ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







اللغة العربية في مراحل الضعف و التبعية

المصدر: اللسان العربي
الناشر: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم - مكتب تنسيق التعريب
المؤلف الرئيسي: الودغيري، عبدالعلي (مؤلف)
المجلد/العدد: ع 67
محكمة: نعم
الدولة: المغرب
التاريخ الميلادي: 2011
التاريخ الهجري: 1432
الشهر: يونيو / رجب
الصفحات: 26 - 66
ISSN: 0258-3976
رقم MD: 367079
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: AraBase
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

130

حفظ في:
المستخلص: وخلاصة القول أن المشكلات التي تعاني منها اللغة العربية اليوم على مستوى الوطن العربي كله، كثيرة ومتشعبة، لكن حلها جميعها مرتبط في نظري بثلاثة أمور أساسية: أولها: حالة الضعف السياسي والعسكري للنظام العربي وما هي عليه الشعوب العربية والإسلامية من إحباط وانهيار نفسي بسبب توالي سلسلة الهزائم والانكسارات والصراعات الداخلية. وهذه الحالة انعكست سلبا على مشاعر هذه الشعوب المغلوبة المنهزمة، وأفقدتها الثقة في نفسها وقيمها وهويتها. ومن ثم فإن من أهم التحديات الحقيقية التي تواجهها اللغة العربية في عصرنا هذا، هي تحديات هذه الحالة النفسية المتأزمة التي يمر بها الوطن العربي والإسلامي، ويعانيها الإنسان العربي المسلم الذي حوله هذا الوضع إلى كائن ضعيف هش مغلوب مستلب، وفي أحيان كثيرة إلى شخص متنكر لحضارته وتاريخه ولغته وثقافته، ومنبهر مشدوه بقوة الغالب وثقافته ولغته، يريد أن يحتمي بمن يخلصه من محنته وانهزاميته وهوانه حتى ولو كان هذا الذي يفر إليه هو العدو نفسه. والحل الجذري لاستئصال هذه الأزمة المستفحلة وما ينتج عنها، هو استعاده ثقتنا بالنفس والأوطان والهوية التي فقدناها، واسترداد الوعي الذى طار منا، والتصالح مع ذاتنا. وثانيها: حالة الضعف الاقتصادي والتقاني "التكنولوجي" والعلمي التي يمر بها الوطن العربي والإسلامي. فما دامت هذه الحالة قائمة، لا لمكن تصور تطور سريع وكبير على مستوى اللغة العربية. لماذا؟ لأن التطور الإيجابي للغة، أية لغة، مرتبط بقوة الاقتصاد والإنتاج. فالأمة أو الدولة الأكثر إنتاجا للعلم والتقانة "التكنولوجيا" والصناعات والأدوات التي يتوقف عليها النشاط العالمي الاقتصادي والتجاري والمالي، هي الأمة أو الدولة التي تسود لغتها وتسرع في النمو والتطور والانتشار. ورواج لغة مجموعه بشرية مرتبط برواج سلع هذه المجموعة ومنتوجاتها الصناعية والتقانية "التكنولوجية". ولا يصعب بعد هذا أن نستنتج أن الثقافة التي تسود وتفرض نفسها هي ثقافة القوة الاقتصادية والعلمية والتقانية "التكنولوجية" المتحكمة في أسواق البضائع والإنتاج. ونحن اليوم واقعون تحت تأثير الثقافة الغربية المتغلبة وحضارتها ولغاتها، لأننا ما نزال في مرحلة ضعف اقتصادي وعلمي وتقاني "تكنولوجي" شديد، بالإضافة إلى ضعف سياسي وعسكري. ويوم يتحول ميزان القوة الاقتصادية والعلمية لصالحنا، إذ ذاك يمكن أن نتكلم جديا عن ازدهار أو نمو حقيقي للغة العربية. إننا في الوطن العربي عادة ما نهمل علاقة اللغة بالاقتصاد وتأثير احدهما على الآخر. أما تأثير الاقتصاد على اللغة فهو ما ذكرناه، وأما تأثير اللغة على الاقتصاد فهو حينما تستطيع دولة أو أمة أن تحول لغتها إلى مجال كبير لاستثمار. وتعتبر