المستخلص: |
إن الأزمة التربوية التي تمر بها هذه المؤسسة تعبر عن أزمة الحداثة التي يعيشها المجتمع. والتحول المشوه الذي عرفته في السنوات الأخيرة سوف يتعمق أكثر نتيجة غياب الرؤية العلمية والإرادة الصادقة للدفاع عن هويتها الثقافية الخاصة, وسوف نجد أنفسنا أمام ولادة "التلميذ العالمي" الجديد المتحرر من روابطه الأسرية والوطنية والمجتث (Déraciné) من انتماءاته الحضارية والثقافية.\ لقد فقدت المدرسة اليوم صورتها "المقدسة" في المخيال الاجتماعي التلمذي والمجتمعي, وظهرت صورا جديدة لا تتوافق مع بنيتها ولا تستجيب لنسق اشتغالها وتطورها في المستقبل. لذلك علينا أن نحمي هذه المؤسسة حتى تتمكن من القيام بدورها في الرقي الاقتصادي والاجتماعي, وحتى توفر الكفاءات اللازمة للنهوض بالمجتمع في المستقبل.\ كما إن الوعي بخطورة ظاهرة "العولمة" على نسق تربية الطفل وبناء هويته الثقافية, يدفعنا إلى التنبيه إلى ضرورة حماية مؤسسات التنشئة التقليدية– العائلة والمدرسة– من التفكك والدفاع عن سلطتها التربوية والرمزية وتكاملها في تمثلات الطفل وتصوراته, بحيث نجنبه (الطفل) قبول جميع القيم والمواقف السلوكية دون اعتراض عقلي أو ممانعة نفسية. والرهان على المؤسسة التربوية لنجاحها في المستقبل يتوقف على مدى نجاعة إمكانياتها الثقافية والاجتماعية في الإحاطة بالطفل أولا, وفي المساهمة في التغير الاجتماعي ثانيا.\ إن هذه القيم والمبادئ الغنية بالمعاني النبيلة والأصيلة (الوطنية والإنسانية) يعترضها مشكل عدم تحويلها إلى سلوك فعلي للأطفال يتدربون عليه , ويستبطنونها حتى تصبح مصادر توجيه فعلية في حياتهم اليومية, وأن تتحول إلى طاقة للتغيير في المستقبل. فلا نتوقف عند ترديد معانيها داخل الفصول, بل حتى تصبح جزءا أصيلا في شخصياتهم. إن ذلك هو السبيل الوحيد الذي يؤدى إلى تجسير الفجوة بين هذه القيم كما هي معطاة في "الثقافة المدرسية" وبين الممارسة السلوكية لهذه القيم في الواقع المجتمعي.
|