المستخلص: |
عهد المشرع المغربي لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة مهمة القيام بالرقابة الجمركية وحماية الاقتصاد الوطني. ومن أجل تحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية والمالية، لن يتأتى إلا بتجاوز إشكالاتها سواء المتعلقة بالجانب التشريعي والحقوقي، أو تلك المتعلقة بالإشكالات العملية التي تنتج أساسا عن عدم وضوح بعض المقتضيات الواردة في مدونة الجمارك وخروجها عن القواعد العامة، على اعتبار أن الهاجس الذي يحكم المشرع الجمركي عند سنه للقواعد الإجرائية، يكمن في تسهيل وتبسيط المسطرة لفائدة إدارة الجمارك، الأمر الذي انعكس سلبا على المبادئ المؤطرة لحق الدولة في العقاب، وذلك بتحكم إدارة الجمارك في الدعوى الجمركية وتوجيهها في إطار ما يخدم مصالحها فقط -أي البعد المالي- مما يؤدي إلى الضرب بعرض الحائط لجميع الحقوق والحريات الفردية المنصوص عليها دستوريا. ولا شك أن مبدأ فصل السلط، يعتبر من المبادئ العامة والدستورية لحق الدولة في العقاب مفاده أن السلطة القضائية هي المختصة في فض النزاعات دون تدخل أية جهة، وهو ما كرسه الدستور المغربي في بابه السابع، إلا أنه في ظل الخصوصية القانونية والعملية للقانون الجمركي في شقه الزجري يصير هذا الاستقلال محدودا حيث أصبح الاختصاص القضائي في تحريك الدعوى الجمركية يتقاسمه القضاء مع إدارة الجمارك، بل حتى بعد إقامة الدعوى من طرف النيابة العامة، فإن إدارة الجمارك تصبح هي المتحكمة في مسارها، ذلك أن تصالح الإدارة مع المتهم يؤدي إلى سقوط الدعوى المقدمة من طرفها، وبالتالي سقوط حق الدولة في العقاب وحق القضاء في ممارسة مهامه الدستورية. كما يؤدي تخويل إدارة الجمارك سلطة تقدير مدى ملائمة إبرام المصالحة من عدمها، وتحديد مبلغ الجزاء التصالحي تبعا لسلطتها التقديرية إلى خرق مبدأ أساسي من المبادئ العامة للتشريع الجنائي، ألا وهو مبدأ استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية المنصوص عليها دستوريا، بحيث يجعل الإدارة تحل محل القضاء في فرض العقاب، وتكييفه وفقا لظروف المخالف، مما يفيد بأن اللجوء إلى المصالحة الجمركية ضروري لإدارة الجمارك وهي الأصل، والقضاء هو الاستثناء. لذلك نقترح على المشرع المغربي أن يحرك عجلة التغيير من جديد، وأن يجعل مبدأ قرينة البراءة وكذا مبدأ الاقتناع للقاضي غايتان يجب إقرارهما حتى نكون قد أشرفنا على تكريس مبادئ المحاكمة العادلة.
The Moroccan legislator entrusted the Department of Customs and Indirect Taxes with the task of carrying out customs control and protecting the national economy. In order to balance economic and financial interests, it can only be achieved by overcoming their problems, whether related to the legislative and human rights aspect, or those related to practical problems that result mainly from the lack of clarity of some of the requirements contained in the Customs Code and its departure from the general rules, considering that the obsession that governs the customs legislator when enacting procedural rules lies in facilitating and simplifying the ruler for the benefit of the customs administration, which has had a negative impact on the principles of the state's right to punishment, as well as the control of the customs administration. In the customs suit and its guidance within the framework of what serves its interests only i.e. the financial dimension, which leads to a flouting of all the individual rights and freedoms stipulated constitutionally. The principle of separation of powers is one of the general and constitutional principles of the state's right to punishment that the judiciary is competent to resolve disputes without interference from anyone, which was enshrined in the Moroccan Constitution in Its Seventh Section, but under the legal and practical privacy of the law.
|