ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







أسلوبية التوظيف النفسي للأوامر العبادية في القرآن الكريم

العنوان بلغة أخرى: Psychological Recruitment Stylistic for Worship Orders in the Holy Quran
المصدر: مجلة أبحاث ميسان
الناشر: جامعة ميسان - كلية التربية
المؤلف الرئيسي: العبادي، صباح عيدان حمود (مؤلف)
المجلد/العدد: مج16, ع32
محكمة: نعم
الدولة: العراق
التاريخ الميلادي: 2020
الشهر: كانون الأول
الصفحات: 101 - 119
ISSN: 6622-1815
رقم MD: 1287623
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: EduSearch
مواضيع:
كلمات المؤلف المفتاحية:
الأسلوبية | التوظيف النفسي | الأوامر العبادية | القرآن الكريم | Stylistic | Psychological Employment | Orders of Worship | The Holy Quran
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

21

حفظ في:
المستخلص: يهدف كل خطاب في أسلوبه وبيانه لتحقيق مقاصد مبدعه، وهو في كل مستوياته له قصدية التأثير على المتلقي لينفعل به، ويثير فيه مكامن تلك المقاصد؛ ويحرك النفس المتلقية التي هي مجموعة ((القوى الكامنة في الجسم الإنساني، والتي هي مجمع عواطف الخير ونوازع الشر، ومستقر الغرائز والنزاعات والعواطف والشهوات المحركة لهذا الجسم المادي في تصرفه واتجاهاته)). وهي تحتاج إلى مثيرات مختلفة لتنفعل بها وتوجهها نحو مراد القاصد الذي يريد أن يكون موجها لها. وقد توجهت الدراسات اللغوية الحديثة ولا سيما البحث الأسلوبي إلى البحث اللغوي النفسي وإصدار قوانين عامة لتفسير السلوك الإنساني تجاه العبارات اللغوية المنطوقة، فاتجهت إلى بيان ((ما يربط الجهاز العصبي والجهاز النطقي كما يعمل على كيفية تحويل المتحدث للاستجابة إلى رموز لغوية)). وتحتاج النفس الإنسانية في وجودها وفي جميع مستوياتها العقلية إلى مثيرات داخلية، تحركها إلى أنماط من السلوك الفعلي أو العاطفي، وهو ما يجعلنا نتمسك بتعريف الدلالة النفسية التي عرفت بأنها ((تلك الملامح والإشارات التي تنعكس على النفس الإنسانية؛ فتحدث فيها استجابة معينة، سواء أكانت لفظية أم حركية، إرادية أم غير إرادية)) وتعد أسلوبية الخطاب ونسقه في زمان إبداعه ومكان ولادته، من المؤثرات النفسية المهمة؛ لذا ينبغي لهذا الخطاب أن يمتلك القدرة الأسلوبية على تثوير انفعالات النفس وتوجيهها في مسارات محددة، وتوظيفها في معرفة النمط السلوكي الذي ينبغي عليها أتباعه. والأسلوبية النفسية على وفق تعاملها مع النص البشري، ترى أن الأسلوب ((قادر على إدراك كل ما يتضمنه فعل الكلام من أساليب أصلية تتوفر على عناصر الفرادة أوجدتها طاقة خلاقة منبثقة من نفس مبدعه وتفرده في الإلقاء وقدرته على القول وتمكنه من التعبير))، فهي بهذا المعنى تمثل دراسة السيرة الذاتية للمبدع، ولكي تترك الأثر النفسي في أذهان المتلقي لخطاباتها وتوظف هذا الارتباط والمقامات التي حصلت عليها توظيفا حسيا ونفسيا؛ لينفعل بها المخاطب في كل زمان ومكان، وتحيل الاستجابة لقدرته على معرفة الحقائق، فكل حدث يحدثه النص يكون أثره في النفس الإنسانية، والذي لا شك فيه أن هذا إنما ينطبق على الخطابات البشرية التي يراد منها إثارة النفس القريبة منها في التكوين والخلقة. وقد تكون هذه المثيرات نافعة ومؤثرة، وقد لا تكون كذلك. أما نحن في هذه الدارسة أمام نص فريد لمبدع متفرد في إبداعه وخلقه للنص ومتلقي النص، فالنص القرآني نص سخره مبدعه مستهدفا المتلقي في جميع مستوياته، ليكون طريق هداية، يهدي به من يشاء من عباده، وهو كذلك هدى للمتقين، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فهو يهدي للتي هي أقوم، وهو كذلك حريص على أن ينظم علاقة المتلقي بالمبدع، وتعاملاتهم فيما بينهم، وذلك في منظومة خطابية متكاملة استوعبت جميع مكامن الإبداع، وقوة