المستخلص: |
إن المفهوم يشكل أساساً مهماً في الخطاب أياً كان هذا الخطاب، وهو يتمركز في ثنايا الكلام عبر مواقع [استراتيجية]؛ ليؤدي وظيفة رئيسة في الإمساك بمفاصل الخطاب، وتوجيه مراميه الجوهرية، وإرسال الرسائل المرادة لتوجيه المخاطب. وفي هذه الورقة سوف نقف لنتأمل في الخطاب النبوي من زاوية أساسية وهي زاوية الكلمة المركزية، والمفاصل الجوهرية، المتمثلة في المفاهيم النبوية، التي تتبوأ مكانة في بناء الفكر، وصياغته، وتوجيهه، كما أنها مفتاح العلوم والثقافة، وأدوات للتفكير والإفصاح والبيان، ونقاط ارتكاز للعقل والحضارة. ولذلك نجد المعركة الدائرة اليوم بين الشرق والغرب- في جانب منها- معركة مصطلحات ومفاهيم، يحاول الأقوى في هذه المعركة أن يضخ أكبر قدر ممكن من المفاهيم المعبرة عن هويته وثقافته، ويعرضها في سوق الثقافة العالمية معبأة بأنماط حياته، وأساليب تفكيره، أو يفرضها أحياناً على الضعفاء بأساليب مختلفة من الترغيب والترهيب. "بل إنه من الأمور اللافتة للنظر اليوم: أن أدوات هذه المعارك الجديدة تتمثل في استخدام مفاهيم الأمة نفسها، والتسلل والعبور من خلالها، بعد إعطائها دلالات جديدة، وتفريغها من مضامينها، وتاريخها الثقافي، ورصيدها في شعور الناس، وربطها بحوادث وأحداث جديدة على طريقة المنعكس الشرطي، لتحويلها إلى مدلولات جديدة منفرة"(*) فيتم استخدام مفاهيم إسلامية مثل: التأويل، المقاصد، النسخ، المصالح، أسباب النزول وغيرها، وإفراغ هذه المفاهيم الإسلامية من محتواها وتضمينها مواد جديدة لا تمت إلى الإسلام بصلة. وإن أهم منهج قام عليه هذا البحث هو المنهج الاستقرائي في جمع عدد كبير من المفاهيم النبوية، ثم المنهج التحليلي والمقارن؛ لتحليل المفاهيم ومقارنتها مع مثيلاتها وأشباهها، أو مقابلاتها ونظائرها.
|