ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







تاريخية العلم : النفي محرك للعلم - نموذج كارل بوبر

المصدر: عالم الفكر
الناشر: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب
المؤلف الرئيسي: تيبس، يوسف (مؤلف)
المجلد/العدد: مج 35, ع 1
محكمة: نعم
الدولة: الكويت
التاريخ الميلادي: 2006
الشهر: سبتمبر
الصفحات: 253 - 316
ISSN: 1021-6863
رقم MD: 138015
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: EcoLink, HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

48

حفظ في:
المستخلص: لقد قصدنا في هذا المقال تبيان فلسفة العلم عند كارل بوبر، التي ليست سوى منطق الكشف العلمي، الذي يقوم على التقدم نحو تفسير أكبر للظواهر الطبيعية. وبذلك كان من الضروري تحديد مفاهيم الموضوعية والصدق والعقلانية عنده. فتوصلنا إلى أن الموضوعية- في رأيه- لا تعني فقط إقصاء الذاتية، ومطابقة العبارات العلمية للواقع، بل تقوم على تصور ميتافيزيقي لعوالم ثلاثة، يمثل "العالم الأول" عالم الطبيعة، والثاني عالم الذوات العارفة، و"العالم الثالث" موضع المعرفة الموضوعية التي استقلت عن مبدعيها. أما منهج هذه المعرفة فهو المحاولة وإقصاء الخطأ الذي يبدأ بالمشكل فيحاول حله، ثم يتلوه إقصاء الخطأ ليبرز مشكل جديد؛ وبذلك تتوالى المشاكل والحلول عن طريق النقاش النقدي أو الاختبارات التجريبية. وقد بان لنا أن منهج المحاولة والخطأ يشبه النظرية الدارونية التي تنبني على التنوع والانتخاب والبقاء للأصلح؛ فالنظرية التطورية في المعرفة تبقي على النظريات الأقل خطأ، والأكثر صمودا أمام الاختبارات، فتجعل من الخطأ محركا للتقدم وللتاريخ. إن فلسفة العلم عند بوبر هي نظرية في الموضوعية المعرفية، التي تنبني على الاختبارات المابين ذواتية للعبارات العلمية، وبالتالي في التقدم نحو مبتغى مفقود هو الصدق التام أو الحقيقة. ولأن كل بحث لا يسعى إلى الحقيقة يبدو فعلا عبثا، فقد فضل بوبر نظرية تارسكي في الصدق، التي تقوم على التقابل بين القضايا والوقائع، كما تبني المنطق الثنائي القيمة. ونظرا لعدم تلاؤم مفاهيم الصدق واليقين مع طبيعة العلم التطورية فقد اقترح بوبر مفهوم رجحان الصدق، الذي يدل على تضمن العبارات والنظريات العلمية للكذب والصدق في الوقت نفسه، مع ترجيح أحدهما على الآخر عند الاختبار التجريبي. فإذا رجح الصدق اقتربت النظرية من الصدق أكثر. وهكذا، وانطلاقا من تحليل مفاهيم الإبطال والتقدم والموضوعية ورجحان الصدق خلصنا إلى أن فلسفة العلم عند بوبر هي فلسفة نفي؛ لأن عاملية هذا الأخير هي التي تحرك منهج المحاولة وإقصاء الخطأ؛ بل إن الانتقال من نظرية إلى أخرى لا يكون إلا بوجود التناقض بينهما. ومعلوم أن التناقض يؤسس على النفي، بل وحتى عندما يتم تجاوز النظريتين المتنافيتين نسقط في الحال نفسه، مما يؤكد أن النفي يحرك تاريخ العلم. وقد ترسخ اعتقادنا في هذا الأمر عندما وجدنا مؤرخين للعلم من أمثال ت. كون و إ. لاكاتوش وم. سير يقرون بتماهي طبيعة العلم وتاريخيته. وبالتالي فكل فلسفة أو تاريخ للعلم لابد أن يتطابق أيما انطباق مع طبيعة العلم. وحيث إن تصور هؤلاء لتاريخ العلوم مبني على الإيمان بالقطائع والثورات والإبدالات، فقد بانت العلاقة التناقصية بين مراحل تاريخ العلم، وهو ما يقتضي ارتفاع الواحدة ووضع الأخرى. حاصل القول إن فلسفة العلم عند بوبر هي فلسفة نفي، وهي تشبه في ذلك إلى حد كبير فلسفة ج. باشلار، ومن ثم فإن التصور التاريخي لمثل هذه الفلسفة هو التاريخ اللامترابط، سواء المباشر أو التراجعي. بعبارة أكثر توضيحا، إن العقل العلمي هو نفسه العلم، وهو كذلك فلسفة العلم وتاريخه، إذ يتطابق المكون والمكون؛ وحيث إن تاريخ العلم هو تصحيحات وتجاوزات للأخطاء فإن العقل العلمي كذلك هو: "مجموعة أخطاء مصححة"، أي أن تعاقب النظريات يبين تنافيها، وبالتالي اشتغال العقل العلمي من خلال عامليه النفي؛ هذا الاشتغال الذي يختصر في أفعال الإبداع بعد الإبطال، والاختراع بعد التقادم، والبناء بعد الهدم، والمعرفة بعد الجهل، والتصويب بعد الخطأ، والثورة بعد الأزمة؛ لذا كانت فلسفته فلسفة نفى.

ISSN: 1021-6863

عناصر مشابهة