المصدر: | أعمال المؤتمر التاسع عشر للإتحاد العام للآثاريين العرب : دراسات في آثار الوطن العربي |
---|---|
الناشر: | الإتحاد العام للآثاريين العرب وإتحاد الجامعات العربية |
المؤلف الرئيسي: | صويلح، عبدالعزيز علي إبراهيم (مؤلف) |
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): | Suwaileh, AbdulAziz |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
مصر |
التاريخ الميلادي: |
2016
|
مكان انعقاد المؤتمر: | المنصورة |
رقم المؤتمر: | 18 |
الهيئة المسؤولة: | الإتحاد العام للآثاريين العرب وإتحاد الجامعات العربية |
الشهر: | نوفمبر |
الصفحات: | 224 - 251 |
رقم MD: | 947501 |
نوع المحتوى: | بحوث المؤتمرات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
تتميز شواطئ الخليج العربي الغربية بإمكانية قيام مستوطنات فيها لعدم وجود موانع بين الساحل واليابسة، وقد أتاحت هذه الخاصية قيام عدة مراكز منذ أقدم العصور، بحيث طورت قدراتها وإمكانياتها مستفيدة من البحر وشؤونه، ومنها مستوطنات ساحلية وأخرى على الجزر المتناثرة على مقربة من الساحل، حيث كشفت عنها التنقيبات في المنطقة المحصورة ما بين حدود الكويت شمالا وساحل دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان جنوبا، ويعود الكثير من هذه المستوطنات إلى العصر الحجري الحديث. ولقد كشفت أعمال التنقيب والحفر الأثري بأن الإنسان في هذه المنطقة استغل وبشكل صحيح ما وفرته البيئة من إمكانيات الاستقرار، فالمستوطنات المكتشفة قرب السواحل كان قاطنوها يبنون بيوتهم بمادة قابلة للاندثار والتلف، وربما من سعف النخيل والتي تشبه ما يعرف اليوم بالعرائش أو العرشان، ومارسوا مهنة ركوب البحر والغوص على اللؤلؤ وصيد الأسماك، أما أولئك الذين كانوا يقطنون قرب منابع المياه فقد مارسوا الزراعة مع بساطتها، كما أنهم اشتغلوا بالتجارة وبرعوا فيها فأنشئوا لها موانئ بحرية، أصبحت مركزا لتوزيع السلع التجارية بين جنوب بلاد الرافدين وحتى وادي السند على طول الخط التجاري البحري، ومن أشهر تلك المراكز التجارية والتي ذكرت في الكثير من النصوص السومرية والأكادية خلال فترة منتصف الألف الثالث وحتى النصف الثاني من الألف الأول قبل الميلاد، مركز حضارة دلمون(Dilmu)، ويعتقد عدد كبير من الباحثين جازمين بأن جزر مملكة البحرين والبر المقابل لها هي في الواقع مركز حضارة دلمون. وسوف أسلط الضوء من خلال هذه الورقة على ما تم معرفته حول حضارة دلمون وأصحابها وإسهامها في الحضارة الإنسانية اعتمادا على ما تم اكتشافه من معالم ولقى أثرية تركها لنا أصحابها، وبالتحديد في مملكة البحرين، والتي استعان بها الباحثون والمهتمون بالحضارات القديمة للتعرف على الحضارة الدلمونية على اعتبار كون مملكة البحرين مركزا رئيسيا من مراكز مدن هذه الحضارة، حسبما أكدته نتائج أعمال التنقيبات والاكتشافات الأثرية. يعتمد علم التاريخ بالنسبة لفترات ما قبل التاريخ التي لم يعرف أهلها الكتابة، على ما تحمله المواد الأثرية عبر الزمن من مؤشرات على حضارة عصرها وأساليب الحياة فيها، ومن وجهة ثانية، على ما تكشفه الحفريات المختلفة فيما يخص فنون البناء وطقوس الدفن والعبادة والآلهة ورموزها ومعابدها ومهارات هندسة البناء وأساليب الصيد وأنواع الأكل والشرب ،،،، إلخ. وبغض النظر عن أنواع الآثار والحفريات واتساع