ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







المعرفة العلمية والأزمة : قراءة فى البنية والتحول

المصدر: مجلة الكلمة
الناشر: منتدى الكلمة للدراسات والأبحاث
المؤلف الرئيسي: قوعيش، جمال الدين (مؤلف)
المجلد/العدد: س20, ع80
محكمة: نعم
الدولة: لبنان
التاريخ الميلادي: 2013
التاريخ الهجري: 1434
الشهر: صيف
الصفحات: 88 - 108
رقم MD: 760583
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: IslamicInfo
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

125

حفظ في:
المستخلص: أن الأزمة كمفهوم فلسفي عام تطور في أوروبا في مطلع القرن العشرين، ثم تبلور في النصف الثاني منه؛ فكان بمعنى إطار ((انفصام للنظام))، للظاهرة أو للحظة الآنية (وتصبح لحظة حاسمة)، هذا الانفصام سيمس، بشكل خطير، التطور المنتظم للسيرورة... وأصبحت الأزمة، موضوعا لتأمل فلسفي أساسي في العصر الحديث؛ موضوع نابع عن سوء إدراك لــ(لقرار أو الوثبة)) (Jump) الأمر الذي سيحدث ((لحظات صعبة)) و((مراحل مصيرية)) في إطار عمق المغامرة الجدلية للشعور (Dialectical Adventure of Conscience) )) ففي طريقها نحو ((الكمال))، ستلاقي الروح نوعا من الشك و اليأس، وهنا ستأخذ الأزمة مكاناً لها في عمق ((التجربة الفلسفية))، لتصبح في نهاية المطاف، أزمة العقل الإنساني. لكن، في الوقت المعاصر، تظهر الأزمة في صورة العجز عن تحقيق السلام العالمي أو الاستقرار الدولي، و تحولت إلى موضوعة عامة ومفردة إعلامية، بعد أن كانت جدلاً نخبويا فلسفيا، مع أواخره، مقترنة بالأحادية القطبية (الإمبريالية)، وانتشار الصراعات والأزمات. وفي خضم ما أفرزته الحرب الباردة، انعكست مظاهر الأزمة في مختلف جوانب الحياة والثقافة الإنسانية، ليصبح الإنسان يتحدث عن أزمة وجودية، فلسفية وأخلاقية، أو بالأحرى عن أزمة وجود وهوية. في هذا الإطار، يلزم البحث في جوانب الأزمة (الحقيقية) الشاملة، والعمل الجاد لتحقيق نتائج مقبولة، عكس الانبهار بنتائج العلم و وسائله التقنية، وقد وصل هذا الانبهار إلى درجة ظهور ((توجهات فكرية علموية)) تتطلع لتجعل من العلم ونموذجه المنهجي التجريبي، الوسيلة الوحيدة ل((إنتاج الحقيقة)) وقياسها. وتنادي بضرورة تشميل هذا النموذج، علي مختلف ظواهر الكينونة و الوجود، و منها الوجود الإنساني أيضا. بيد أن الإشكالات التي ستثار هي: هل العلم (الفيزياء) قادر حقا علي ممارسة هذا الدور؟ هل بإمكانه أن يستجيب للإشكالات التي تهجس بداخل العقل والوجدان الإنساني؟ هل يستطيع أن يسد حاجة الإنسان إلى الفهم مختلف مجالات الكينونة والحياة؟ ليست وظيفة العلم إنتاج المعنى فحسب، إنما دوره محدود في قراءة أجزاء الوجود ووصف علائقه. أما الجواب عن استفهام المعنى الكلي، فيحتاج إلى رؤية كلية هذه الكلية في الرؤية، هي ما نجد فلاسفة عديدين، يشيرون إلى ((استحالة إنجازها)) بالمقاييس العلمية التجريبية وفي السياق ذاته، يمكن إدراج الموقف النقدي الذي أنجزه هيدغر في تحليله للعلم و التقنية، حتي انتهى إلى إعلان مقولته الشهيرة: ((إن العلم لا يفكر)). إذ المسائلات التي تشغل الوعي الإنساني من أنواع ومجالات مختلفة مثل محاولة فهم الوجود في ظواهره وعلاقاته لا تنحصر في أجزاء الكينونة المادية بل ثمة أسئلة تخص الوجود في كليته وهي مسائلات نابعة عن الوعي الإنساني منذ وجوده إلي الأن إنها مسائلات تخص الانشغالات الميتافيزيقية الكبرى: نشأة الكون ؟ وأصل الحياة ؟ والبعد الوجودي؟ وأسطورتي الموت والانبعاث؟ وليست هذه الأسئلة مجرد كلام مجتر قابل للمجاوزة عن طريق نتائج الوضعية المنطقية المرتكزة علي رؤيتها الحسية للغة بل هي أسئلة ضرورية تعبر عن حاجة تلازم الكائن الإنساني عن وحدة هذه الأسئلة وعمق الانشغال بها في الوعي الإنساني لابد للكائن الإنساني من تحصيل أجابه عن الأسئلة الأنطولوجية الكبرى والتفكير العلمي ليس في مستطاعه إلي اليوم علي الأقل الإجابة عنها لأن أزمته كامنة في أدواته المنهجية القاصرة عن تناول كلية الوجود . لذا فكل ما بإمكانه هو أن يعطينا حقائق جزئية عن ظواهر الكون والحياة ثم يأتي دور الوعي الفلسفي والديني لأداء وظيفته من بعد وشيوع هذه النزعة نزعة تفسير الظواهر الروحية ب منطق تجريبي / تقنوي سيؤدي بالعقل العلمي إلي أزمة كارثية هي أزمة أخطر بكثير من أزمة الموضوع أو المنهج إنها أزمة غياب المعني أي غياب معني الوجود الوجود والحياة الأمر الذي سيخلص إلي العدمية (Nihilism) وتعتبر أزمة المعني أخطر أزمة يمكن أن تلحق بحضارة ما لأنها أزمة تلحق بروح الإنسان وماهيته ومصيره.