ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







ثورية الفكر الإغريقي أيه ثورة

المصدر: مجلة مدارات
الناشر: جمعية مدارات معرفية
المؤلف الرئيسي: الجابلي، سعيد (مؤلف)
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): Jabbali, Said
المجلد/العدد: ع31,32
محكمة: نعم
الدولة: تونس
التاريخ الميلادي: 2018
الشهر: صيف
الصفحات: 117 - 136
ISSN: 0330-7565
رقم MD: 945363
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: HumanIndex
مواضيع:
كلمات المؤلف المفتاحية:
الفلسفة السياسية | الفلسفة العلمية | الثورية | الإنسانية الثورية | الانقلابات السياسية | الحرية والمساواة
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

32

حفظ في:
المستخلص: نروم في هذا المقال تدير مسألة الثورية1 في الفكر الإغريقي من جهة رهاناتها، من خلال تركيزنا على تصور أرسطو (384 ق.م21 3 -ق.م) رأسا. إيمانا منا، بأن أفضل السبل في المعرفة، هو العودة إلى الأسس والبدايات. ولأن الفلسفة في أصلها وفصلها إغريقية، توجهنا إلى هذه البداية نساءلها عن منطلقات ورهانات الفعل الثوري أو فلسفة الثورية لدى المعلم الأول، الذي كان له فضل السبق التاريخي في إرساء القول الممكن حول تلكم المسألة وفي تثبيت دعائمها، على نحو ما طالعنا بذلك في مستوى متنه الفلسفي، ونعني: كتاب السياسات خاصه، الذي أفرده أرسطو لمقاربة مقتضيات الدولة الفاضلة، سياسة ورئاسة، كما توسع بشكل لافت في مناقشة بعض الدساتير، وإحصاء الأحكام السياسية وتصنيفها. وفي ذات المنحى، أفرد الباب الخامس من كتابه السياسات، لتفصيل القول الممكن في الانقلابات السياسية وحدث الثورية. لينهي مؤلفه بالنظر في مضامين فلسفة التربية ودورها في تأصيل الدولة الفضلى، على نحو ما عبر عنه الباب الثامن والأخير من مؤلفه المذكور آنفا. من نافلة القول التذكير بآثاره الأخرى، التي لها صلة بحدث الثورية، ونعني هاهنا: "كتاب السياسة في تدبير الرياسة"، "كتاب الأخلاق"، وكتاب دستور الأثينيين"، الذي يعتبر الدستور الوحيد الذي وصل إلينا من بين مائة وثمانية وخمسين دستورا وضعها أرسطو عن دول الإغريق تدليلا منه على نظرياته التي قام بها في كتابه: "السياسات". وفي الإطار ذاته، يرى أرسطو أن كتاب "الأخلاق النيقوماخية"، بمثابة مدخل لمؤلفه في "السياسات"، نظرا لكونه قد خصص للنظر في ماهية الفضيلة وعلاقتها بالسعادة، ذلك أن السعادة لا توجد إلا مع الفضيلة"(2)، كما أن الخير السياسي يوجد مع العدل ليكون الغرض الأسمى من كتاب السياسات لأرسطو، هو تأسيس السياسة على الفضيلة. ومن ثمة، فإن الحفر في ما تركه لنا الفكر الإغريقي من موروث من خلال الطرح الأرسطي، بشأن رهانات الثورية، له من الأهمية والجدة، كما الطرافة. ناهيك أن، التأمل في هكذا إشكال، إنما يندرج في عرف الفيلسوف المشائي، ضمن مباحث الفلسفة العملية. اعتبارا أولا، إلى أن الإشكالية التي تحركت فيها الفلسفة السياسية القديمة، هي البحث في مقتضيات النظام السياسي الأمثل. والحق أنه: لما كان غرض السياسة يشمل الأغراض المختلفة لجميع العلوم كانت السياسة هي علم الخير الأعلى للإنسان، فكون علم السياسة أشرف من علم الأخلاق ليس سببه فقط أن المملكة أكبر أهمية من الفرد، وأن إسعاد أمة هو أجمل من إسعاد فرد واحد، بل والسياسة فوق علم الأخلاق في درجات الشرف العلمي وموضوعها أسمى من موضوعه"(3). قد يكون من فوائض القول ونوافل الإيضاح، التلميح في مستوى ثان إلى أن أرسطو، قد جعل فلسفة الأشياء الإنسانية، إنسانية محضة(4). ليتبوأ الإنسان حينئذ مركز النظر في كل تأملاته، حتى نزله منزلة المدار في كل فلسفة كونية، ليتجاوز الجزئيات ويرتفع عن الأعراض ويراجع موقفه من نفسه ومن الوجود، عسى أن يحقق لنفسه وبنفسه معرفة أعمق وأرسخ حول ذاته ووجوده. وتبعا لما أشرنا إليه سابقا، بمستطاعنا التأكيد على أن ما دفعنا إلى إرجاع القهقري، معاودة للسؤال حول رهانات الثورية في الفكر الإغريقي من خلال الأنموذج الأرسطي، يعزى أيضا هذه المرة إلى المكانة المرموقة التي يحظى بها أرسطو في تاريخ الفلسفة برمته؟ ذلك أنه، مرجع دائم في الفلسفة العملية (وبالنسبة إلى الفلاسفة). ومرجع دائم في السياسة بالنسبة إلى علماء القانون، مما يعني أن منظري الأخلاق وعلماء القانون نهلوا من المدونة الأخلاقية الأرسطية. من الأهمية بمكان، الإقرار هاهنا، أن استئنافنا التفكير في الثورية ورهاناتها لدى أرسطو، يعود أيضا إلى راهنتيها، إذ اللحظة وسياقها كونيا، تفرض علينا المعالجة الفكرية لهكذا مسألة. تبعا لما نعاينه من تحولات جيوسياسية وسمت العالم الآن، تجد البعض من تمظهراتها في مستوى تنامي المد الثوري وحمى الثورية على نطاق واسع في ظل توق بعض المجتمعات المعاصرة إلى التحرر من براثن الاستبداد السياسي، ومن كل أشكال الهيمنة، وما يقتضيه ذلك من تدبر لمقتضيات الحكم الرشيد سياسة ورئاسة. وتحصينا لمدينتنا الراهنة، حتى لا تنقلب السلطة فيها إلى تسلط والحكم إلى استبداد، خاصة أمام تفاقم ظاهرة العنف، التي أصبحت الدول تتسارع إلى ممارستها، سواء في علاقتها بمواطنيها أو في العلاقات الدولية، وما رافقها من تنوع في آليات المراقبة والمعاقبة. ينضاف إلى ذلك، تأزم المفاهيم السياسية التقليدية في ظل واقع عالمي معولم، ما انفك يفتك بالحريات، وينتهك حقوق الإنسان، باسم مشاريع نبيلة وشريفة، أو التشريع إلى هكذا نزوع نحو الوصاية الأخلاقية على السياسي، أو تنصل السياسي من الاعتبارات، أو المثل القيمية العليا. يبقى أن نشير إلى أن الهدف الإجرائي لهذه الدراسة وإن ارتبطت بالفلسفة القديمة، لأنها ارتبطت بأرسطو، يكمن أساسا في النظر: هل مازال لدينا الآن شيئا نأخذه عن القدامى؟ إن ما يساعدنا على هذا، هو سؤال الحاضر، سؤال الراهن: ما الذي يحدث الآن؟ ماهي الثورية؟ وما الذي ينبغي فعله بإرادة الثورية؟ والحاصل من هذين السؤالين، أن الوظيفة الأساسية للفلسفة، تكمن في السؤال عن الراهن. إنهما مجال المساءلة الفلسفية لما نحن عليه راهنا. إنهما يحددان إذا الدلالة العميقة لأنطولوجيا الراهن. إن مطلوبنا في هذا المقال محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة، بالاستناد أساسا إلى تصور أرسطو. وسنعتمد في تحليل مسوغات الثورية ورهاناتها على نظام البرهنة التالي: -سنحاول في مرحلة أولى، أن نتبين أن الثورية في تقدير أرسطو، ظاهرة اجتماعية كلية معقدة تتداخل فيها عوامل شتى: داخلية وخارجية، بما يبرر تفصيله القول في الانقلابات السياسية وأسباب انقراض الأحكام وصيانتها. تعلق الأمر بالأحكام الشعبية، أو الأقلية، أو بأحكام الأعيان. مؤكدا على إثر ذلك، الطابع اللا-معقول للحكم الاستبدادي. - أما في مرحلة ثانية، ارتأينا النظر في إنسانية الثورية وفقا للطرح الأرسطي، في محاولة منا لتقصي رهانات الثورية وأبعادها الإنسانية، سواء في علاقة ابالبوليتيا»، أو «بفلسفة الأشياء الإنسانية»، من خلال النظر في قيم: العدل، الحرية والمساواة...إلخ. ومع ذلك، فإنه يبقى من الضروري في نهاية هذا العمل، البحث، فيما إذا كان رهان الثورية اليوم، لا يكمن في تلك الأحداث، بل في ما تمثله من زاوية تاريخ النوع البشري، أي بوصفها علامة دالة على تقدم الإنسانية أم أنها قد أدت إلى مراكمات ضروب من البؤس والفظاعات التي يمكن إنكارها.

ISSN: 0330-7565