ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







الجماعات الافتراضية على الإنترنت: نحو مجتمعات موازية أم نحو ارتسام جديد لمفهوم التواصل

المصدر: المجلة التونسية لعلوم الاتصال
الناشر: جامعة منوبة - معهد الصحافة وعلوم الإخبار
المؤلف الرئيسي: حميدو، كمال (مؤلف)
المجلد/العدد: ع63,64
محكمة: نعم
الدولة: تونس
التاريخ الميلادي: 2015
الشهر: جوان
الصفحات: 111 - 149
ISSN: 0330-8480
رقم MD: 889363
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون
حفظ في:
المستخلص: لقد قامت إشكالية هذه الدراسة على ثلاثة أسئلة وهي أولاً معرفة ما إن كانت الاستعمالات الاجتماعية الجديدة المترتبة عن التلمتيك مجرد التفاف على القيود الاجتماعية المحلية لخلق عالم مواز أم أنها ظاهرة أعمق من ذلك بكثير من حيث التغييرات التي هي بصدد إحداثها في مجتمعاتنا؟ ثانياً: معرفة ما إن كانت لتكنولوجيا التلمتيك خصوصيات تحمل تداعيات سيكولوجية تجعلها تكسر الحواجز النفسية التي تحول في العالم الحقيقي دون الذهاب نحو الآخر؟ وثالثاً: معرفة ما إن كان الأنترنت والوسائل التكنولوجية الأخرى المعتمدة على التلمتيك بصدد خلق أجيال جديدة لا تؤمن بالهوية والانتماء بمعناهما الضيقين؟ وعلى ضوء المؤشرات الكمية والنوعية المتعددة التي تراكمت لدينا، وكذا التراكمات النظرية والدراسات الإمبيريقية التي عززنا بها تحليلنا للظاهرة المدروسة، فإنه يمكننا أن نخلص في مقالنا هذا إلى أن الجماعات الافتراضية ليست جماعات وهمية أو ضرب من الخيال. إنها جماعات حقيقية في عالم افتراضي ما يلبث أن يتجسد في العالم الحقيقي من خلال تشكل جماعات حقيقية دائمة أو مؤقتة تؤثر بشكل فاعل على المجمع الحقيقي. إن ما نريد أن نلفت الانتباه إليه، هو أننا في مرحلة طفرة اجتماعية وفكرية لم تحدثها أي تكنولوجيا اتصال أخرى منذ تلك التي عرفت حلول النصوص المطبوعة محل التواصل الشفهي. فخلافا لما يذهب إليه البعض، فإن تلك الاستعمالات الجديدة ليست مجرد امتداد لما عرفته البشرية من خلال تكنولوجيات سابقة، كما أن تأثيراتها الاجتماعية والثقافية ليست مجرد امتداد الكتروني لظواهر اجتماعية عرفناها سابقاً بشكل أو بآخر. إن التغير الذي نعيشه أعمق بكثير، تماماً كما ستكون التداعيات النهائية لذلك التغيير أعمق عندما ستكتمل الطفرة. إننا في مرحلة الانتقال من البنية الفكرية القائمة على النصوص المطبوعة إلى البنية الفكرية الصورية التي لا يترتب عنها بنية فكرية خطية كما في سليفتها بل بنية فكرية صورية فسيفسائية. إن تلك البنية الفكرية لا تنعكس فقط على طريقة تفكيرنا بل وأيضاً على طريقة إدراكنا للعالم الذي نعيشه. ولعله يمكننا القول بأنه قد بدأنا نتحسس الانعكاسات الأولي لهذه البنية الفكرية الجديدة من خلال مؤشرات تتعلق بأداء التلاميذ في المدارس سبق قياسها من خلال دراسات علمية وملاحظات إمبيريقية. ولأن البنية الفكرية الصورية لا تفهم سوى اللغة الحسية المباشرة فقد خلق جيل التلمتيك لغته الرقمية التي يستعملها على الهواتف النقالة والتي وجدت لها امتدادات في الروابط النصية التي يستعملها عند التصفح الإلكتروني على الإنترنت. كما أنه وبالنظر إلى ما تعكسه البنية الفكرية الرقمية من إرادة في السيطرة على العالم الخارجي بشكل عام فقد لجأ جيل التلمتيك إلى اختراع العالم الافتراضي كفضاء يمكنه من إعادة اختراع العالم الخارجي الذي يتفاعل معه، تماماً كما هيئة جهاز التحكم عن بعد في شاشات التلفزيون لذلك. إن ظاهرة العالم الافتراضي تتعدى اختراع عالم مواز كغاية في حد ذاتها وذلك بالنظر إلى أن التحايل على القيود الاجتماعية لا يقوم بدافع الهروب المرضي إلى أحلام اليقظة، بل بدافع تسهيل عملية التشبيك، نظراً للخصوصيات النفسية التي تتسم بها تكنولوجيا التلمتيك، خاصة من حيث ما تقدمه من إمكانات التخفي التي تكسر الحواجز النفسية التي تعيق الذهاب نحو الآخر في العالم الحقيقي. إن الطابع الافتراضي الذي تتسم بها العوالم التي تسمح تكنولوجيا التلمتيك بتشكلها قد غير أيضاً من الطبيعة الإدراكية لعنصري الهوية والانتهاء، وهو مؤشر يعطينا صورة مصغرة عن ما قد يكون عليه إنسان ما بعد الرقمنة. إن الشخص المهيأ بالبنية الفكرية الرقمية لا يحدد نفسه من منطلق الهوية والانتماء الذين نجدهما في عالم الانتهاء بل من منطلق يتجاوز زمنية ومكانية ذلك العالم، إنه شخص يدعى المواطنة العالمية التي تتجاوز الحدود والهويات القائمة على المتغيرات اللغوية والدينية، وهو بذلك يكون قد أكمل الحلقة بعد أن يكون قد اخترع لذلك العالم إيديولوجية خاصة به بعد أن اخترع العالم نفسه، ثم لغته، ثم قيمه.

ISSN: 0330-8480