الإثارة، فاستعملت اللغة في جميع مستوياتها التواصلية والإبلاغية أثناء الكلام وبعده، محاولة توظيف نفس المتلقي بوساطة فن الخطاب ونوع الأوامر، لتتقبل النص وملازماته وعن طريق ما أسميناه بالتوظيف النفسي، الذي يعني في بعض تعريفاته: ((مجموعة الانفعالات التي تؤثر في النفس، وتسيطر على القوى الشعورية عند الإنسان، فهي وظيفة داخلية تسرح مع أعماقه وتمتلك عليه عواطفه... وتقفز إلى سريرته فتعالج آمالها ومخاوفها، وتصور بأسها ورجاءها، تدعو إلى الإنذار تارة، وإلى التبشير تارة أخرى، وإلى التحذير ثالثة)). وفي ضوء هذا التعريف؛ يمكننا أن ننطلق لبيان كيفية إثارة هذه الانفعالات عن طريق النص، الذي طوى في حروفه ومفرداته معالم تنظيم هذه العواطف، وقد تم ذلك عن طريق وضع منظومة عبادية متكاملة تجمع بين التكامل البدني والتكامل الروحي، جاءت مسبوكة على شكل دفعات منتظمة ومتدرجة من الأوامر والنواهي، مشحونة بقيم نفسية تجمع بين الترغيب في تحسين الصلة بين العبد وربه من جهة، والترهيب من مخالفة الانضباط من جهة أخرى؛ وذلك عن طرق الوعد في الحصول على الأجر والثواب، أو الوعيد بإيقاع العقاب، وكلاهما عاملان مهمان في تحريك النفس الإنسانية وتوجيهها إلى مآل صاحبها بعد الحياة إلى حياة أخرى، تكون فيها أبدية وسرمدية في مرحلتين غيبيتين، حتمية تحققهما أثبتتها تجارب البشر وهو الموت وترك دنيا فانية والإيمان بوجود آخرة خالدة. من هنا رأى الباحث أن يتابع هذه المنظومة العبادية في النص القرآني ويقرأها قراءة أسلوبية على وفق السياق الذي قيل فيه النص، وبيان الوظيفة النفسية لهذه الأوامر وأثرها في المتلقي، وبيان مدى نوع الاستجابة ودرجاتها من أجل أن يكون الخطاب مكتملا بين المبدع والمتلقي. وهو ما قصده الباحث هنا من مصطلح أسلوبية التوظيف النفسي، فالنفسيون ينظرون إلى أن قراءة الأسلوب نفسيا من أهداف فهم النص، والقراءة النفسية تعمق فهمنا للعمل الإبداعي. فالتوظيف النفسي الذي يقصده البحث هنا: هو عملية التأثير بين ما يقوله منشئ الخطاب- بما يحمل من لغة نفسية مؤثرة- وما يولده من ردة فعل عند المتلقي. ((فإن الظواهر النفسية لا تعدو أن تكون قوى خفية داخل الإنسان تعمل على تحريك ظاهره؛ لكي يتخذ سلوكا معينا يتناسب مع الباعث الداخلي))، وهذا الباعث يحتاج إلى ما يثيره؛ فتكون ((الاستجابة حيال مثير معين)). وتتربع اللغة وما يلازمها من سياقات وتداوليات على قمة هذه الإثارات، فهي القادرة على حمل جميع المثيرات ونظمها في نسق أسلوبي مؤثر. والخطاب القرآني الذي جاء بأفصح لغة وبما يحمل من أفق الهداية واستشراف المستقبل؛ كان سببا مهما في توظيف النفس الإنسانية وإثارتها وتحريكها في اتجاهات الهداية والصلاح، وبيان معالم الحق وتهيئة الإنسان لمواجهة الصعاب والصبر عليها، لينفعل بها وبمعالمها الرئيسة؛ ليكون المتلقي المنفعل بهذا الخطاب سببا لحيوية تحركه إلى اتجاهين: الأول: الحركة الطولية بين العبد وربه، وتمثل ما أوجب عليه من تفاعلات تربطه مباشرة مع خالقه والمحافظة على ديمومتها. (العبادات) الثاني: الحركة الأفقية وهي التي تنظم علاقة الإنسان مع أبناء صنفه وجنسه، وما يحيط به من الموجودات. (المعاملات) وإن المتدبر في خطابات القرآن التي خاطب بها الناس جماعات وأفرادا؛ يكتشف فيها أنها تسير في تشخيص حاجة العباد إلى هذا النظام العبادي والعملي، الذي يعرف نقاط ضعفها، ويضع اليد على مكامن قوتها، ومنها يقوي التعريف بالعلة التي خلق الله من أجلها الإنسان وهي العبادة (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وهذه العبادة لا يمكن أن تكون عشوائية أو غير مقصودة؛ بل هي منهج ممتزج بين الفطرة والعلم والمعرفة، ولها علاقة بقدرة المكلف بها. وبين البحث مدى قدرة هذه الخطابات على إثارة النفوس التي

ISSN: 6622-1815

عناصر مشابهة