المستخلص: |
لا أحد ينكر مدى إسهام الجاحظ (٢٥٥هــ) في إغناء التراث الأدبي العربي بعدد من المصنفات، وقد اتسم مجمل أعماله هذه بنزعة عقلية، لا سيما أن عصره تميز بحضور مكثف لقضايا الجدل، دون أن ننسى أثر مذهب الاعتزال الذي يؤمن بالعقل بدل النقل- في فكر الجاحظ، فليس من الغريب أن نجد هذا الملمح العقلي، وهذا النزوع الواقعي العقلاني في جل كتاباته، خصوصا اعتماده على «الشك» وسيلة منهجية في تحليله لمختلف القضايا والأخبار والروايات المنقولة؛ وذلك بحثا عن اليقين والحقيقة، ووفق قالب إبداعي يتسم بصبغة أدبية وجمالية. لقد عرض الجاحظ لمكانة الشك وأهميته من الناحية النظرية، وهي آراء تتقاطع مع آراء بعض الفلاسفة اللاحقين الذين نظروا «للشك»، كالإمام الغزالي و(ديكارت). فنزوع الجاحظ إلى هذا المبدأ يرتكز على أساس عدم التسليم المطلق، وجعل «الشك» طريقا لليقين، بحيث لا يسلم بأي أمر أو خبر إلا بعد أن يمحصه ويختبر مدى صحته.
|