المستخلص: |
الشاعر العربي الليبي في النص الثاني من القرن العشرين اتجه إلى الإفادة من أسلوب التكرار للتعبير عن الحالة النفسية والشعورية والعاطفية التي ترافقه في محاولة لتهيئة الجو الموسيقي لهذه العبارات أو الألفاظ أو المقاطع في تكرارها. وبذلك نرى بوضوح مدى إسهام أسلوب التكرار بمستوييه البسيط والمركب في تفعيل معاني النص وتعميق دلالته وتقوية النبرة الموسيقية في إيقاعه. وللتكرار أثر واضح في الشعر العربي الليبي, وخاصة عند تصوير الشعراء للواقع الاجتماعي والسياسي مما يبين شدة الانفعال بالحدث المكرر. يعد التكرار ظاهرة لغوية تواتر ظهورها في الشعر قديمه وحديثه, وقد اتفقت معاجم اللغة على تعريف محدد ومتقارب له. فهو (لغة) بمعنى العودة والرجوع للألفاظ والتراكيب. والتكرار اصطلاحا: (هو الاتيان بعناصر متماثلة في مواضع مختلفة من العمل الفني) ( ). وانتشرت ظاهرة التكرار في الشعر المعاصر وبخاصة في الشعر الحر الذي يعتمد على تصوير الواقع الاجتماعي والسياسي, ويدفع الشعراء إلى الاهتمام بتكرار بعض الألفاظ والعبارات التي تكشف عن شدة الانفعال بالحدث المكرر؛ لأن معظم الشعر الحر يتوجه إلى الجمهور. والتكرار أحد الأساليب التعبيرية التي لقيت عناية من لدن شعراء الشعر الحر كونه (وسيلة لغوية ذات قيم أسلوبية مختلفة) ( ). وتتمثل هذه القيم في (إنتاج الدلالة وتحقيق نوع من الإيقاع) ( ) إلى جانب (استكشاف المشاعر الدفينة والإبانة عن دلالات داخلية فيما يشبه البث الإيحائي) ( ) ويضيف أحد النقاد للتكرار عدة مزايا حين يقول: (وتكرار الكلمة يحقق إيقاعا يساير المعنى ويجسمه ويعبر عن معانيه, إذ يمكن بتكرار الكلمة أن يعبر عن الزمن وامتداده أو قصره أو عن الحركة بأشكالها أو عن القلة والكثرة) ( ). والتكرار أسلوب تعبيري يملك طاقات تعبيري يملك طاقات تعبيرية ثرة يمكن لها (أن تغني المعنى وترفعه إلى مرتبة الأصالة إن استطاع الشاعر أن يسيطر عليه ويستخدمه في مكانه وإلا أدى إلى اللفظية المبتذلة إن كان بسبب ضيق قاموس الشاعر اللغوي إن اضطرته القافية إليه) ( ). والتكرار يفيد توكيد المعاني التي يريدها الشاعر. وتربط نازك الملائكة بين التكرار والشعر الحر, وترى أن التكرار من الظواهر اللغوية القديمة التي (تطورت مع تطور التعبير الشعري في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية, حيث برز بروزا يلفت النظر وراح شعرنا المعاصر يتكئ عليه أو كاد يبلغ أحيانا حدودا متطرفة لا تنم عن اتزان) ( ). ولعل إكثار الشعراء منه في الشعر الحديث يرجع إلى قدرة التكرار على الإيحاء ولذلك فإنهم استخدموه بأشكال متعددة تختلف باختلاف المقاصد الإيجابية التي يهدفون إلى تحقيقها من خلاله وتتراوح هذه الأشكال ما بين التكرار البسيط والمركب( ). وللتكرار في الشعر الليبي حضوره سواء التكرار البسيط أم المركب, توزع هذا الحضور بين قصائد كثيرة تنوعت في أغراض متعددة نورد نماذج منها للتمثيل. \
|