المستخلص: |
أضحت الموضوعات المتعلقة بالنمو والتنمية من القضايا الملحة في معظم الدول النامية؛ نظرا لأن الخطط التي تنتهجها هذه الدول لم يعد بإمكانها ملاحقة المتغيرات التي تفرضها معدلات النمو والتنمية أو السيطرة على اتجاهاتها، وبالرغم من ذلك فمازالت خطط التنمية بآجالها المختلفة تحظى بقبول واسع من قبل المخططين والمسؤولين باعتبارها آليات ووسائل منهجية تفيد في معالجة القضايا وفي اتخاذ القرارات وتخصيص الموارد وفي إدارة ومتابعة اتجاهات التنمية، وضمن هذا الإطار اعتمدت ليبيا مثل غيرها من الدول النامية طوال العقود الماضية على آليات خطط التنمية في معالجة المشكلات وفي تطوير المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة، إلا أن العديد من الدراسات ذات العلاقة تفيد بأن هذه الخطط لم تحقق في معظمها الأهداف التي وضعت من أجلها. وفي السنوات القليلة الماضية طرأت على البلاد مشكلات وتغيرات متلاحقة وجذرية الأمر الذي يحتم على الجهات المختصة في الدولة ضرورة اتباع أساليب تخطيطية أكثر تطورا؛ للتعرف على هذه المشكلات والتغيرات ومعالجتها، فأساليب التخطيط التقليدية لم يعد بالإمكان الاعتماد عليها، فضلا عن كونها تتطلب فترات زمنية طويلة لإعدادها وتنفيذها ومتابعتها. وللتغلب على العقبات التي تعترض الخطط التنموية فإن العديد من الباحثين والمختصين يفيدون بأهمية الاستعانة بالتقنيات التي توفرها نظم المعلومات الجغرافية باعتبارها أداة فعالة يمكن الاعتماد عليها عند إعداد وتنفيذ ومتابعة خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتمتلك تقنيات نظم المعلومات الجغرافية القدرة على دعم عمليات التخطيط واتخاذ القرارات الملائمة؛ لكونها تستطيع إدخال البيانات وحفظها ومعالجتها وتحليلها وعرضها بدقة كبيرة وسرعة فائقة، كما أنها تساعد المخططين في وضع عدة سيناريوهات أو احتمالات أو بدائل، بما يمكن من تطبيق أفضل الاستراتيجيات عند إعداد الخطط التنموية ومستهدفاتها، وكذلك القيام بالتحليل المطلوب لإعداد الخطط المنهجية السليمة التي يحتاجها المسؤولون وصناع القرار. غير أن ذلك يتطلب ضرورة تأسيس وتوطين البنية الأساسية المناسبة لهذه التقنية بشقيها المادي والبشري حتى تتحقق الاستفادة القصوى منها، وحيث أن البنية المادية المتمثلة في الأجهزة والمعدات والبرمجيات يمكن الحصول عليها نظرا لتوفر السيولة النقدية لدى الدولة الليبية، فإن المشكلة تكمن بالدرجة الأولى في إعداد وتوفير العناصر البشرية أو الكفاءات الوطنية اللازمة لتشغيل هذه التقنية وتطبيقاتها المختلفة. تناقش هذه الورقة تطبيقيات نظم المعلومات الجغرافية في التخطيط التنموي وآلياته، وتسلط الضوء على الكيفية التي يتم بواسطتها تطبيق هذه التقنية في علميات التخطيط في ليبيا، وما هي متطلبات توطينها وتفعيل إمكانيات الاستفادة منها في إعداد خطط التنمية في مجالاتها المختلفة.
|