ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







مقدمة لدراسة القبيلة في العراق في ضوء علم الاجتماع السياسي : بنيتها ، ديناميتها ، دورها السياسي

المصدر: مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية
الناشر: الجامعة المستنصرية - مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية
المؤلف الرئيسي: البكري، ياسين سعد محمد (مؤلف)
المجلد/العدد: ع 30
محكمة: نعم
الدولة: العراق
التاريخ الميلادي: 2010
التاريخ الهجري: 1431
الشهر: ربيع الاول / اذار
الصفحات: 1 - 20
DOI: 10.35155/0965-000-030-001
ISSN: 2070-898X
رقم MD: 324760
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: EcoLink, HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

75

حفظ في:
المستخلص: من خلال العرض السابق نستطيع تحديد الأفكار الرئيسة حول القبيلة في العراق، فهي الوحدة الأساسية والأولية في تشكيل المجتمع العراقي وبالرغم من ظهور وحدات اجتماعية أخرى في أزمان تاريخية لاحقة على القبيلة، كمفهوم الأمة الإسلامية ومفهوم الأمة بشكله القومي، إلا إن تلك الأشكال لم تستطع أن تلغي القبيلة، وتراوحت العلاقة بينهما من التوظيف والاستثمار إلى الصراع، دون أن تستطيع أن منها أن تلغي القبيلة التي بقيت مع كل أشكال التحولات السياسية والاقتصادية والحداثية عنصرا قارا وثابتا في معادلة الوجود الاجتماعي، دون أن يعني ذلك ثباتا في فعاليتها التي تراوحت هي الأخرى عبر التاريخ بين الوجود الطاغي والمهمين إلى الهامشية. لعبت القبيلة عبر تاريخها أدوارا عدة وخطيرة أحيانا، وعلى الرغم من وضوح بنية القبيلة وهياكلها وتقسيماتها بالإضافة إلِى تعدد مستويات الوظيفة التي اضطلعت وتضطلع بها، إلا إن هناك تعقيدا في الديناميات المحركة لها وبالتحديد الديناميات السياسية من ناحية علاقة القبيلة بالسلطة أو الدولة (اقترابا وتأيدا وتحالفا) أو (نفورا واستعداء وصراعا). وعلى ما يبدوا أن هناك نمطية وتواتر تحكم طبيعة الأدوار القبلية وتسير توجهاتها، نابعة من هياكل القبيلة وبنيتها، ومن طبيعة علاقات القرابة التي تربطها، ومن دينامياتها، دون أن يعني ذلك إن هناك اطلاقية ماضوية وجبرية مستقبلية تشكل فيما تشكل جمود لبنيتها وحتمية لدينامياتها. إن الجمود الظاهر للقبيلة لا يخصها فقط بل يتعداه، أو ربما بسبب منه، إلى الجمود في البني الاجتماعية الأكبر وما تتضمنه من بني فرعية محركة أو قائدة كالبنية السياسية أو البنية الاقتصادية وما تولده في تفاعلها من قيم ومحددات للرؤية والفكر والسلوك. حينما نؤكد على عدم قدرة التشكيلات التاريخية اللاحقة للقبيلة كالأمة في مفهومها الإسلامية والأمة في مفهومها القومي الحديث، علِى تذويب وإلغاء القبيلة على الرغم من التعارض المبدئي في توجهات الأطر الأحدث، إلا إن الجمود النابع من البني السياسية المحافظة الديكتاتورية الأحادية، والبني الاقتصادية المتخلفة والريعية تعزز من بقاء القبيلة ولا تسهم في إضعافها بل على العكس تساهم في إنعاشها والتعكز عليها في بناء مشروعها السياسي، فالجمود المتأصل للبني السياسية يشكل عقبة في تفتيت