520 |
|
|
|a التفاؤلية هي النزوع إلى رؤية الجانب المشرق من الأشياء وهي الإيمان بالطبيعة الخيرة والعقلانية للإنسان وبحقه في التمتع بالسعادة. سادت هذه النظرية أوربا في القرن الثامن عشر أو ما يسمى بعصر المنطق أو عصر التنوير. أعتقد مفكري هذا العصر بأن السعادة ليست مجرد جائزة سماوية يحصل عليها الإنسان في الحياة الآخرة وإنما هي حقيقة مادية دنيوية تخضع لقوانين الطبيعة. من هذه النظرية استنبطت نظريات العصر التي تنادي بالحرية والديمقراطية والاشتراكية والعلمانية وتسعى إلى تحقيق سعادة سماوية للإنسان على سطح هذه الأرض والتي لم تلبث أن تحولت إلى جحيم. واجه المحافظون ومنهم الكاتب والناقد الإنكليزي صاموئيل جونسون هذه النظرية بالتشكيك واعتبارها باطلة طالما أنها في الظاهر تركز على رؤية الجانب المشرق وتغفل حقيقة الواقع المظلم دون أن تحاول كشفه وإصلاحه. حاول جونسون من خلال حكاية رزالس أن يدحض هذه النظرية التي سادت عصره بطريقته الساخرة المعهودة متساءلا عن المعنى الحقيقي للسعادة المثالية. ما هي السعادة إذن؟ للإجابة على هذا السؤال أخذنا الكاتب في رحلة استكشافية للبحث عن المعنى الحقيقي للسعادة في أعماق النفس البشرية. تحمل هذه الرحلة في ثناياها هموم جيلا بأكمله – جيلا ينتمي إلى عصر تكاد تكون فيه السعادة عنوان لا واقع. فرغم نظرته التفاؤلية ونظرياته التجددية الثورية التي طالت حتى الدين الاان السعادة فيه غاية لا تدرك وحاجة لا تشبع. وهذا ما أراد به الكاتب من تسميته المجازية للمكان الذي تنطلق منه أحداث القصة بـ "الوادي السعيد" وتسميته لبطل هذه القصة الأمير "رزالس" أو "ريستلس restless" إشارة إلى روحه القلقة الباحثة عن الحقيقة وهي إشارة رمزية إلى روح العصر اللاهثة وراء المزيد من المعرفة والكمال. ففي طريق الرحلة من الحبشة غربا إلى مصر شرقا، يلتقي رزالس بعدد من الشخصيات التي يعتقد بأنها تعرف المعنى الحقيقي للسعادة كالعالم والناسك والحاكم والفلاح والغني والشاب ليتضح له في آخر الرحلة بأن أي منهم لم يكن سعيدا حقا. فالعالم كان قد فقد عقله لاعتقاده بأنه الاله الحارس للكون. والناسك لم يكن إلا هاربا متخفيا برداء الدين. والغني شقي بماله أرهقه خوفه من اللصوص. والحاكم تتملكه لعنة السلطة وخوفه من الأعداء يؤرقه. والفلاح الذي يبدوا سعيدا في حقله هو في الحقيقة ذليل مستعبد من قبل صاحب الأرض. والشباب رغم زهوه بالقوة والحيوية فهو لا يدوم فسعادته مؤقتة. ويبقى السؤال المطروح هنا بلا جواب. هل السعادة في العلم، في المال، أم في العمل، أم في السلطة، أم في الدين، أم في الشباب؟ يترك الكاتب الجواب للقارئ. بهذا يعكس جونسون رؤيته الناقدة لهذا العصر ونظرياته المادية التي تؤمن إيمانا مطلقا بالقعل والمنطق وقوانين الطبيعة والتقدم من خلال تقديمه شخصيات رمزية تجسد كل منها واحدة من هذه المفاهيم التي يتضح ضعفها وعجزها عن تحقيق السعادة لنفسها وللآخرين. وتزداد هذه الرؤية مرارة وسخرية عندما نبحث في الأسباب الشخصية وراء كتابة هذه القصة. فالرحلة بحد ذاتها هي رحلة رمزية جدلية وتأملية يخوضها الكاتب في أعماق نفسه بحثا عن المعنى الحقيقي للسعادة الذي فقده بسبب السنين الطويلة من الوحدة والجوع والفقر وعجزه عن تسديد حتى نفقات دفن والدته رغم مكانته الأدبية المرموقة التي كان يتمتع بها. حيث يمثل مشهد الموت المتجسد بالأهرامات والقبور في نهاية القصة وقفة تأملية في معنى السعادة ليس للأمير فحسب بل للكاتب أيضا ليثير المزيد من الأسئلة. فهل السعادة نسبية أم مطلقة؟ هل هي أبدية كهذه الأهرامات أم هي فانية زائلة بزوال أصحابها الراقدين في القبور؟ وإذا كانت السعادة فانية فلماذا نسعى ورائها لاهثين؟ هل للسعادة زمان أو مكان؟ أم هي موجودة في كل زمان ومكان وكل ما علينا هو البحث عنها في داخل أنفسنا أولا؟ لقد اختارت الباحثة هذه الحكاية موضوعا للبحث والدراسة نظرا لأهميتها كعمل أدبي نثري يجسد أدب عصر التنوير في النصف الثاني من القرن الثامن عشر بموضوعاته وتساؤلاته وأساليبه النقدية الساخرة والجدلية. الهدف من البحث هو تسليط الضوء على أدب عصر التنوير ونظرته التفاؤلية عن طريق عرض وتحليل رؤية صاموئيل جونسون النقدية لهذا العصر التي يعكسها من خلال عمله الروائي الوحيد رزالس. يتناول البحث مقدمة عن عصر التنوير وأهم ما فيه من تطورات علمية وحركات فكرية أثرت على المناخ السياسي والنفسي والتربوي والأدبي في تلك المرحلة. يعرف البحث كذلك مفهوم التفاؤلية أو مفهوم السعادة المثالية الذي تميز بها هذا العصر ويوضح التغيرات التي طرأت على الأدب وتحوله من الشعر إلى النثر. كما يقدم البحث نبذة عن أهم أعمال الكاتب صاموئيل جونسون مع تسليط الضوء على حكاية رزالس وتحليل أبعادها الرمزية التي تجسد فكر الكاتب وصراعاته. ينتهي البحث باستنتاجات تؤكد أهمية هذه الحكاية ودورها في تجسيد أدب التنوير ونظرته التفاؤلية في بناء عالم مثالي.
|b Johnson's Rasselass and the Search for Happiness: Reflections on the Optimism of the Enlightenment Optimism is the tendency to see the bright side of things. It is also the belief in the natural goodness and reasonableness of man and his right in the pursuit of happiness. This theory has dominated Europe in the late half of the eighteenth century or in the Age of Reason or the Age of Enlightenment as so likely called .The thinkers of this age believe that perfect happiness is not a mere heavenly reward expected life after but an earthly abstract fact follows the natural laws. New formulated theories of happiness start to invoke freedom, democracy, socialism and secularity. They all ask for heavenly happiness on earth which turned to be a hill after a meanwhile. Conventional thinkers like Samuel Johnson suspect this happiness since it apparently looks at the bright side and neglects the dark bitterness of reality. He tries in his satirical sense to refute this optimistic view wondering about the real meaning of perfect happiness through Rasselass. What is happiness then? To answer this question, the writer takes us in an exploring journey deep into the human soul searching for the real meaning of happiness. The journey bears within the weariness of a whole Age -where happiness is a mere title not real. Despite its optimistic and new radical theories which have included even religion, happiness is just an out of reach end and an unfulfilled need. Metaphorically, calling the setting where the events of the story started out as "the Happy Valley" and its hero as Rasselass" referring to his unsatisfied restless truth seeking soul make good evidence for the panting spirit of the age after knowledge and utopia. In his journey from Abyssinia in the West to Egypt in the East, Rasselass meets so many characters who are supposed to lead him to the real meaning of happiness such as the scientist, the hermit, the ruler, the farmer, the rich man, and the young. Ironically, they are all proved to be really unhappy at the end of the journey. The scientist was almost mad thinking himself the guardian god of the universe. The hermit was a fugitive and religion disguiser. The rich man was over burden by his wealth and fear of looters. The ruler was sleeplessly possessed by the curse of authority and fear of enemies. The farmer was suppressed and yoked by the feudalist. The glorious power of youth was temporary and short. The question here:" Is happiness in pursuing science, money, work, power, religion or youth? Is it in life or in death or may be in the life after?' Johnson leaves the answer for the reade
|