المصدر: | عالم الفكر |
---|---|
الناشر: | المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب |
المؤلف الرئيسي: | اخليفة، الحسين (مؤلف) |
المجلد/العدد: | ع170 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
الكويت |
التاريخ الميلادي: |
2016
|
الشهر: | ديسمبر |
الصفحات: | 45 - 76 |
ISSN: |
1021-6863 |
رقم MD: | 783063 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | HumanIndex, EcoLink |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
وحصيلة ما سلف أن اللغة النقدية التي تشكل أساس الخطاب النقدي الشعري تتسم بدقتها وخفائها والتباسها وتمنعها واستعصائها علي الفهم والحال أن استيعاب ما يدور في خلد الفكر النقدي الشعري التراثي وما يروم تجسيده من مفاهيم وتصورات في مقولاته النقدية ومصطلحاته يقتضي تدقيق كل مصطلح بالعودة إلي دلالاته المعجمية وسياقاته التداولية والانفتاح علي محيطه الاجتماعي والثقافي والجمالي ومسوغ ذلك أن كل مصطلح يشرع نافذة علي جانب من جوانب الحياة العربية القديمة وبذلك ستكون الصورة التي سنشكلها عنه معتمة يلفها كثير من الغموض والإبهام ما لم نستجل أسرارها الجلية والخفية بناء علي معطيات تاريخية وادبية وفنية ومما يزيد الخطاب النقدي الشعري القديم ومصطلحاته ومفاهيمه عسرا والتواء واستعصاء علي الفهم تنوع وسائل إدراك جماليته فمنها اللمس والبصر والسمع والذوق وقد تتداخل وتتكامل حاستان أو أكثر في تلمس المتعة الفنية صحيح أن الجمال الفني في الخطاب الشعري لا يدرك سره إلا بحاسة السمع وذلك بواسطة الإنشاد والتغني الذي هو مضماره ومجال إدراك كنهه لكن التوسل بلغة مجازية مستوحاة من مرجعيات ومصادر مختلفة كما أسلفنا لتشخيص مواطن الجمال وتجسيد مكامن اللذة الفنية يجعل الجهاز المفهومي منفتحاً غنياً خصيباً بإيحاءاته ورموزه وأبعاده الفنية والتاريخية الحضارية ومن جملة ما يقتضيه ذلك كله من الملتقي استثارة حواسه المختلفة واستخدامها مجتمعه من اجل بلوغ المقصد . إن الأسس المرجعية التي بسطنا القول فيها تمثل بحق روافد أصيلة للغة النقدية ومحاضن حقيقية لمنظومته الاصطلاحية، قبل أن تتعدد بيئات الشعر ابتداء من القرن الهجري الأول مرورا بالثاني والثالث وصولا إلى القرن الرابع، وتتنوع منازع النظر النقدي فيه إلى منازع لغوية ونحوية وعروضية، وأخرى مرتبطة بمراعاة أحوال الشعر وظروف إبداعه، ثم منازع متأثرة بالتيارات الثقافية الأجنبية كلامية ومنطقية وفلسفية. إذ "لا شك في أن المصطلح النقدي والبلاغي نشأ عربيا، وبمجرد أن بدأ الاتصال الفعلي بتراثات الأمم والشعوب كالفرس واليونان والهند والرومان، تسربت بعض هذه المصطلحات الفكرية والفلسفية إلى النقد العربي والأدب العربي عامة". وتكتسي الأسس الجمالية التي حددناها كذلك قيمتها العلمية، القائمة على الدقة والوضوح والبساطة والاطراد والشمول. ذلك أن المفاهيم النقدية –مثلما تضمنتها مصادر الأدب وتاريخه ونقده-لا تخرج في عمقها عن نطاق "الوفرة" و "الاتساق" والانسجام" و "الجدة". ولا يمكن تأويلها وفهمها وكشف شحنتها الفنية- فيما نعتقد –سوى داخل الدائرة التي ترسمها؛ سواء اندرجت داخل خانة "الجودة"؛ من قبيل: الطرفة، والطلاوة، والحسن، والديباجة، والماء، والرونق، والحلاوة، والعذوبة، أو داخل خانة "الرداءة"؛ من مثل الغثاثة، والبشاعة، والفساد، والضعف، وغيرها. إن المقولات النقدية التي تمثل عمود كتابي "فحولة الشعراء" للأصمعي (ت 216هــ) و "طبقات فحول الشعراء" لابن سلام الجمحي (ت 231هــ)، تدور على الوفرة واتساع نفس الشاعر واقتداره على طرق أبواب وموضوعات ومعان شعرية مختلفة، لا يخرج عن نطاق الدائرة نفسها. كما أن ما بسطه قدامة بن جعفر (ت 337هــ) من نعوت الشعر وعيوبه في كتابه "نقد الشعر" يرتكز من قريب أو بعيد على أساس الاتساق تارة والانسجام تارة أخرى. والحكم نفسه يسري على جل القضايا النقدية التي طرحها كل من الآمدي (ت 370ه) في "الموازنة بين الطائيين" والقاضي الجرجاني (ت 392ه) في "الوساطة بين المتنبي وخصومه"، من تحامل وسرقة وطبع وحشو وبديع وما إليها. أما ما بلوره حازم القرطاجني (ت 684ه) في كتابه "منهاج البلغاء وسراج الأدباء" من مفاهيم ومصطلحات ومقولات نقدية، ينزع في مجمله منزع الجدة والابتكار والتخييل. وبالجملة فإن النهوض بالدرس الأدبي القديم وتجديد النظر إليه لا يمكنه أن يتم، ما لم تقرأ لغته النقدية قراءة حصيفة متأنية؛ بما تؤسس عليه من منظومة من المقولات والعبارات التي اكتست صبغتها الاصطلاحية بفرط تداولها ورواجها النقديين. ذلك أن استجلاء مكامن الجمال الفني في الخطاب الشعري التراثي، واستكناه مقاييس الإبداع وآليات التصوير ودواليب التخييل ودقائق المعاني ومقاصدها البعيدة، إنما يؤسس على الاسترشاد بما صيغ حول الخطاب من منظومة من الأحكام والقيم النقدية التي جسدتها لغتهم النقدية. |
---|---|
ISSN: |
1021-6863 |