القبلية والبناء على أنقاضها هيكلا حداثيا. وهنا نجد دائما في إطار البنية السياسية من يعيد توظيف القبيلة ونعراتها وعصبيتها لغايات تتعلق بالاستحواذ الأحادي للسلطة وغاية تجميع القوة الذاتية للسلطة في مواجهة خصومها من خلال قاعدة تفتيت الآخرين واستعداء بعضهم على البعض وسياسية الإيحاء بالتقريب للسلطة آو الإبعاد عنها. الدور السياسي للقبيلة أو علاقة القبيلة مع الدولة جاء عبر الفترات التاريخية متأرجحا بين الخروج على الدولة إلى الولاء لها والعنصر الأساس في تحديد موقع القبيلة في هذه المعادلة هي قوة الدولة نفسها، ففي فترات ضعف الدولة وارتخاء قبضتها تكون القبيلة اقرب إلى العصيان والإحساس العالي بوجودها وكينونتها دون أن يصل ذلك الوجود والإحساس إلى درجة أن تنافس الدولة أو تكون هي بذاتها دولة، ومفعول الانقسامية هنا الذي ينحو إلى التقسيم إلى عشائر وأفخاذ وبطون أساس في عدم قدرة القبيلة أن تصبح دولة جامعة للقبائل الأخرى، ولم يتوفر أنموذجا للقبيلة الدولة في العراق، وربما كانت هناك محاولات لهيمنة قبيلة على الدولة، ولكن تلك المحاولات لم تكن نابعة من آليات قبلية وهيمنة تلك القبيلة وتمددها بفعل عوامل موضوعية كقوة القبيلة نفسها قياسا إلى القبائل الأخرى، وبالتالي إخضاعها، بل إن تلك المحاولات كانت عبارة عن نزوع رأس الدولة (التي تشكلت بعوامل حزبية وانقلابية لم تكن للقبيلة دور فيها) إلى قبيلته لأغراض أمنية بحتة. الدينامية الانقسامية أساسية في القبيلة التي تنشطر دائما إلى عشائر ثم بطون وافخاذ وهو المسار الشائع الذي تستثمره الدولة في فترات ضعفها لخلق توازنات تمكنها من السيطرة والبروز ثانية كشكل مهيمن وقوى. القبيلة كوحدة أساسية وأولية تخترق الأشكال الدينية والطائفية، والدينامية الانقسامية في حركتها كانت جوهر الحراك الأمريكي في تفتيت الفضاءات الطائفية لعراق ما بعد الاحتلال، وجوهر حركة رئيس الوزراء نوري المالكي في تبني مجالس الإسناد العشائرية التي تمكنه من إضعاف خصومه السياسيين الذين يمتلكون ميلشيات مسلحة، وتمكنه حسب رؤيته المعلنة من تأسيس دولة تتجاوز الاصطفافات الطائفية والقومية، ويبدوا أن هذا الجوهر مدرك من قبل خصومه السياسيين الذين يعارضون هذا التوجه رغبة منهم في الحفاظ على الأسس الطائفية التي تمكنهم من الإبقاء على مصالحهم وحصتهم في الدولة. القبيلة عند البعض ما زالت مقولة هامشية وتراث من العصبية والجهل والماضوية السلبية، دون أن يحاول هذا البعض تجاوز مفاعيلها السلبية من خلال فهم آلياتها، وخصوصياتها، والعوامل الموضوعية المطلوبة للانتقال بها إلى بني حداثوية، والاكتفاء فقط بنقدها سطحيا وذمها، وكأنها بناء من خارج الواقع والتاريخ والفعل المؤثر، وهذا الترفع الحداثوي والاستنكاف لم يغيير ولن يغيير. القبيلة بمفعولها وانفعالها، بتاريخها وحضورها، بدينامياتها وخصوصياتها، بالأدوار التي قامت بها والأدوار التي قامت عليها، ما زالت بحاجة إلى دراسات معمقة تتجاوز المحاولات الفردية أو التوصيفية، دراسات تدخل في عمق البنية القبلية واكتشاف العلاقات التي تسيرها والعلاقات التي تربطها مع البني الأخرى. \

ISSN: 2070-898X