المستخلص: |
حملت ثورة الاتصالات وتكنولوجيات المعلومات عدة متغيرات تقنية وفنية ساهمت بدرجة فائقة في تطوير أساليب وآليات جديدة للاتصال العلمي، مما انعكس على الإنتاج الفكري وأثر في طريقة نشره وخزنه وإتاحته إلكترونيا. هذا التحول سرع عملية تقاسم المعرفة وتدفق المعلومات بين الباحثين ودعم حركة البحث العلمي وتنشيطها. لكن رغم هذا الكم الهائل من المعلومات، إلا أن عدة حواجز تقنية وقيود مادية وقانونية حالت دون استغلالها الاستغلال الأمثل، مما أفرز وعيا عاما بأهمية الوصول إلى المعلومة وتحقيق العدالة المعلوماتية بين الشمال والجنوب وبين الدول المتقدمة والدول السائرة في طريق النمو. تجلى هذا الوعي في ظهور عدة مبادرات عالمية وإقليمية تؤسس لمشهد جديد في النشر والإتاحة: حركة الوصول الحر للمعلومات. تونس كغيرها من بلدان العالم تؤثر وتتأثر بالتحولات العلمية والتكنولوجية وهي - عن طريق مؤسساتها التعليمية والبحثية وخاصة الأكاديمية- تسعى إلى استغلال التطور الحاصل في تكنولوجيا المعلومات لنشر المعارف وتقدم آخر النتائج العلمية إلى جمهور المستفيدين بكل الوسائل المتاحة، كما تعتبر من البلدان الأولى في المنطقة الأفريقية والعربية التي إعتمدت برنامجا وطنيا لتمكين باحثيها من الحق في الولوج المجاني للموارد الإلكترونية العلمية من دوريات محكمة ذات النص الكامل وقواعد بيانات بيبليوغرافية توفر لهم المعلومة العلمية المحينة لإنجاز بحوثهم طبقا لما وصل إليه العلم وتناغما مع محصلات الإنتاج العلمي العالمي، وكان ذلك عبر إبرام عقود اشتراك سنوي مع أهم الناشرين العالميين تحمل تكلفتها على حساب ميزانية الدولة، إلى جانب الانخراط في المبادرات العالمية الموجهة للبلدان الصاعدة والسائرة في طور النمو والتي توفر موارد علمية بأثمان تفاضلية ورمزية. لكن، وأمام ارتفاع كلفة هذه الاشتراكات وبالمقابل توفر موارد الكترونية متاحة مجانا على الخط أثبتت قيمتها العلمية، طورت مؤسسات البحث والتوثيق التونسية عدة خدمات ساهمت في مرحلة أولى عن طريق آليات اليقظة التوثيقية في حصر هذه المصادر المجانية المتاحة وفي مرحلة لاحقة تطورت خدمات الإعلام العلمي ذات العلاقة إلى تلبية جزء مهم من حاجيات الباحثين. وأمام تزايد المحتوى العلمي على الخط في صيغه المفتوحة، واعتماد خيار النفاذ المفتوح من قبل دول الاتحاد الأوروبي، الشريك الأول لتونس في مجال البحث العلمي، وقيام عدة مؤسسات عالمية غير حكومية بمجموعة من المبادرات للتوعية ونقل الخبرة والتجارب الناجحة في هذا المجال، تكون وعى لدى جزء من المتداخلين في مجال البحث العلمي بتونس من مؤسسات وأفراد بضرورة الاستفادة الأفضل مما يمكنه هذا التوجه الجديد من فرص وجب استغلالها وتبني المبادئ والأدوات التي جاء بها للمساهمة في حركة النفاذ المفتوح خدمة للباحث والطالب. في هذا الإطار قامت عدة مؤسسات أكاديمية وبحثية بمجموعة من الخطوات أهمها اكتساب الخبرة في هذا المجال تبلور في تنظيم تظاهرات وملتقيات ساعدت على مزيد فهم مزايا النفاذ المفتوح إلى المعلومات وهو ما توج بالمرور إلى التنفيذ الفعلي لمشاريع ذات صلة بهذا التوجه العالمي. الإشكاليات المطروحة: كيف كانت بدايات هذه الحركة في تونس وما مدى تطورها؟ ما هي المبادرات المحلية والإقليمية التي انخرطت فيها تونس للمساهمة في الحركة العالمية؟ ما مستوى تأثيرها على أصحاب القرار في رسم استراتيجية وطنية داعمة النفاذ المفتوح للمعلومة العلمية؟ وماهي مخرجات هذا الانخراط ومدى دعمه للبحث العلمي التونسي من منشورات ومقالات علمية؟ أهمية الدراسة: تكمن أهمية الدراسة في تسليط الضوء على انخراط تونس في حركة الوصول الحر ومساهمات المؤسسات الأكاديمية والبحثية التونسية في نشر ثقافة النفاذ المفتوح وتركيز آلياتها على المستوى الوطني. أهداف الدراسة: دراسة للتجربة التونسية تثمينا لإيجابياتها ومحاولة لفهم نقائصها والعوائق التي حالت دون الاستفادة التامة والكلية من الحركة إن وجدت. منهج الدراسة: تعتمد الدراسة على المنهج المسحي التحليلي باعتباره المنهج المناسب لتحليل واقع التوجه الجديد للبحث العلمي ومدى تطوره بتونس. حدود الدراسة: -حدود موضوعيه: تتناول ورقة البحث هذه موضوع النفاذ المفتوح للمعلومات ومدى انخراط تونس في هذه الحركة العالمية. - حدود مكانية: يقتصر هذا البحث على دراسة حركة النفاذ المفتوح للمعلومات بتونس من خلال بسط الواقع والآفاق بالمؤسسات البحثية التونسية. -حدود زمنية: أجريت هذه الدراسة خلال شهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر من سنة 2017.
|