المستخلص: |
يعبر البرلمان بحسبانه السلطة المنتخبة من الشعب عن الإرادة العامة للأمة وعن السيادة الشعبية ولهذا فإنه يتمتع وفقًا للمبادئ السياسية العامة والدستورية بصلاحيات واسعة في التشريع الذي ينظم بموجبه مختلف نواحي الحياة من اجتماعية واقتصادية وسياسية...إلخ. إن السيادة التي يتمتع بها البرلمان جعلت منه سلطة غير مسئولة عما يلحقه من أضرار تجاه أفراد المجتمع إذ إن السيادة بالإضافة إلى حجج أخرى أقل أهمية، كانت وراء تبرير عدم خضوع البرلمان لأية رقابة قضائية أو سياسية ومعه مبدأ عدم مساءلة الدولة عن الأضرار التي يلحقها القانون بالأفراد مهما بلغت من الجسامة والخصوصية. إزاء ما سبق، فقد ترجم القضاء الإداري موقفه برفض قاطع ونهائي لإمكانية تقرير المسؤولية عما يلحقه البرلمان من أضرار واستقر على هذا النهج لفترة طويلة من الزمن. لكن طرأت تغيرات كبيرة في المجتمع وخاصة في الحياة القانونية والنظرة إلى الحقوق والحريات الفردية وكانت هذه التغيرات تذهب في اتجاه تقييد السلطات العامة وتصب في صالح خانة احترام وتقديس الحقوق والحريات الفردية بالشكل الذي أصبح فيه مبدأ عدم مسؤولية الدولة عن الأضرار الناتجة عن القوانين لا يتلاءم البتة مع التغيرات الجديدة. فقد غزت الأفكار الديمقراطية القائمة على المساواة والعدالة المجتمع وحلت محل الأفكار الاستبدادية والرجعية، كما أن السيادة لم تعد تعتبر مطلقة وإنما ظهر مفهوم السيادة المقيدة بالحقوق والحريات الفردية بالالتزام بأحكام القانون ومساءلتها في حال الخروج على أحكامه. وفقًا لمبدأ المشروعية فإن جميع السلطات بما فيها السلطة التي وضعت القاعدة القانونية ملزمة بها وإلا فإنها يجب أن تسأل، فالقانون سيد الجميع. بناء عليه، فقد قبل القضاء الإداري تقرير مسؤولية السلطة التنفيذية ولكنه لم يكتف بذلك وإنما ذهب إلى حد تقرير مسؤولية السلطة التشريعية عن الأضرار التي تسببها نتيجة القوانين الصادرة عنها إذا ما تحققت بعض الشروط التي تتمثل بعدم استبعاد المشرع للتعويض والضرر الذي يجب أن يكون خاصًا واستثنائيًا.
|