ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







حفظ المقاصد من حفظ النعم: تدبر في القرآن الكريم وقراءة في المقاصد

المصدر: مجلة وحدة الأمة
الناشر: الجامعة الإسلامية دار العلوم وقف ديوبند - مجمع حجة الإسلام للبحث والتحقيق
المؤلف الرئيسي: حفيظي، حكيمة (مؤلف)
المجلد/العدد: س6, ع12
محكمة: نعم
الدولة: الهند
التاريخ الميلادي: 2019
التاريخ الهجري: 1440
الشهر: يونيو
الصفحات: 169 - 200
رقم MD: 998206
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: IslamicInfo
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

45

حفظ في:
المستخلص: من نعم الله عز وجل على عباده أن خلقهم في أحسن تقويم قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ): [التين: 4]، ومن نعمه عليهم أن سخر لهم الأرض وهيأها للإنسان قبل أن ينزله للعيش فيها، وأمره بالإصلاح فيها، ونهاه عن الفساد فقال عز وجل: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) [الأعراف: 56 و85] وقال تعالي: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) [إبراهيم: 33] وقال (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) [لقمان: 20]. كما أنعم الله عز وجل على الإنسان بأن كرمه على سائر خلقه قال عز وجل: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)) [الإسراء: 70]، فاستجابت الملائكة لأمر الله عز وجل، وسجدت لآدم، وعصى إبليس ربه علوا واستكبارا، فأبى أن يسجد لآدم قال تعالى:( وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (60) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62)) (الإسراء: 61- 62). أن نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى قال تعالي: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (18)) [النحل: 18]؛ وكانت الغاية مقابل هذا الخلق القويم، والتسخير العظيم، والنعم غير المحدودة، إفراده عز وجل بالعبودية، وعدم الإشراك به، وطاعته كما أمر أن يطاع، ليجزيه عن كل ذلك في دار القرار والنعيم جنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر عل قلب بشر قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)) [الذاريات: 56]، فانظر إلى آثار رحمة ربنا علينا، وانظر إلى بعض أسرار حكمته من خلقه، وهي تحقيق الاستخلاف عل الأرض بتحقيق وجهيه: العبادة، والإعمار؛ فهو عز وجل لا يريد من عبده رزقا وما يريد أن يطعموه فهو المتفضل بالنعم، المغني الرزاق، الغني عن عباده قال تعالى: (مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)) [الذاريات: 56 - 58] قال الحافظ ابن كثير في تفسير معني الآية: "أن الله تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم؛ فهو خالقهم ورازقهم" (1)، وفي حديث قدسي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه عز وجل: "يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك"(2). إن الإنسان يصبح ويمسي وهو يستمتع بنعم الله التي لا تحصى، وخيراته التي لا تنضب وعلى رأسها نعمة الهداية؛ فهي أكبر نعمة، بشكرها ينال الرضا في الدارين، ونذكر من بقية النعم: نعمة الخٌلق، ونعمة الخُلق، ونعمة العقل، والسمع والبصر والنطق والحس، والصحة، والأمن، والنسل، والمال الخ، قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)) [البقرة: 164]، ثم جعل الله كل هذه النعم مسخرة لهذا الإنسان، يستمتع بها في حدود ما أمره به وأحله له، وينتهي عما نهاه عنه وحرمه عليه، أفلا يكون عبدا شكورا؟!. إن الحديث عن المنعم وعن نعمه حديث تنأى الجبال عن حمله، فكيف بمن يعتريه النقص والضعف؟. ونحن إذ نكتب في هذا الموضوع، فإننا نعي حجم التقصير الذي يعترينا، لكن مع ذلك فإن ما لا يدرك كله لا يترك جله، يدفعنا إلى الكتابة في هذا الموضوع، فشو التبذير في استهلاك النعم واستغلالها بين أفراد الأمة، والله عز وجل ذكر في كتابه العزيز، من صفات عباده، التوسط والاعتدال في الإنفاق قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67)) [الفرقان: 67]، إنه بحث يعنى بالكلام عن علاقة حفظ القاصد بحفظ النعمة: تدبر في القرآن الكريم وقراءة في القاصد؛ إذ من خلال نظرة وتمعن في مقاصد الشريعة، تبين لنا أنها تصب كلها في معنى حفظ النعمة، فكيف تكلم القرآن الكريم عن النعمة؟ وما هي حدود الاستمتاع بها شرعا؟ وما علاقة حفظ المقاصد بحفظ النعمة؟. للإجابة عن هذه الإشكالات وأخرى، رأينا تقسيم الموضوع بعد المقدمة، إلى ثلاثة مباحث: خصصنا الأول منها لبيان بعض المفاهيم ذات العلاقة، والثاني لتدبر حفظ النعمة في القرآن الكريم، والثالث لقراءة ذلك في المقاصد، وهي خمسة: حفظ الدين، وحفظ، العقل، وحفظ النفس، وحفظ النسل، وحفظ المال، أضفنا إليها حفظ الكون، لا نعرف إن كنا مسبوقين إلى الكلام عنه؟.