المصدر: | مجلة الفكر السياسي |
---|---|
الناشر: | اتحاد الكتاب العرب |
المؤلف الرئيسي: | الجراد، خلف محمد (مؤلف) |
المجلد/العدد: | س 14, ع 48,49 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
سوريا |
التاريخ الميلادي: |
2013
|
الصفحات: | 23 - 46 |
رقم MD: | 489102 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | +EcoLink |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
تبعاً لآراء معظم الباحثين والمؤرخين والدارسين للفكر السياسي العربي، فإن الأزمة أساساً، هي أزمة المجتمع، وأزمة تركيبته المختلفة، وأزمة التطور، وأزمة الخيارات المتاحة والبدائل الواقعية، وهي أعمق بكثير من كل محاولة التجديد من نوع ما شهدنا حتى الآن. فمحاولات تجديد الفكر السياسي العربي المعاصر باتجاهاته وتياراته المختلفة، ما زالت سطحيةً، لأنها تنطلق أساساً من القناعة بأن الفكر صحيح والخطأ هو في التجربة. وهذا ما يكرره الجميع دون استثناء بمن فيهم القوميون والماركسيون، ويكرره بشكل خاص أصحاب التيار الديني. ثم إن المراجعة النقدية ذاتها ظلت، هي أيضاً، سطحية، خجولة. "ومصدر هذا النقص في المراجعة النقدية هو خوف الجميع من الجميع، ومحاولة الجميع تحميل سواهم المسؤولية الأساسية عن الخلل. وفي هذا الوضع يكمن السبب في استمرار تفاقم الأزمة، رغم الإعلان عن الرغبة في التجديد، والبحث عن البدائل والتحرر من الأزمة".( ) والحقيقة، فإن مظاهر الأزمة هذه في الفكر السياسي العربي ظلت تتفاقم رغم كل المحاولات التي جرت للحد منها من جانب كل هذه التيارات. والسبب في ذلك يعود إلى أن هذه المحاولات لم تكن عميقة، ولم تكن بمجملها صحيحة، ولم تكن، بشكل خاص، متسقة، منسجمة. إلا أن محاولة التجديد، أياً كان حجمها، وأياً كان مستوى القدرة الذاتية على تحقيقها، قد شكلت نقلة ملحوظة في الفكر السياسي العربي المعاصر، حيث شملت حركة التجديد هذه، المقترنة بأشكال معينة من المراجعة النقدية، في معظم التيارات الفكرية والسياسية، وإن كان بدرجات متفاوتة، أبرزها ما حصل في الفكر الماركسي والحركة الشيوعية، وأقلها كان في التيار الديني، الذي ظل، بشكل عام، أصولياً إلى حد بعيد، بل انزلق أكثر فأكثر نحو مزيد من الغلو والتعصب والتطرف والعنف المسلح. وقد وصف الباحث القومي المعروفة، الدكتور عبد الإله بلقزيز، الخطاب السياسي العربي المعاصر، بأنه "خطاب متهافت"، يعاني من ثلاث نزعات مرضية حادة، هي: نزعة سياسوية خطابية، ونزعة إيمانية تبريرية، ثم نزعة شمولية إدعائية. وهي تكون في مجموعها نظاماً فكرياً كاملاً مترابط العناصر، متكامل الحلقات، لا تفهم أبعاضه بمعزل عن كلية علائقه. وهو نظام يؤسس لكل أنواع العوائق الأيبيستمولوجية (المعرفية) والإيديولوجية، التي تنتصب حائلاً دون تطور وفاعلية هذا الفكر السياسي في حقبته المعاصرة، منذ مطلع الربع الثاني من القرن العشرين. ( ) لكن المشكلة الأعظم في الخطابات السياسية العربية، كانت وما زالت، تتمثل في النزعة الشمولية، أو الكليانية. وهي ميل تيارات الفكر السياسي العربي المعاصر جميعاً، إلى ادعاء التمثيل واحتكار الدور التاريخي في الحاضر والمستقبل. حيث تتخذ هذه النزعة شكل تخندق إيديولوجي سياسي، قائم في أساسه على فكرة احتكار الحقيقة. ويعبر هذا التخندق عن نفسه في ادعاء كل تيار من تيارات السياسة والفكر السياسي لشمولية مشروعه الفكري السياسي، وتمثيله مصالح الأمة والمجموع الاجتماعي، وأهليته لأن يكون البديل التاريخي: السياسي والاجتماعي والثقافي، بل والحضاري، الوحيد. ( ) ومن أجل إعادة بناء الفكر السياسي العربي وتجديد مكوناته, وتفعيل عناصر الإبداع في أجزائه. لابد من تحقق جملة من المطالب المعرفية المحورية، أبرزها: تنمية المنزع العلمي النظري، وإتباع التيارات الفكرية السياسية العربية منهجية صارمة ومنتظمة لممارسة النقد الذاتي والمراجعة الفكرية المستمرة، ثم بناء علاقات متوازنة وموضوعية مع التيارات والأفكار المختلفة، ومع الموروث الداخلي من جهة، والفكر العالمي من جهة أخرى. وبرأينا المتواضع، فإن إعادة بناء وتفعيل وتجديد الفكر السياسي العربي، إنما يقتضي بالدرجة الأولى ترسيخ روح النسبية في التفكير وفي قراءة النصوص وفي تعيين الإشكاليات واقتراح الحلول. وهو ما يعني القطع مع النظرة الإطلاقية المغلقة، من أجل بناء علاقة معرفية متوازنة بالأشياء، خالية من أحكام القيمة المعيارية، ومن الحكام الحدية القاطعة |
---|