرست هذه التبعية المطلقة بفعل مسلسل المخزنة الطويل الأمد الذي تعرضت له هذه الزوايا وغيرها في إطار علاقتها بالمؤسسة المخزنية. وكانت النتيجة النهائية التي آلت إليها هذه السياسات المخزنية تجاه الزوايا هي انتهاؤها بتقديم خدمات وتسهيلات للمستعمر الفرنسي, بعدما كان دورها سابقاً خدمة المخزن المغربي ومساندة قراراته ومواقفه وتزكيتها. إذ بمجيء الاستعمار الفرنسي تواطأت جل الزعامات الصوفية مع قوات الاحتلال وعملت بكل وسائلها على تشتيت كتلة المقاومة وتفكيك وحدتها واتسمت مواقفها بالسلبية والركون إلى مسالمة السلطات الاستعمارية ومهادنتها, فرحبت بالمشروع الاستعماري ودمعته وأقنعت أنصارها وأتباعها بإيجابيات ومزاياه.
|