ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







البعد الزماني والمكاني في السنة والتعامل معهما : تأصيل وتطبيق

المصدر: مجلة الحديث
الناشر: الكلية الجامعية الإسلامية العالمية بسلانجور - معهد دراسات الحديث النبوي (إنهاد)
المؤلف الرئيسي: الخير آبادي، محمد أبو الليث (مؤلف)
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): Al-Khairabadi, Mohammed Abul Lais
المجلد/العدد: ع5
محكمة: نعم
الدولة: ماليزيا
التاريخ الميلادي: 2013
التاريخ الهجري: 1434
الشهر: شعبان
الصفحات: 7 - 28
رقم MD: 867348
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: IslamicInfo
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

64

حفظ في:
المستخلص: توصل هذا البحث في نهاية المطاف إلى النتائج الآتية: أن التعامل مع البعدين الزماني والمكاني في التشريع الإسلامي ليس غريبًا على علماء الأمة الإسلامية وفقهائها؛ إذ نجد له حضورًا في القرآن الكريم، والسنة النبوية، وآثار الصحابة والتابعين، وعند الأئمة المجتهدين. ففي القرآن الكريم مواقف عديدة لمراعاة ظروف العباد وحالاتهم: منها وجوب وقوف الواحد من المسمين مقابل عشرة من الكفار في بداية الإسلام، ومعصية فراره من أمامهم، ولكن عند دبيب الوهن والضعف فيهم جاء التخفيف بوجوب وقوف الواحد مقابل الاثنين. ومنها جواز الإفطار في شهر رمضان للمرضى والحامل والمرضع نظرًا لظروفهم الصحية. ومنها جواز التيمم للمرضى والمسافرين ومن لم يجد الماء، فتقديرًا لظروفهم هذه نزل التيمم. ومنها صلاة الخوف. هذه وما شابهها من المواقف الترخيصية لأصحاب الأعذار مثل: إباحة أكل الميتة وأخواتها للمضطر؛ اعتراف صارخ من الشارع الحكيم بأن للظروف والحالات سلطانًا أيما سلطان على الأحكام والتشريعات، وتأثيرًا واضحًا في توجيه مسار الحياة. وفي السنة النبوية مواقف لمراعاة الظروف: منها منعه صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة من ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام من يوم الأضحى حين كان بالناس جهد ومشقة، وسمح لهم به العام القادم لزوال تلك العلة. ومنها نهيه صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور نهيًا عامًا للرجال والنساء في حداثة عهدهم بالإسلام، وقربهم من عهد الوثنية، خوفًا منه صلى الله عليه وسلم رجوعهم إلى جاهليتهم الأولى من النوح والعويل، وبعد زوال هذا الخوف برسوخ تعاليم الإسلام في قلوبهم، وتغلغلها في محيطهم سمح لهم بالزيارة، ومنها نهيه صلى الله عليه وسلم عن كتابة الأحاديث خوفًا من التباس القرآن بالحديث، ومن لم يتلمس فيهم ذلك الخوف سمح لهم بالكتابة، منهم عبد الله بن عمر وأبو شاه اليمني، ومواقف أخرى كثيرة. ومن مواقف بعض الصحابة لتقدير الظروف منع عمر بن الخطاب رضى الله عنه، سهم المؤلفة قلوبهم، حيث عز الإسلام وقوي فلا حاجة لتأليف قلوبهم. ومن ذلك أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم نصف خیبر بين الفاتحين، ولكن عمر رضى الله عنه لم يقسم ما فتحه من أرض الشام والعراق ومصر وغيرها، ورأى إبقاءه في أيدي أربابه، وفرض الخراج على الأرض ليکون مددًا دائمًا لأجيال المسلمين. والأعجب من ذلك كله أن عمر رضى الله عنه أسقط حد القطع عن السارق في عام المجاعة، وعن السارق إذا كان السبب الجوع، ومنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين سئل عنها نهى عن التقاط ضوال الإبل، ولكن عثمان بن عفان رضى الله عنه أمر بالتقاطها وبيعها، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها، ثم إن علي بن أبي طالب رضى