المعلومات التي تقدمها وجدتها وأهميتها لا يمكن للمؤرخ المعاصر أن يمارس مهنته بجدية وعلمية دون أن يستثير معطيات ما تقدمه له أعمال التنقيبات والحفريات الأثرية المستمرة، وأن يعيد النظر باستمرار في المعلومات التاريخية السابقة لتلك التنقيبات الأثرية. ولا يعني ذلك طبعا أن كل ما يستنتج من التنقيبات الأثرية هو صحيح ومطابق لحقيقة ما كان يجري فعلا على أرض الواقع، وإنما قد يعني أن ما أبرزته أعمال التنقيبات الأثرية هو أحد أعراض الواقع المعاش حينذاك، على الرغم مما يمكن أن يكون قد خضع له بدليل ما حواه من عناصر سمحت له بالتميز ومقاومة الزمن من عمليات اجتزاء أو تزيين أو انتقاء أو تضخيم،،، إلخ. وليس في هذه العمليات التحويرية للحدث ما يقلق المؤرخ أو ينفره من الرجوع إلى ما تكشفه التنقيبات الأثرية بل على العكس من ذلك، ينكب المؤرخ على ما ينشره فريق التنقيب حول الظاهرة أو العادة أو أسلوب الحياة أو المعرفة أو المهارة محاولا تحديد المنظور الذي منه سلطت الأضواء على الحدث المذكور، ومن ثم يعمل المؤرخ بالتعاون مع عالم الآثار على مقارنة نتائج حفريات فرقة ما بما توصلت إليه أعمال التنقيبات الأثرية التي نفذتها فرقة أخرى حول الحقبة عينها محاولا اكتشاف أكبر عدد ممكن من التقاطعات التي تؤكد المعلومة وتثبت صحة ما توصل إليه من نتائج حول الظاهرة موضوع الدراسة التي يمكن أن ترشده إلى مفاتيح الحضارة التي كانت سائدة، وإلى تركيبة موازين القوى السياسية أو الإمكانيات والظروف الاقتصادية الفاعلة التي أدت إلى ذلك الحدث. من هنا، يرى أن عنوان البحث يطرح بطريقة غير مباشرة إلى جانب هاجسه الأساسي والعلني، قضايا ضمنية أخرى لا تقل أهمية عن موضوع اهتمامه الأول. وبعض هذه القضايا ما يزال يثير جدلا كبيرا في أوساط المهتمين بالعلوم الإنسانية، فإذا كانت القضية الكبرى بالنسبة للبحث الحالي؛ هي معرفة ما تم التوصل إليه من حقائق حول الدلمونيين أنفسهم وطرق تكيفهم مع البيئة التي استقروا فيها من خلال رصد الإضافات المعرفية التي أتت بها أعمال التنقيبات الأثرية في مملكة البحرين حول حضارة دلمون والتي مورست خلال نصف قرن على أرض المملكة؛ فإن من القضايا الأخرى التي قد تنبثق بصورة طبيعية عن عمليات الرصد المذكورة، نذكر قضية التأريخ وموضوعيته من جهة؛ وقضية وثوقية ومصداقية مصادر المعلومات التي يستند إليها المؤرخ وعالم الآثار من أجل إعادة تركيب الحقيقة، ورسم تصور شبه متكامل لنسق دورة العمل الخاصة بالمجتمع أو بالمؤسسة التي تهمه من جهة أخرى. ومن ضمن هذا السياق، تبزغ أسئلة عديدة منها مثلا: هل ما توصلنا إليه حاليا وما سنعرضه من خلال هذا البحث حول ما نعرفه عن حضارة دلمون من خلال المكتشفات الأثرية في مملكة البحرين، مطابق فعلا لما كانت عليه حياة الناس في الحقبة الزمنية المدروسة؟ أم هل الإضافات التي قدمتها نتائج أعمال التنقيبات الأثرية تتناول عناصر أساسية تغير في جوهر المعرفة التاريخية الأساسية حول هذه الحقبة المدروسة؟ أم إنها مجرد تفصيلات تضيء بعض المساحات الخارجية التي لا تمس الأساسيات؟ ومهما كانت الأجوبة عن هذه التساؤلات، تبقى العناصر المعرفية الجديدة التي أتت بها أعمال التنقيبات الأثرية المختلفة التي نفذت في المواقع الأثرية بمملكة البحرين -بغض النظر عن نوعها وكمها وعمقها -إحدى الإضافات الضرورية لاستكمال معرفتنا بحضارة دلمون. |
---|