المستخلص: |
لا شك في أن الدرس النقدي يعلن عن مهمته التي تحاور الإبداع الأدبي في مستويات أدائه كافة، فهو يتحمل وزر الرفض والقبول عند طرفي الإبداع: المبدع والمتلقي، وعليه فإن أولى وسائل النقد تتمثل في تقعيد الألفاظ المستعملة في تحديد النظر النقدي. ويجيء هذا البحث في هذا الموضع الذي يسعى فيه جاهدا إلى تحديد النظرية النقدية العربية القديمة عبر لملمة المفردات التي تداولها النقاد في القرن الثالث الهجري للتعبير عن نظرهم، وتحديد مواقفهم. ولم يكن اختيار القرن الثالث خبط عشواء، وإنما جاء قصدا، فنحن أمام حقبة مثلت استقرارا وثباتا جمع مواقف النقاد في القرون السابقة، وتأليف حرصت على أن توزع النظرية النقدية في ثناياها، فكان ابن سلام وابن قتيبة والجاحظ وغيرهم الكثيرون ممن اشتغلوا بالنقد واستخدموا عددا وافرا من المصطلحات تفاوت فهمهم لها أحيانا، واتفقوا على بعضها أحيانا أخرى. على أنهم في الحالتين لم ينفصلوا عن موروث النقد لمن سبقهم تماما وان كان جديدهم أكثر ولا سيما حين استعرضنا المصطلحات العامة كالفصاحة والبلاغة والجودة والحسن، فقد تمكن نقاد القرن الثالث الهجري من بلورة النظرية النقدية في كثير من التفصيل. وعلى ذلك فإن الدارس لا يمكن أن يستغني عن هذا الفهم لحدود المصطلحات من أجل فهم النظرية النقدية. وقد اتضح لنا أن المساحة التي فصلت حد المصطلح النقدي عن أدائه الوظيفي منحت المبدعين خصوصيتهم كي لا تتدخل في عملية الإبداع، فلا تكون حدود المصطلحات قيودا ترفض أو تقبل دون تسويغ.
Criticism declares its mission as tackling literary creativity on all levels of performance. Thus, literary creativity shoulders the burden of the acceptance or rejection of both sides of creativity: the creative writer and the recipient. Therefore, the first tool of criticism is to standardize the terms employed in this discipline. This study aims at framing the relationship between the theory of criticism in the third Hijri century and its various applications by critics. The choice of the third Hijri century was not accidental; it was the century in which critical judgments revolved around the inherited stereotypes from the traditional criticism in earlier years. Critics such as Ibn Sallam, Ibn Qutaiba and Al-Jahez used a large number of terms that involved differing denotations among them. They applied them differently; however, they introduced many synonyms that were linked to general terms such as coherence, cohesion, eloquence and preference and their relations to the rhetoric of the language. Thus, the critics of the third century were able to establish a detailed critical theory. It is clear that the space separating the limits of the critical term from its functional performance provided the creative writer with an individualism that would not interfere in the process of creativity. Thus, the limits of the term will not be a hindrance to accepting or refusing them without justification
|