ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







ثقافة الطفل العربي في زمن التحديات : دور التربية العربية في بناء ثقافة المواجهة و الإنطلاق

المصدر: عالم الفكر
الناشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
المؤلف الرئيسي: وطفة، علي أسعد (مؤلف)
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): Watfa, Ali Assad
المجلد/العدد: مج 34, ع 3
محكمة: نعم
الدولة: الكويت
التاريخ الميلادي: 2006
الشهر: مارس
الصفحات: 187 - 239
ISSN: 1021-6863
رقم MD: 137962
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: EcoLink, HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

63

حفظ في:
المستخلص: يعاني الطفل العربي- ثقافة وهوية- نسقا من الإكراهات الاستلابية التي تحاصره، وتضعه في دائرة محنة حضارية تراجيدية ومأساوية. فالطفل العربي محاصر بوضعية تخلف ثقافية تتسم بطابع الشمول والعمق والاستمرار، وهو في الوقت نفسه مهدد بعولمة فضائية متوحشة تستهدف عقله ووجدانه الداخلي. فالتربية العربية بأساليبها الاستلابية تقهر الطفل وتستلبه، وتمنع عليه تفتح إمكانات العطاء والإبداع، وتعمل على تطويعه وترويضه، وتدفعه إلى دوائر السلبية والقصور والعطالة والجمود ثقافيا وإنسانيا. ويأتي دور العولمة الثقافية عبر أكثر أدوات القهر فتكا بالعقل والإنسان لتجهز على الطفل ثقافة ومصيرا، إنها تجهز على ما تبقى من ومض حياة عقلية وروحيه في الأطفال، ثم تعمل بوسائطها على اختزال الأطفال إلى ركام مهزوم من الميول البدائية التي تحول الطفل إلى مجرد كيان ساذج تحركه نوازع الاستهلاك والشهوة والرغبة. فالعولمة لا تشكل وعي الطفل فحسب، بل تهندس منظومة إدراكه للوجود، وتولد فيه الميول الغريزية البدائية، وتقتل في العقل كل إمكانات النظر والتحليل والتأمل المنطقي والقدرة على التفكير المنظم، لأن السيطرة على البشر تبدأ بالسيطرة على عقولهم ونوازع تأملهم وتفكيرهم، وهنا يكمن منتهى الخطر. المعاناة الوجودية للطفل في مجتمع متخلف بأساليب تربوية مدمرة وثقافة مهزومة تمهد للعولمة، وتأتي العولمة فتجهز على ما تبقى من أثر في الإنسان بوصفه جوهرا إنسانيا. فثقافتنا بوصفها ثقافة متخلفة تضعف في الطفل إرادة الوجود وإمكانات الإبداع، والعولمة تجتث البقية الباقية، إن كانت هناك بقية في الإنسان. ومع حجم المعاناة، وحجم الخطر الذي يداهم الطفل، وهو عبر الطفل يداهمنا ويداهم حضارتنا ووجودنا، لا تزال بقية أمل وبصيص أنوار في نهاية النفق. وإمكانات الإنسان في الخروج من المآزق لا حدود لها، لأن العقل لا يمكن أن يسجن إلى الأبد. فرهان التغيير والتأثير في معادلة الوجود الحضاري أمر ممكن ومحتمل ويبقى قائما. في حلكة هذا الظلام الحضاري، وفي زنزانة هذا الحصار الوجودي الذي يعانيه الطفل العربي، ثمة إمكان للنهوض وقلب المعادلة، ونهوضنا الحضاري يجب أن يبدأ بومض العقول الثائرة التي يمكنها أن تغرس روح التغيير والعمل والفعل والإبداع في اتجاه بناء الإنسان الجديد الذي يمتلك القدرة على التجاوب والنهوض. فالبداية في الإنسان ومن الإنسان في الطفل والطفولة. وفي رحلة البحث عن مخرج حضاري وإنساني، نحن مكرهون على تفكيك بنية التخلف ودراسة عوامله، وبالتالي في هذا السياق نحن ملزمون بدراسة العولمة كظاهرة تاريخية، لا ينفع رجمها أو قدحها وذمها، وعلى الأثر توجد لدينا إمكانات واسعة لإعادة النظر في أساليب تربيتنا للطفل وتحرير الطفولة من عوامل جمودها وتخلفها. بقي أن نقول إن التربية التي تسود مجتمعاتنا ما زالت تعاني هيمنة أسطورية لمفاهيم وتصورات أشبه بالخرافات والأوهام، وأنه يجب علينا إزاء هذا التحدي أن نحقق ثورة في المفاهيم التي تتصل بالطفولة وتربية الأطفال، وعلينا أن نقتلع كل الأعشاب الضارة وخضراء الدمن التي نبتت في تربة التربية التي ننتهجها حاليا في تربية الأطفال، وهي تربية تقليدية تدمر وتؤذي وتقتل وتضعف، وذلك بدلا من أن تبني وتصلح وتحيي وتقوي، لأن في التربية الحديثة حكمة تقول: كل ما لا يحيي يميت وكل ما لا يبني يهدم. ومعيار البناء الصحيح، وفقا للتربية الحديثة، هو الوعي والوعي العلمي بأصول التربية الحديثة ومفاهيمها واتجاهاتها ونظرياتها وأسسها السيكولوجية. وتأسيسا على ما سبق، يمكن القول إنه يتعين علينا نحن العرب، في مطلع هذا القرن، الواحد والعشرين، من مفكرين وسياسيين وعلماء وكتاب ودارسين، أن نوجه طاقة إحيائية تنويرية في المجتمع تسعى إلى حماية الأطفال من كل أشكال الاغتراب والاستلاب، وإلى تحصينهم ضد مختلف أشكال التحديات الحداثية التي تداهمهم من دون رحمة في زمن التحديات.

ISSN: 1021-6863