المستخلص: |
تشريعات الحدود من التشريعات التي تعطي للباحث الانطباع بأن السياسية التشريعية في ليبيا لا تقوم علي أسس راسخة ومتينة رغم أن جذورها تعود إلي الشريعة الغراء. إذ إن ضغوط الواقع فرضت علي المشرع تعديلات كثيرة لم تمثل تطورا في هذا المجال، بل ربما هبوطها في مستوي الأداء التشريعي الذي لا بد أن يجر معه في الواقع الحالي تدنيا في مستوي أداء المطلوب منهم فهم هذه التشريعات وتطبيقها. وإذا اقتصرنا علي مسألة الضمانات، فإنه وإن كان من غير الممكن المطابقة بين جرائم الحدود وجرائم التعزيز، لأن الحدود تتعلق بحق الله، ومن ثم لا مجال فيها للتنازل أو التجاوز أو العفو أو الوقف إلا في حدود ما هو مقرر بنص في القرآن أو السنة، إلا أن القضاء ملزم بالقيام بوظيفته هنا في حدود القانون النافذ دون الترخيص لنفسه بشد الثغرات إن وجدت، خاصة إذا تعلق الأمر بحرمان المحكوم عليه من ميزة ضمنها له المشرع بنصوص صريحة (في قانون الإجراءات الجنائية)، ومن هنا لا تظهر الحاجة الملحة إلي تخصيص قضاة لقضايا الحدود، لما لهذه القضايا من خصوصيات كثيرة، لعل من بينها سياسة التشريع بطريق الإحالة إلي أيسر المذاهب (مثلا 16 م من القانون رقم 52/ 1974)، فهذا عبء لعمري لا ينهض به إلا متخصص مزود بعقل نافذ ومعرفة متينة وأدوات عمل متاحة!.
|