المصدر: | مجلة أمل |
---|---|
الناشر: | محمد معروف |
المؤلف الرئيسي: | حمداوي، جميل (مؤلف) |
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): | Hamdawi, Jamil |
المجلد/العدد: | مج22, ع42 |
محكمة: | لا |
الدولة: |
المغرب |
التاريخ الميلادي: |
2014
|
الصفحات: | 103 - 111 |
ISSN: |
1113-7967 |
رقم MD: | 870828 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
قواعد المعلومات: | EcoLink, AraBase, HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
يعد القديس أوغستان المنظر العالمي الثاني للمسرح، بعد الفيلسوف اليوناني أرسطو في كتابه (فن الثعر)، بل ينطلق أوغستان أثناء حديثه عن وظيفة المسرح في كتابه (اعترافاتي) من نظرية أرسطو نفسها، ألا وهي نظرية التطهير. وفي هذا الصدد، يقول أرسطو: "والتراجيديا هي محاكاة لفعل جاد، تام في ذاته، له طول معين، في لغة ممتعة لأنها مشفوعة بكل مع من أنواع التزين الفني. كل نوع مهما يكون أن يرد على انفراد في أجزاء المسرحية؛ وتتم هذه المحاكاة في شكل درامي، لا في شكل سردي، وبأحداث تثير الشفقة والخوف، وبذلك يحدث التطهير من مثل هذين الانفعالين. وأعني هنا باللغة الممتعة اللغة التي بها وزن، وإيقاع، وغناء. وأقصد بقولي يمكن أن يرد على انفراد في أجزاء المسرحة: أن بعض الأجزاء يعالج باستخدام الشعر وحده: وبعضها الآخر باستخدام الغناء. ويعني هذا أن وظيفة المسرح عند أرسطو، وخاصة في التراجيديا، هي التطهير، وذلك بإثارة الخوف والشفقة في نفوس الجمهور. بمعنى أن تكون المسرحية ذات وظيفة سيكولوجية وأخلاقية تعنى بتحرير النفس الإنسانية من الغرائز العدوانية، وتحريرها من كل ظلم وشر وحقد. وعليه، يشير أوغستان إلى أن العروض المسرحية التي تقدم فوق ركح قرطاج هي عبارة عن تراجيديات ممتعة ومثيرة، تختلط فيها المأساة مع الرومانسية، وتتقاطع فيها الآلام مع الحب؛ مما كان يثير فضول الجمهور بحال من الأحوال. ويعني هذا أن المسرح حسب أوغستان كان يعتمد على المعايشة النفسية الصادقة -كما سيقول بذلك المنظر المسرحي الروسي ستانسلافسكي فيما بعد-. ويضاف إلى ذلك أن الناس يقبلون على المسرح لمشاهدة المآسي والتراجيديات الحزينة؛ لأنهم يجدون في ذلك متعة وسعادة وراحة نفسية. ويرى أغستان أن المسرحيات المعروضة على خشبة مسرح قرطاج تستنبط أحداثها من الواقع، أو تكون ممزوجة بالخيال. ومن جهة أخرى، تصاغ هذه العروض بأسلوب فني جميل، وتتسم أيضا بروعة الإخراج والتشخيص والسينوغرافيا. علاوة على ذلك، فالمسرح حسب أوغستان له وظيفة أخلاقية ونفسية وعضوية، تقوم على التطهير بإثارة الخوف والشفقة، كما سبق لأرسطو إثبات ذلك في كتابه (فن الشعر). ويضيف أوغستان أن الناس لا يحبون أن يعيشوا الألم في واقعهم الحياتي، ولكن يحبون معايشته دراميا وفنيا وجماليا. ومن ثم، يرتاح المشاهدون كثيرا للتراجيديات، وكلما ضعفت صنعتها الإخراجية، ثار الجمهور غاضبا، وخرج من المسرح ثائرا. وبالتالي، لا ينتبه الراصدون إلى العروض المسرحية اندماجا وتركيزا، إلا حينما تكون العروض تراجيديات مأساوية، تم الشفقة والخوف والرحمة. ويزداد التطهير مأساة وتعقيدا ودرامية، حينما تقدم مشاهد الحب والغرام، خاصة مشاهد الفراق والعذاب التي تثير المتفرجين بشكل لافت للانتباه، فيسعدهم ذلك كثيرا؛ بسبب ما يبثه العرض من أحزان وآلام سيكولوجية وعضوية، كما أن ما يهم أوغستان في المسرح هو الإشباع أو الارتواء، فبعد اندماج المتفرج في المسرحية، وذلك بمعايشة مآسيها، والانسياق وراء أجوائها الغرامية والرومانسية، والتلذذ بأحزانها وآلامها المقرفة، يتحقق لدى المتفرج نوع من الإشباع الغريزي أو نوع من الراحة النفسية، سرعان ما تتحول إلى نزيف تراجيدي مؤلم. ومن ثم، فالمسرح الحقيقي هو الذي يحقق للمتفرج نوعا من الإشباع والارتواء النفسي والأخلاقي والبيولوجي، مثل: تلك النشوة الجنسية التي يستمتع بها المحبان العاشقان. وبتعبير آخر، لا ينبغي أن يقدم المسرح للجمهور عرضا دراميا ناقصا في مكوناته الفنية والجمالية والتأثيرية، فلابد أن يتحقق الإشباع لدى الراصد المتفرج. وأخيرا، إذا كان أرسطو صاحب نظرية التطهر القائمة على الخوف والشفقة، فإن المنظر المسرحي الأمازيغي أوغستان رائد نظرية الإشباع المسرحي القائمة على الارتواء الفني والجمالي. بمعنى أن أوغستان يتجاوز نظرية التطهير لدى أرسطو بشكل من الأشكال، ويستبدلها بنظرية الإشباع أو الارتواء الدرامي لدى الراصد، علاوة على ذلك، يكون أوغستان من المنظرين المسرحيين السباقين الذين اهتموا بالمتلقي أو الجمهور، ويتبين لنا ذلك جليا في ربط الفرجة المسرحية بالراصد تقبلا وتلقيا وتمثلا، من خلال رصد مختلف ردوده الذهنية والوجدانية والحركية تجاه ما يتلقاه من صور مشهديه فوق الخشبة المسرحية. |
---|---|
ISSN: |
1113-7967 |