المصدر: | مجلة الكلمة |
---|---|
الناشر: | منتدى الكلمة للدراسات والأبحاث |
المؤلف الرئيسي: | سروش، عبدالكريم (مؤلف) |
المجلد/العدد: | س13, ع53 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
لبنان |
التاريخ الميلادي: |
2006
|
التاريخ الهجري: | 1427 |
الشهر: | خريف |
الصفحات: | 118 - 130 |
رقم MD: | 759651 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
قواعد المعلومات: | IslamicInfo |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
مفهوم الحكومة (والحكومة الدينية) المعاصر اختلف عما نعرفه في التراث الإسلامي القديم بسبب تلاشي الإطار المعرفي - الزمني الذي ولد وتطور فيه هذا المفهوم. مشكلة الديموقراطية الدينية تكمن في صياغة نظام يجمع بين رضا الخالق والمخلوق. التوصل إلى تركيب مناسب بين الدين والديموقراطية يتوقف على جمع سليم بين العقل والشرع ورعاية حقوق الإنسان. مع انتهاء حقبة العلم القديم، وهيمنة العلم الحديث، تغير العالم كما تغير مفهومه وطريقة التفكير فيه. حتى القرن السادس عشر، كان المفكرون الأوروبيون يفهمون الكون على ضوء نظرية أرسطو الذي اعتقد أن الطبيعة منظمة طبقاً لمنظومة وظيفية متصلة ببعضها ومتجهة نحو غاية أسمى أو telos حسب التعبير اليوناني، ويقوم فوق هذا النظام كائن أعلى هو مصدر الخلق (الله). كان تغير هذه الصورة التيليولوجية هو نقطة التحول إلى ما سمي بالعلم الجديد، الذي نظر إلى العالم نظرة ميكانيكية تفسر الظواهر الطبيعية بما فيها الفكر الإنساني كسلسلة من المقدمات والأسباب والنتائج، بغض النظر عن غرضها أو وظيفتها النهائية. موازياً لهذا التحول الفكري ظهر الإصلاح الديني البروتستنتي الذي رفض فهم العالم كنظام هرمي قائم على رؤية ميتافيزيقية تعرف هوية الأفراد تبعا لمكانهم في هذا النظام. تبدو صورة العالم في العلم الحديث كما لو أن هذا العالم ليس من خلق الله. لا يعني هذا بالضرورة أن هذا العلم ينكر وجود الله. بل هو بالتحديد لا يجد ضرورة لإفراض وجوده. بعبارة أخرى، فإنه حنى لو يل فرضية وجود الخالق، فإن أتباع العلم الحديث لا يجدون حاجة إلى وجود الله، فالعلم يوفر لهم الأدوات اللازمة لفهم العالم. لم يقتصر تأثير العلم الحديث عل علاقة الإنسان بالطبيعة، بل أثر أيضا عل سلوك الفرد وتوجهات الدولة. في المجتمعات الليبرالية المعاصرة تمارس الحكومات سلطتها كما لو أن الله غير موجود، ويعيش الناس كما لو أن وجود الله أو عدم وجوده سواء. رضا الخالق وإرضاؤه لم يعد موضوعاً للثقافة السياسية أو أخلاقيات الدولة والمجتمعات. كل ما يهم المجتمع هو تحقيق مراداته، وما يهم الدولة هو إرضاء المجتمع الذي تمثله وتحكمه. بنظرة إجمالية يمكن القول: إن الفارق الرئيس بين الحكومات الليبرالية - الديموقراطية المعاصرة ونظيرتها الدينية القديمة (في عصر سلطة بابوات الكاثوليك في أوروبا ما في عهد الخلافة الإسلامية)، يكمن في غرضها الأول (الحقيقي أو المدعى). كانت الدولة القديمة تدعى أن غرضها هو تأمين رضا الله قبل كل شيء، وربما اهتمت بالمخلوقين كوسيلة لرضا الخالق لا كغاية قائمة بذاتها. في المقابل فإن الدولة الحديثة اهتمت أولاً وأخيراً برضا المخلوقين بغض النظر عن خالقهم. مشكلة الحكومات الدينية الديموقراطية تكمن في هذه النقطة بالذات، أي صياغة معادلة في العمل السياسي تكفل الجمع بين رضا الخالق ورضا المخلوقين، وتوازن بين داخل الدين وخارج الدين (أو الجزء الديني والجزء غير الديني من العالم) ، وتنظم سياساتها وأعمالها على نحو يحفظ في الوقت عينه حق الخلق وحق الخالق، ويصون كمال الإنسان وكمال الدين. من الإنصاف القول بأن مهمة هذه الحكومات ستكون أكثر صعوبة وعسراً مما كان معتاداً في الحكومات من النوعين الآخرين. السؤال الأساسي الذي يلح علينا هنا هو السؤال المتعلق بالله: هل الله موجود أم لا؟ وإذا كان موجوداً فهل له حقوق أم لا، وهل يجب علينا مراعاة تلك الحقوق أم لا؟ |
---|