المستخلص: |
كشفت الورقة عن تثريب المدينة في الرواية العربية. فتبدو المدينة في عيون بناتها وقاطنيها منجزاً متشرباً إلى ما يتجاوز درجة الإشباع بالروح البشرية فالباني الأول للمدينة تبلغ به شعوره بعظمته حداً متطرفاً جعله يستصغر المكان المحدود فاندفع يبني لنفسه مكاناً يليق بعظمته فكانت القصور وكانت الفخامة وكان الجلال وكان لابد من امتداد فكانت بقية البيوت وكلما ازدادت حركة المدينة الداخلية ازدادت قدرتها على الاجتذاب والاستقطاب وعظم الاغتراب في الوقت نفسه حيث الحشود والمباني غير المتجانسة تنتج الشعور بالاغتراب وضياع الفردية ويطغي على تاريخ الرواية ربط ظهورها وانتشارها بالمدينة وذلك لا يجوز أن يعني ربطاً. وأوضحت الورقة أن مدن الرافدين وسورية القديمة ومصر ألواناً ثقافية وما وصل منهم كان كافياً للتدليل على أن أولئك المبكرين للتمدن أنتجوا ثقافة شديدة الثراء وتمثل ملحمة جلجامش واحدة من أسمق ذراها وأكثرها اتصالاً بالجنس السردي حيث يري بعض الدارسين أن المدن هي التي رعت نشأته ولكن الثقافة التي أنتجتها المدينة العربية الإسلامية في المنطقة نفسها كانت ذات طبيعة مغايرة يكفي لتفسير تغايرها، كما أوضحت عدة أمور منها أسس ارتباط المدينة العربية بالسرد والتشابه التركيبي بين الرواية والمدينة وجدلية القبح والجمال في سرد المدينة العربية وجماليات الوفرة والتنوع والسيولة والألفة وكذلك جماليات سرد القبح. ثم تطرقت الورقة إلى سرد مثالب المدينة وتعهيرها أو جنسنتها فقد اتخذ سرد الهجاء والشتائم الموجهة للمدينة مناحي مختلفة كالتبرم بأبنيتها وأجوائها الخانقة وإظهار مدي سوء التنافر البشري الناجم عن احتشادها بكل من هب ودب وصولاً إلى رميها بالعهر والدعارة بجد أن الأثواب تلتصق بالأجساد فتحيط أجزاءها النافرة بروعة خاصة أسمي من مجرد الاشتهاء وأحياناً يكشف الثوب عن أجزاء كبيرة أعمق فوق الركب الناصعة وعن فسحات الصدور التي ترتسم في أسفلها التكوينات الناعمة لأزواج الحمائم التي تتشامخ برؤوسها. كُتب هذا المستخلص من قِبل دار المنظومة 2021"
|