المستخلص: |
لقد أسهم علماء مصر ومثقفوها في فكر مولانا آزاد إلى حد بعيد، ولعل أهم وأبرز مظاهر هذا التأثير تظهر واضحة جلية على الصعيدين السياسي والديني، وإن كنا لا نستطيع الفصل بينهما فهما كيان واحد ووجهان لعملة واحدة، حيث تعلم مولانا آزاد أمور السياسية وكون وجهته السياسية من خلال الوازع الديني، فقد حمل مع أبناء جلدته لواء الكفاح والنضال من أجل تحرير بلاده؛ لأنه آمن أن ذلك من مبادئ الدين وتعاليمه، وعندما انضم إلى حزب المؤتمر الوطني ذي الأغلبية غير المسلمة أراد أن يثبت أن الدين لا يحول دون وحدة الوطن ووحدة أراضيه، فباتت هذه الفكرة نجما يضئ طريقة في ميدان السياسة تماما كما فعل المصريون مسلمون وأقباط. أما على الصعيد الديني فقد رفض مولانا التقيد بفتاوى الإجماع وفتح باب الجهاد والاستدلال وآمن بأن من حق كل جيل لاحق أن يعود إلى حظيرة الإسلام الأولى، وان يلجأ إلى مصدرية الأساسيين القرآن والسنة، وفهم نصوصهما وفقا لظروف ومستجدات العصر على أساس من العقل والمنطق-وهو نفس نهج الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا-لأن الإسلام دين جامع لكل الأمور صالح لكل زمان ومكان. وفي ذلك يقول: لا صلاح إلا بدعوة، ولا دعوة إلا بحجة، ولا حجة مع التقليد، فإغلاق باب التقليد الأعمى وفتح باب الاستدلال والاجتهاد من شأنه الصلاح والإصلاح، والسلام على الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب.
|