ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







مرتكزات التربية الأخلاقية في عصر متغير

المصدر: مجلة الطفولة العربية
الناشر: الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية
المؤلف الرئيسي: وطفة، علي أسعد (مؤلف)
المجلد/العدد: مج 13, ع 49
محكمة: نعم
الدولة: الكويت
التاريخ الميلادي: 2011
الشهر: ديسمبر
الصفحات: 87 - 105
DOI: 10.29343/1/0130-013-049-006
ISSN: 1606-1918
رقم MD: 113796
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: EduSearch
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

350

حفظ في:
المستخلص: تبين الملاحظات الجارية في الحقل التربوي أن الأنظمة التربوية القائمة ما زالت قصية عن تحقيق التوازن الأخلاقي المنتظر. فالتربية السائدة في بلداننا نركز على المهارات دون الاهتمام بتربية الروح والقلب والقيم. وهذا النوع من التربية يزود المجتمع بالخبرات والمؤهلات العلمية دون أن يركز على الجوهر الأخلاقي. ومن أجل تقديم تصور أعمق حول هذا التفكك في التربية الأخلاقية علينا أن نتساءل على سبيل المثال وليس الحصر، من أين يأتي هؤلاء الخبراء والمبرمجون في مجال الحاسوب الذين يوظفون قدراتهم الإبداعية في اختراع (فيروسات) تعمل على تدمير النشاطات الإنسانية والمؤسسات العامة وتعطيل بنوك المعلومات في مختلف أنحاء العالم، ومن أين يأتي هؤلاء الفنانون المبدعون الذين يروجون للعهر والعنف والمخدرات، وبكل بساطة نقول: إن السبب في ذلك هو غياب ثقافة القلب والضمير، ولأن عالمنا المعاصر يعاني من آثار الأنانية وفكك الأسرة، وهذا كله قد أدى إلى تراجع القيم الأخلاقية في هذا العالم المريض بالجشع والمتخم بالأنانية والوحشية. وهنا يتوجب علينا أن نعلن صراحة بأن إحياء القيم في المجتمع واجب تربوي، وهو يشكل أحد أهم وأخطر التحديات التي يواجهها القرن الحادي والعشرون، فالتربية الحقيقية، التي تتناغم مع متطلبات هذا العصر واحتياجاته، تتمثل في بناء الروح، وتشكيل الضمير، وصقل الإنسان بالقيمة الأخلاقية صقلاً يطرد صدأ الأنانية وأدران الجشع، ويغسل القلوب بماء المحبة، ويطهر العقل بنور المعرفة الإنسانية، أي: المعرفة التي توضع في خدمة الإنسان، لا في مواجهة طموحاته وأحلامه. فازدهار المجتمع وتقدمه يقوم على أساس المواطنة الحقيقية لأناس صقلوا أنفسهم بالقيم الأخلاقية، فآمنوا بدورهم الإنساني الخلاق في عملية بناء مجتمعهم، وأدركوا القيمة العليا لمسألة الواجب والضمير والمبادئ الأخلاقية، واهتدوا بها في مسار حياتهم لتأدية رسالتهم الإنسانية الخلاقة. وهؤلاء الرجال الذي تشبعوا بالقيمة الأخلاقية لن يسمحوا يوماً لأنفسهم بتقديم مصالحهم الأنانية على مصالح شعبهم ووطنهم وأمتهم. إن المعرفة والمواهب بمختلف أنواعها، تفقد تألقها وقيمتها الإنسانية، ما لم تؤصل بتربية أخلاقية تهذب الضمير، وتحيي القلوب، وتنير العقول. فالضمير الإنساني يشكل في جوهر الأمر نور الهداية الذي يوجه المعارف والعلوم والخبرات والكفاءات، ومن غير القيمة الأخلاقية فإن هذه المعارف قد تشكل خطراً على المجتمع يفتك بمقدراته ويدمر طاقاته الإنسانية. فلا قيمة لمعرفة من غير ضمير، ولا معنى لموهبة من غير قيمة أخلاقية، ولا أمل يرتجى من هذا وذاك إلا في دوره إيمان راسخ بالقيم الأخلاقية للحياة الإنسانية. فالتجارب، وما أعمق دلالاتها، تبين بوضوح كبير أن السلوك الإجرامي يبدأ من مشكلات صميمية لعائلات مفككة، وأن الإبداع والحب والبناء والسلام ينطلق من بوتقة أسرة سعيدة متوازنة بمكوناتها ووظائفها الأخلاقية. وبالنتيجة يمكن القول: إن المجتمع المزدهر يتشكل من مواطنين حققوا نضجهم الأخلاقي، وصقلوا قلوبهم بالحب، وضمائرهم بنور المحبة والإيمان بالله والقيم الإنسانية الخلاقة، وهؤلاء هم الذين وجدوا في أحضان أسرهم المحبة والقيم، وتذوقوا طعم السعادة في كنف محبيهم. فالتربية الأخلاقية الحقة يجب أن تأخذ بين حناياها بعدي الجسد والروح، كي تستطيع أن تطلق الشباب إلى مناهل الحرية والعمل والبناء، إنها التربية الأخلاقية التي تنهض بجناحيها: الروح والجسد، من أجل تكوين أجيال تتمتع بالقدرة على مواجهة التحديات وتقرير المصير. فالجذور الحقيقية للسعادة الإنسانية تضرب أوصالها في منبت الشخصية، وتتشكل في الأوساط العائلية التي تتميز بدفئها وثرائها العاطفي. والسعادة التي يمكن أن تصدر من الثراء المادي ومن الثراء العلمي لا يمكنها أن تتحقق إلا من خلال البعد الأخلاقي الذي يومض بالجمال والحق والخير في أحضان الأسرة المحصنة بالقيم الأخلاقية والتدفق الإنساني.

ISSN: 1606-1918
البحث عن مساعدة: 810882