المستخلص: |
عندما يتوجه قصد باحث ما لدراسة قضية معينة فإن أول ما يتبادر إلى ذهنه هو عملية تحديد مفهوم هذه القضية موضوع البحث، وباتضاح المفهوم يبدأ السير قدما نحو دراسته. وفي هذا البحث حاولنا إلقاء الضوء على مصطلح «الأيديولوجيا Ideology» وإبراز مدى الخلاف الحاد الذي كان قائما بين المفكرين في تعريفه مع كثرتها وتنوعها. وقد بدا لي أن المصطلح وإن حمل دلالات متناقضة إلا أنه أصبح بين عموم الباحثين أو المثقفين يحمل معنى محددًا إلى حد ما، ألا وهو أن الأيديولوجيا هي: (الفكرة المنظمة)، فتنظيم بلا فكر جسد بلا رأس، وفكر بلا تنظيم يحمله هو محض كلام في الهواء. ثم حاولنا الوقوف على محاولة تعريب هذا المصطلح؛ فأطلق عليه بعض المفكرين مصطلح: (أدلوجة) على وزن أفعولة، وتصريفه وفق قواعد اللغة العربية، ورفض البعض الآخر لهذا التعريب. ثم تحدثنا عن أول من استخدم تعبير "الأيديولوجيا"، ثم تطور مفهوم الأيديولوجيا، والمفاهيم الأساسية لها؛ حيث المفهوم السياسي، والمفهوم الكوني، والمفهوم المعرفي، ثم التعريف بالاستعمالات الرئيسة لهذا المفهوم. وقد أشرنا لتعرض الأيديولوجيا لحملة عنيفة من النقد المعرفي، وهذا النقد لا يمنع من الأهمية القصوى لها؛ فهي لها أبعاد ومفاهيم وغايات، منها البعد الاجتماعي والتاريخي، والبعد الفكري والعلمي. ثم ألقينا الضوء على علاقة الأيديولوجيا بالدين، وعرفنا بوظائف الأيديولوجيا. وقد تتعرض أي أيديولوجية لمأزق أو أزمة، هذا المأزق قد يعصف بها ويدخلها إلى مقبرة الأفكار، وقد تتجاوزه وتتعافى من بعض آثاره. هذا المأزق قد يكون نتيجة لسوء التطبيق، وليس عيبا في الفكر نفسه، وقد تكون الأزمة لأن هناك قصورًا حقيقيا في البنية الفكرية للأيديولوجية نفسها. وتحدثنا عن العلاقة بين الأيديولوجيات والعقل من ناحية وبينها وبين العاطفة من ناحية أخرى؛ إذ أن الأيديولوجيا تمتطي العقل وقت حاجتها له، وتعطيه ظهرها عندما يظهر التبرم بها، بل وتستخدم معه العنف على كافة الأشكال والمستويات. وكان لابد من استبانة العلاقة بين الأيديولوجيا والهوية؛ فكل جماعة تسعى بكيفية واعية أو غير واعية إلى توكيد هويتها، وتعزيز الشعور بأهميتها بمختلف الوسائل المتاحة، والأيديولوجية هي التي تتولى مسئولية إبلاغ هذا السعي إلى غايته. وتكلمنا عن الأيديولوجيات الحمراء العنيفة؛ إذ يحتاج العنف إلى الاحتماء بالحجج العقلانية التي تحكم له، وتسكت اعتراض الضمير أو امتعاضه أو حيرته. والأيديولوجيا هي التي تشكل الرؤية عن الآخر؛ لذلك تحرص الجماعات الأيديولوجية السياسية الواعية والقادرة على تلقين الناشئة سياستها تجاه الآخر عن طريق العناية الخاصة بالمؤسسة التربوية. ثم تحدثنا كيف تكون الأيديولوجية تعبيرًا عن الانتقال من عالم الفلسفة والفكر والذهن، نحو السلوك والبرنامج التنفيذي. ثم ختمنا البحث بالحديث عن الأيديولوجيا والمثالية.
|