الله عنه وافقه في مبدأ التقاط الإبل حفظًا لها لصاحبها، ومن ثم رأى التقاطها والإنفاق عليها من بيت المال حتى إذا جاء ربها أعطيت له عين الإبل، لا القيمة. وقد درج على تقدير الظروف، التابعون ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين وتلاميذهم، منها: فتوى فقهاء التابعين بجواز التسعير مع امتناع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك حين غلا السعر في عهده، وأخذ به المالكية والحنفية، ورجحه ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. وقد أفتى أبو حنيفة ومالك بجواز دفع الزكاة لبني هاشم مع ورود النص الناهي عن ذلك، وذلك منعًا للضرر عنهم، وكذلك أفتى الإمام أحمد بجواز تخصيص بعض الأولاد بالهبة لمعنى يقتضي ذلك مثل زيادة الحاجة، أو لزمانة أو عمى، أو لاشتغال بطلب العلم، مع ورود النهي عن التخصيص من غير تفصيل، وكذلك نقل عن الإمام أحمد جواز إجارة الفحل لتلقيح أنثاه لأن الحاجة تدعو إليه، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك. فتأصيلًا من المواقف القرآنية والنبوية، ومواقف الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة المجتهدين لتقدير ظروف الزمان والمكان، وظروف العباد والبلاد، حاولنا أن نفهم بعض الأحاديث - كنماذج - في ضوء ملابساتهما وظروفها، وأبعادها الزمانية والمكانية ليكون ذلك مفتاحًا لنا لفهم الأحاديث وإدراك روحها، وأسبابها وعللها. منها حديث «الأئمة من قریش» . وما جاء في فضل الشام، وحديث «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» حيث روعيت فيها الظروف السياسية، ومن الأحاديث التي روعيت فيها الظروف المكانية: حديث «لا تستقبلوا القبلة بغائط، ولا بول ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا». وحديث «الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة»، وحديث: «الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء». ومن الأحاديث التي روعيت فيها الظروف العرفية: قضاؤه صلى الله عليه وسلم بالدية على العاقلة في قتل الخطأ وشبه العمد، في زمن كانت العصبة محور النصرة والمدد. وجعلها عمر رضى الله عنه في زمنه على أهل الديوان. ومنها أحاديث النهي عن نعي الموتى. ومنها الأحاديث التي توعدت المصورين بأشد العذاب، وهناك حديث روعيت فيه الظروف الاقتصادية: وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاذًا بأخذ الجزية من كل حالم دينارًا، أو عدله من المعافر. ووسع ذلك عمر رضى الله عنه في عهده بأن تؤخذ الجزية بتقديرات مختلفة حسب ظروف الناس الاقتصادية. وحديث روعيت فيه الظروف الأمنية: وهو «لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم». وهناك أحاديث أخرى مثل: حديث وجوب صدقة الفطر في أصناف معينة من الطعام: التمر والزبيب والقمح والشعير والأقط، وحديث النهي عن الاختصاب بالسواد، وحديث عدم منع النساء عن المساجد، وحديث بطلان نکاح المرأة بنفسها دون الولي، وحديث ختان المرأة، وأمثالها من الأحاديث، يمكن فهمها في ضوء الواقع المعاصر لها، وظروفها الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو السياسية، أو العسكرية، أو الأمنية، أو الجغرافية، أو الصحية، أو العرفية، وذلك إما بإدراك البعد المقاصدي لها، أو البعد العلي والسببي، أو البعد الأمني، أو البعد العرفي، أو البعد المصالحي، الخاص أو العام، الشخصي أو الجماعي، وبذلك نستطيع تقديم تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم على الطبيعة على وجه التقريب، وتقليص الخلافات الجدلية، والنزاعات العقيمة بإذن الله تعالى.

عناصر مشابهة