المستخلص: |
فكرة البحث وأهميته شهد المجتمع المصري في الآونة الأخيرة العديد من التغيرات السياسية والاقتصادية، وقد صاحب هذه التغيرات تحولات اجتماعية وثقافية برزت في الأنماط السلوكية لطبقات وفئات المجتمع، ومن أبرز التغيرات التي حدثت في المجتمع الاتجاه نحو سياسة الانفتاح الاقتصادي، الأمر الذي أحدث تفاوتا اقتصاديا بين طبقات وشرائح المجتمع فقدت من خلاله الطبقة الوسطى تدريجيا الكثير من مقوماتها الأساسية المستمدة من المعايير والقيم الدينية، نتيجة للاختلال النسبي للعدالة الاجتماعية. وتشكل تلك الأوضاع والتغيرات الاقتصادية أحد الأسباب المهمة والأساسية في تزويج الصغيرات حيث يميل بعض الفقراء إلى تزويج بناتهم في سن صغيرة للتخفيف من المصاريف وتكاليف التعليم خاصة الأسر ذات العدد الكبير من الأطفال وذات الدخول المنخفضة وقد أشارت العديد من الدراسات للحالة الاقتصادية ومستوى الفقر للأسرة كسبب للجوء الأسر لتزويج بناتهم في سن صغيرة كما أن الفقر والجشع يعتبران سببان هامان يدفعان بالأهل لتزويج بناتهم في سن صغيرة بهدف الاستفادة من مهرهن أو التخلص من مسئوليتهن. وباستعراض دقيق للتشريعات الوطنية ذات الصلة في عدد من الدول المختلفة يتبين لنا أن بعض الدول تمتلك تشريعات وطنية متطورة تجرم الزواج القسري للفتيات وتعاقب مرتكبيه، فقد اتخذت العديد من الدول تدابير تشريعية للتصدي لممارسات الزواج المبكر والقسري للفتيات، ومن أبرز هذه التدابير تعديل التشريعات الوطنية من أجل رفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى ١٨ سنة، وحظر ممارسات الزواج القسري للفتيات، وإنزال عقوبات بمرتكبي هذه الجريمة، في حين نجد أن دولاً أخرى لا تمتلك مثل هذه التشريعات. وبذلك تكمن أهمية الدراسة في تزايد معدلات هذا النوع من الزواج، وما يترتب عليه من آثار اجتماعية وصحية، الأمر الذي يتطلب تكاتف الجهات المعنية من أجل مواجهة تلك الظاهرة والحد من تداعياتها، والعمل على وضع التشريعات اللازمة لمواجهة هذه الظاهرة. إشكالية البحث: لا شك أن هذه الظاهرة تمثل انتهاك لحقوق الفتاة والمجتمع على حـــــد سواء، ويترتب عليها العديد من المشكلات الاجتماعية والصحية، ومن ثم اقتضت الضرورة بحث ودراسة تلك الظاهرة في ظل الأزمات المعيشية الحالية من أجل التعرف على الدور الذي يمكن أن يلعبه المشرع الجنائي لمواجهة الآثار الاجتماعية والصحية للأزمات المعيشية. ومن هنا تثور إشكالية الدراسة من خلال التساؤل حول موقف القانون الوضعي والشريعة الإسلامية من الزواج القسري؟ وهل واجهت التشريعات المتعددة مثل هذا النوع من الزواج بنصوص تجريم كافية؟ أهداف البحث: التعرف على مدى كفاية النصوص القانونية الحالية في مواجهة الآثار الاجتماعية والصحية للأزمات المعيشية متمثلة في الزواج المبكر والقسري، من خلال بيان ما يلي: - ماهية الزواج المبكر والقسري. - الحماية الجنائية لمواجهة الزواج المبكر. - الحماية الجنائية لمواجهة الزواج القسري. نطاق البحث: تتمثل الحدود الموضوعية للدراسة في: ارتكازها على مواجهة الآثار الاجتماعية والصحية للأزمات المعيشية متمثلة في الزواج المبكر والقسري وفقا لمبادئ التشريع الإسلامي وبعض التشريعات الجزائية الوضعية المقارنة من أجل إحكام الحماية عند مواجهة تلك الجرائم. منهج البحث: اقتضت ضرورة البحث اتباع المنهج التحليلي المقارن، للوقوف على موقف التشريعات المقارنة وما توصلت إليه من تشريعات مستحدثة أحكمت من خلالها وضع الحماية اللازمة لمواجهة تلك الصورة من الجرائم محل البحث، من خلال المباحث التالية: المبحث التمهيدي: ماهية الزواج المبكر والقسري. المبحث الأول: المواجهة الجنائية للزواج المبكر. المبحث الثاني: المواجهة الجنائية للزواج القسري.
|