المصدر: | علامات في النقد |
---|---|
الناشر: | النادى الأدبى الثقافي بجدة |
المؤلف الرئيسي: | فزازي، عبدالسلام (مؤلف) |
المجلد/العدد: | مج 15, ج 59 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
السعودية |
التاريخ الميلادي: |
2006
|
الشهر: | مارس |
الصفحات: | 219 - 248 |
رقم MD: | 210958 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
قواعد المعلومات: | AraBase |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
لعل الموقف السياسي لـ سعدي يوسف، النابع من النظرة الموغلة في أعماق الواقع العربي المنهزم، جعله ينطلق بحقيقة الإنسان العربي الذي أسكته القمع السياسي، وأقصاه من حرية التطلع إلى كل جديد، بل وشحذ مواقفه الثورية ورؤياه المستقبلية الرامية إلى معانقة آفاق الجماهير الكادحة وتحقيق نضالها. هذه النظرة العميقة يعتبرها سعدي يوسف بديلاً لسياسة الأنظمة العربية الرجعية، والمعادية للمنهج التقدمي الذي يسعى إلى اقتلاع سياسة أبانت وبشكل عميق عن تعميق الهوة بين الطبقات الاجتماعية. هذه السياسة التي قادت الأمة العربية إلى الهزائم التي شهدتها الساحة العربية والتي أرهقت واقع العالم العربي وأدخلته إلى مراحل تاريخية كشفت عن عجز هذه الأنظمة العربية على جميع الواجهات. أكيد إذاً، إن هذه الهزائم جعلت من الوطن العربي رجلاً مريضاً تفاقمت عليه العلل، وأسلمت روحه إلى الهجمات الصهيونية الساعية إلى سياسة التوسع والتوغل في تخوم الوطن العربي، منفذة بذلك لمشروعها الاستعماري التوسعي القديم، متآزرة في نفس الوقت مع الإمبريالية العالمية الهادفة إلى تطبيق غزوها الرامي إلى خلق كيانات استعمارية في الوطن العربي. وسعدي يوسف كواحد من المناضلين التقدميين، استطاع أن يكشف لنا عن موقفه الصريح تجاه هذه الهزائم التي أقصت الإنسان العربي من طموحاته وتطلعاته على مناهضة كل الأنظمة العربية التي أفرزتها الإمبريالية والصهيونية، وأبان عن الدعوة إلى إعادة قراءة حركة التحرر الوطني للعالم العربي... الحركة التي لم تستفد من حركة التحرر العالمية. هذا ما جعله يسعى منادياً إلى معانقة القومية العربية كبديل جذري لمناهضة كل القوى الاستعمارية. فموقفه إذاً مع الوحدة، ومع الثورة والنضال والمساواة والديموقراطية. وفي ظل هذه الحقائق تتحرر الشعوب من زيانيتها، وتعانق السلم والسلام. ومواصلة الثورة هو البديل المرتقب للعالم العربي، وما دونه يبقى عبارة عن تنويم مغناطيسي. أكيد أن الإنسان المقهور عندما يعانق الوحدة كشعار، يكون بالفعل قد عانق الثورة والديموقراطية والحريات الشعبية والمساواة الجماهيرية. وكل قومية تخرج عن نطاق الوطن ككيان مستقل حر، معزز بحدود جغرافية، وأمة متماسكة البيان، متكاملة الأهداف والغايات، وديموقراطية حقيقية ترتبط بالجماهير الكادحة وتخدم مصالحها، بالطبع كل ديموقراطية تخرج عن هذا النطاق، تصير في نظر سعدي عبارة عن أضغاث أحلام لا تستند إلى مشروعية نضالية جماهيرية، وبالتالي لا تصب في المفاهيم المعاصرة للحقوق الإنسانية، ولا تنهل من المحاولات الثورية الرائدة التي تصدر عن منهج عالمي جديد للتاريخ العربي المعاصر. إن القضية الفلسطينية جزء لا يتجزأ من القومية العربية، وهي على كل حال تعتبر على المستوى النضالي، الأسلوب العلمي الفعال لمقاومة الصهيونية في المجال العالمي. ودحض الاتهامات التي توجهها اليهودية العالمية للعرب، وفي هذا الإطار جعلنا سعدي ومن خلال أشعاره نصل إلى حقيقة أن محاولة إبادة الشعب الفلسطيني هي محاولة لإبادة كفاح الشعوب المقهورة، وفي هذه المواقف دلالات على التردد الذي كان ولازال يشوب انطلاقة الفكرة القومية لدى العرب في العصر الحديث. والحقيقة أن فلسطين إن أصبحت جرحاً غائراً في الجسم العربي؛ فالقومية سوف لن تستقيم دعائمها إلا بعلاج هذا الجرح العميق، وبذلك تكون القومية رهينة بقضية هذا الشعب المناضل، وأي محاولة لتأسيس قومية عربية ولا حتى قومية إنسانية عالمية بدون فلسطين، سيكون لا محالة إجهاض للمسار التاريخي العالمي، ذلك أن تحرير الشعوب هو موقف عن تحرير أنفسنا من النظرة الفطرية الضيقة. |
---|