المصدر: | شؤون عربية |
---|---|
الناشر: | جامعة الدول العربية - الأمانة العامة |
المؤلف الرئيسي: | الكواكبي، سلام (مؤلف) |
المجلد/العدد: | ع177 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
مصر |
التاريخ الميلادي: |
2019
|
الشهر: | ربيع |
الصفحات: | 60 - 69 |
ISSN: |
1687-2452 |
رقم MD: | 957243 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | EcoLink |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
الاتحاد الأوروبي يتعرض إلى خطر انقسامات جادة وليس البريكسيت أهمها. ففي الهيكلية الداخلية للاتحاد، أساءت عملية توسيعه إلى الشرق من أوروبا للمشروع أكثر من إفادته. وعلى الرغم من رمزية هذا الانضمام والانفتاح المتمثلة بانتقال تاريخي صادم لدول كانت تحت سيطرة موسكو إلى معسكر العالم "الحر"، إلا أن تكاليف هذا التوسع كانت باهظة وربما تجاوزت النتائج الإيجابية له. كما أن البنية السياسية لهذه الدول حديثة العهد بالديمقراطية لعبت دوراً مهماً في التأثير على السياسات الأوروبية الداخلية من حيث تعزيز أحزاب اليمين المتطرف، كما تطوير مسار الرهاب من الإسلام خصوصاً ومن المهاجرين عموماً وتحميلهم ما لا يُحتمل من مآسي الاقتصاد إن هي وقعت. كما يبدو أن التأثير الروسي سياسياً على الأقل، ما زال قائماً في الكثير من عواصم هذه الدول وقياداتها. وقد أثر ذلك أيما تأثير في التصويت على مواقف أوروبية في السياسات الخارجية. وفي النهاية، فملف الفساد الممنهج في تلك الدول يبقي عائقاً أمام بروكسل في إنجاح السياسات الاقتصادية والمالية الموحدة للاتحاد. ويجد الأوروبيون أيضا أمامهم تحديين كبيرين يتمثلان بروسيا فلاديمير بوتين وأميركا دونالد ترامب، عدا عن الجزئيات الإقليمية المقلقة والتي هي مبعث على تطوير عملية اللجوء والهجرة إلى أوروبا أساساً قبل أية منطقة في العالم. وكما استعرضنا، فسياسات موسكو ليست ودية تجاه المؤسسة السياسية الأوروبية. ويُنقل عن بعض المقربين من الكرملين أن هدف بوتين الأساسي من سياساته الأوروبية العودة بالأوروبيين إلى ما قبل إتمام عملية بناء البيت الأوروبي انتقاماً منه، ومن يفكر مثله، من تفكيك الاتحاد السوفييتي، معتبراً بأن الأوروبيين لعبوا دوراً أساسيا فيه. كما يسعى دونالد ترامب إلى تحجيم القوة الاقتصادية الأوروبية متجاوزاً مسألة التحالف التاريخي والمصالح المشتركة كما في علاجه لمختلف الملفات انطلاقا من مصالح قصيرة الأجل لأميركا التي يتصورها كبائع عقارات متمكن. ابتعد الأوروبيون أيضا عن "قيمهم" في العدالة الاجتماعية ودعم مسارات التحرر والدمقرطة والدفاع عن حقوق الإنسان. فصرنا نجد أن السياسات الأوروبية تميل أكثر إلى ما يسمونه "استقراراً أمنياً" و"وقف الهجرة" في علاقاتها مع دول الجنوب. فهي بالتالي ستتغاضى عن الانتهاكات المؤسسة لحقوق الإنسان في تلك الدول، لا وبل فستقوم بعض الدول الأوروبية كفرنسا وإيطاليا، ببيع الأسلحة الفتاكة إلى عدد من الأنظمة التي تقتل من المدنيين ما يمكن له أن يوقظ الضمائر النائمة في الحكومات الغربية ولكن لا حياة لمن تنادي. في السنوات القليلة القادمة، هناك تحديات عدة تواجه وستواجه المشروع الأوروبي، فإن صمد البيت ولم ينهار خلال الأشهر القليلة القادمة، فديناميكيات مؤسساته وقدرات مجتمعاته المدنية الموحدة أو المنفصلة، ستكون حجر الأساس في عملية إنقاذ المشروع ودعمه في مواجهة من يسعى إلى تخريبه ولو سياسياً. فما تتعرض له أوروبا في أوضاعها الداخلية وفي موقعها الدولي ليس نهاية العالم. ولا يمكن أيضا اعتبار الأزمات الحالية وكأنها من أقسى ما واجهته أوروبا، فقد سبق للمشروع الاتحادي أن واجه عوائق عدة في ماضيه القريب. كما أن انتكاسات متكررة عصفت بالبيت الداخلي الأوروبي واستطاع القائمون عليه ومن خلال العمل المؤسسي أن يتجاوزوها بأقل الخسائر. إن تمسك الأوروبيون بمفاهيمهم المؤسسة وتعزيز استقلاليتهم السياسية والاقتصادية عن الأقطاب الخارجية المؤثرة سلبا على مشروعهم سيؤدي إلى إنقاذ البيت من الهدم. وهذه العملية تعود إلى وعي السياسيين الأوروبيين، وهو متوفر، كما أنها ترتكز على إمكانيات اقتصادية هائلة لا يمكن إلا إبداء القلق من شحها النظري أو العملي. |
---|---|
ISSN: |
1687-2452 |