المستخلص: |
أن الثغرات المتجسدة في بنية مؤشرات ((الإرادة القومية)) في دول القارة الإفريقية، تؤكد بحق أن استراتيجيات التنمية المعتمدة على الخارج، المانح أو المقرض، وفقاً لــ ((نظرية المكمل)) لم تؤت ثمارها، على الرغم من استمراريتها على مدار عقود خلت، منذ استقلال دول القارة الإفريقية عن مستعمريها السابقين وحتى الآن، بل إن الدور الخارجي في نموذج التنمية الإفريقية الراهن يتسق، بحق، مع ما طرحته ((نظرية البديل)) من سلبيات، اذا أضحى هذا الدور معرقلاً ومعوقاً حقيقياً لاستدامة التنمية وتراكم رأس المال الوطني في إفريقيا على المدى البعيد. وواهم من يعتقد أن القوى الغربية من المستعمرين السابقين، وغيرهم من الدول الكبرى، يعملون لمصلحة الدول والشعوب الإفريقية، فالكل يتحرك من أجل تحقيق مصالحه وأهدافه الاستراتيجية، الآنية والآجلة، ومن ثم فلا مجال لتنمية مستدامة، بالمفهوم الحقيقي، في القارة الإفريقية إلا من خلال انتهاج مدخل ((أفرقة التنمية))، ولن تستطيع الدول الإفريقية أن توطن تنميتها وتؤسسها بجهود إفريقية خالصة إلا عبر بوابة استقلالية ((الإرادة القومية)). وقد اتضح من عرضنا السابق لبعض مؤشرات محدد ((الإرادة القومية))، في منهج قياس قوة الدولة بمفهومها الاستراتيجي الشامل، مدى الثغرات المتجذرة في بنية ((الإرادة القومية)) لغالبية دول القارة الإفريقية، ومن ثم فإن الاقتراب المناسب للتعاطي مع تلك المعضلة هو ذات الاقتراب الذي انتهجته الخبرة الأوروبية في بناء كيان الاتحاد الأوروبي، وهو الانطلاق من ((التحتي- التكتيكي)) المتفق عليه (الاقتصادي، والزراعي، والصناعي، والتجاري)، إلى ((الفوقي - الاستراتيجي)) الذى قد يختلف عليه (السياسي، والدفاعي، والاستراتيجي)، بجهود ((وطنية - قارية))، تعتمد على شراكات ((إفريقية - إفريقية)) خالصة، مع جعل الشراكات ((الإفريقية - غير الإفريقية)) في حدودها الدنيا، مع حصرها في المجالات المعرفية، والعلمية، والتكنولوجية، بهدف توطين المعرفة النهضوية في إفريقيا على المديين المتوسط والبعيد.
|