المصدر: | مؤتمر الأدب العربي والآداب العالمية بين التأثير والتأثر |
---|---|
الناشر: | كلية الآداب والعلوم الانسانية سايس بفاس |
المؤلف الرئيسي: | العيسى، راشد علي (مؤلف) |
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): | Essa, Rashed Ali |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
المغرب |
التاريخ الميلادي: |
2011
|
مكان انعقاد المؤتمر: | فاس |
الهيئة المسؤولة: | جامعة سيدى محمد بن عبدالله - كلية الاداب والعلوم الانسانية سايس - مختبر اللغة والتواصل وتقنيات التعبير |
الصفحات: | 461 - 479 |
رقم MD: | 814584 |
نوع المحتوى: | بحوث المؤتمرات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | AraBase |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
يتبين لي أن فلسفة اللذة في المذهب الأبيقوري تجسدت في بيئات شعرية مختلفة من العالم تجسيداً طبيعيا لسببين: 1- إن نشدان اللذة الحسية حاجة فطرية عند الإنسان بعامة، وهي عند الشعراء حاجة جسدية من طرف وحاجة نفسية من طرف ثان، وأقصد بالحاجة النفسية أن اللذائذ الثلاث الخمر والحب والزمن الحاضر صور من صور المواساة والتعزية والسلوان والتسرية عن مكابدات الشاعر النزاع إلى الحرية والطمأنينة، خاصة أن معظم الشعراء الأبيقوريين عاشوا أزمنة الاضطراب والقلق والفوضى الاجتماعية والسياسة، فكأن لجوءهم إلى الملذات الأبيقورية نوعاً من الرفض للواقع، وردة فعل فنية حسية ضد أشكال القبح والرذيلة. ولم يكن أي شاعر من الشعراء الواردين في البحث يكرس اللذائذ الثلاث في شعره بهدف المجون والتهتك إنما كانت لذائذ فاضلة وإن كانت تصدم الأخلاق السائدة، فهي تعبر عن الشعور بالاغتراب والدفاع عن الحياة. 2- إن جوهر الشعر بطبيعته الفنية ومادته التخييلية جوهر مشترك بين شعراء العالم، فمن البدهي أن تتناسل عائلة المعنى الشعري وتتكاثر على وفق مبدأ التأثر والتأثير، والمحاكاة والتناظر والتوازي وجميع ملامح التناص في بعده الفني. وليس يختلف شاعر عن شاعر في التعبير العفوي عن فلسفة اللذة الا بمقدار الانزياح الأسلوبي في شعره، وبمقدار ما أضاف من جماليات في الصور الفنية والمعاني المبتكرة وجودة الصياغة. كما تأكد لي أن الشعراء جميعا ولا سيما الأوروبيون تناولوا الزمن بصفته وقتا غير كاف لساعة حب لكأن العمر كله لا يكفي. كما اتفق الشعراء على أن الزمن المستقبلي غير موثوق به، فهو غد بظهر الغيب عند الخيام وغير مؤكد عند شكسبير، وهو لا بد ميت عند هيريك. فجاء تمجيد الزمن (الآن) دفاعاً عن الحياة ضد الموت. كما لعبت الخمر دور الممحاة في إزالة الهموم، ولعبت الحبيبة دور زهرة الأمل في بستان الحلم المليء بالأشواك. أجل إن الشعراء الأبيقوريين لم يصدروا في نزعاتهم نحو اللذائذ عن خلاعة وفسق بقدر ما حاولوا استثمار حرية الشعر في التعبير الحر الجسور عن أهوائهم الشخصية. وأتصور أن البيئة الأصلية للنزعة الأبيقورية ولدت في الشرق وتحديدا في اليونان ثم نمت وتكاثرت في مناطق الشرق نفسه بلاد فارس وبلاد العرب، ووصلت إلى أوروبا حتى إن جوته دهش بسحر الشرق ورأى فيه خلاصا لقلقه الوجداني والمعرفي ونزع كما ينزع الشعراء الأبيقوريون إلى لذائذ الأبيقورية الثلاث على غرار مقطعه الشعري: "الشمال والغرب والجنوب تتحطم وتتناثر والعروش تثل والممالك تتزعزع وتضطرب فلتهاجر إذن إلى الشرق الطاهر الصافي كي تستروح نسيم الآباء الأولين، هناك حيث الحب والشرب والغناء سيعيدك ينبوع الخضر شاباً من جديد" بقي أن نقول أن الشعر الأبيقوري رومانسي الاتجاه عبر كل الأزمنة التي عاش فيها، وأن الشعراء حقاً كهنة باخوس-حسب هيلدرلن-. وشعر الرومانسيين كما هو معلوم يشتط في التخيل فيؤله الزمن الحاضر والخمر والحبيبة، في لذة مشاعرية روحانية لا حدود لها، ولا عوائق تصدها من مذهب أو عرف أخلاقي أو جذور عرقية، لأن التعبير الشعري عبد الحرية المطلقة التي يتقاسم ثمارها شعراء العالم كله. وعليه فإن التخاطر الأبيقوري بين الشعراء نزوع إنساني فطري قائم على المتع الحسية التي تنفي قدرة العقل في الإجابة عن أسئلة الشجن الوجودي. |
---|