فرنسا اكبر دولة نجحت في استثمار لغتها وزرعها في كل مستعمراتها القديمة. وقد أنفقت كثيرا جدا من الأموال وبذلت جهودا غير مسبوقة في هذا المجال، ولكنها الأن تعيش مرحلة جني الأرباح الطائلة من هذا الاستثمار، ليس في المجال الاقتصادي وحده ولكن في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية أيضا. وقد كان بإمكان الدول العربية - مجتمعه أو منفردة - أن تحول اللغة إلى رأسمال صالح للاستثمار على المدى البعيد، بالعمل على نشرها في إفريقيا وآسيا وغيرها من مناطق العالم، فهي ثروة هائلة بيدها لكنها لا تحسن الاستفادة منها. وثالثها: انعدام وجود خطة عربية مشتركة وموحدة مدعومة بقرار سياسي حازم ونافذ المفعول، للتمكين للغة العربية، وإصلاح وضعها والنهوض بتعليمها وطرق تدريسها ونشرها رغم صدور الكثير من التوصيات عن عدد من الهيئات السياسية والثقافية والعلمية العليا في الوطن العربي (18) تظل في العادة حبرا على ورق. إن شأن العربية لا يهم بلدا واحدا أو شعبا من الشعوب العربية بمفرده، لكنه أمر يهم العرب والمسلمين جميعا. فعلى العرب بالدرجة الأولى والمسلمين بالدرجة الثانية، أن يهبوا لتنمية العربية ومعالجه أوضاعها. لكن لا يمكن لقرار من هذا النوع أن يوجد وتكون له قوة تنفيذ وفاعليه، ونحن في ظل الانقسام والتمزق والهوان والتبعية وحالة الضعف النفسي والانهيار السياسي والتخلف العسكري والاقتصادي والتقانى "التكنولوجي" والصناعي والعلمي التي نعيشها. إن حل مشكله العربية يتوقف - فيما يتوقف عليه- على خطة تقتنع بها وتضعها وتلتزم بتنفيذها اثنتان وعشرون دوله عربية. وإذا كانت كثير من التوصيات والقرارات الصادرة عن عدد من القمم والهيئات العربية العليا، قد ظلت متعثرة باستمرار، فلأنها لم تكن صادرة عن اقتناع جدي أو إرادة حقيقية كاملة يتقاسمها الجميع (19)، وهذا عكس ما هو عليه أمر الفرنسية أو الإسبانية أو الألمانية أو الإيطالية أو حتى العبرية وغيرها من اللغات التي يكون أمرها بيد دولها ومجتمعاتها وحدها لا بيد أكثر من عشرين دولة منقسمه ومتصارعة وبعضها يعتبر نفسه عدوا للآخر. لكن، هل معنى هذا كله، أننا ندعو للاستسلام أمام الأمر الواقع، والجلوس في قاعة الانتظار إلى أن يتحد العرب ويصدروا قرارهم ويصح عزمهم وتنصلح أحوالهم وترتفع معنوياتهم وتتقوى اقتصادياتهم ويتحولوا إلى قوة سياسية وعسكرية وعلمية وتقانية "تكنولوجية"... إلخ؟ إني لا أقول بفكرة الانتظار، ولكن أردت فقط أن أنبه على أبعاد المشكل وخطورة الواقع وما يستوجبه من عمل لتغييره بكل ما نستطيع. وأول خطوه في هذا العمل هي تجنيد العلماء والمفكرين والمثقفين والباحثين وحملة الأقلام عموما، ليقوموا بدورهم في التوجيه والتوعية وتقديم النصح الصادق لذوي الأمر ومن بيدهم القرار، وقيادة المعركة في اتجاهها الصحيح غير المنحرف، والإسهام بكتاباتهم وبحوثهم ومشاريعهم العلمية ونظرياتهم التطبيقية التي تساعد على حل مشاكل العربية والتغلب على معوقاتها. وتجنيد ما بالإمكان تجنيده من وسائل الإعلام وتقنياته، وطاقات الشباب الحية المتنورة، وجمعيات المجتمع المدني، وذوي الأريحية من القادرين على تمويل المشاريع العلمية والتربوية والتطبيقية للنهوض بالعربية، وتجميع كل الأفكار المفيدة البناءة التي تخدم الغرض وتؤدي إلى تحقيق الهدف.

ISSN: 0258-3976
البحث عن مساعدة: 709359

عناصر مشابهة