المستخلص: |
من بين أخطر الأزمات السياسية التي تعرضت لها الأندلس, تلك الثورات التي عصفت بمختلف جنباتها وبصفة خاصة أواخر عصر الإمارة الأموية, وهي المرحلة التي شاع وصفها بمرحلة الفتنة والاضمحلال أو مرحلة ملوك الطوائف الأولى والتي امتدت من (238ه – 852م) إلى (300ه – 912م), فالواقع التاريخي للأندلس خلال هذه الفترة يثبت أنها لم تعرف معنى للاستقرار السياسي أو الإداري على حد سواء؛ إذ تمزقت وحدة الأندلس, وقام الثوار في سائر أنحائها بشق عصا الطاعة عن الحكومة المركزية, وبهذا شهدت البلاد مرحلة تشرذم قادتها الأسر المتنفذة ضد سيادة قرطبة. وكان من أبرز المظاهر التي تعكس هذا الأمر اشتداد تلك الثورات التي رفعت لواء العصيان في وجه حكام بني أمية, لدرجة أجبر معها بعضهم على التنازل عن حكم بعض الأقاليم؛ ما جعل البلاد عرضة للتجزئة, فالسياسة الحازمة التي سار عليها أمراء بني أمية الأوائل كان لها واضح الأثر في الحفاظ على أملاك المسلمين في الأندلس ودولتهم فيها, وذلك رغم ما عصف بها من ثورات وفتن داخلية وحركات تمرد وعصيان وروح انفصالية, إلى جانب عداء الممالك المسيحية لدولة الإسلام في الأندلس, وتحينها الفرص لاقتطاع أجزاء منها وإثارة الاضطرابات فيها في إطار مساعيها الحثيثة لحسر مد الفتح الإسلامي في المنطقة.
|