المصدر: | الأدب المغاربي اليوم - قراءات مغربية |
---|---|
الناشر: | إتحاد كتاب المغرب |
المؤلف الرئيسي: | عمري، إبراهيم (مؤلف) |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
المغرب |
التاريخ الميلادي: |
2006
|
مكان انعقاد المؤتمر: | الدار البيضاء |
الهيئة المسؤولة: | اتحاد كتاب المغرب و وزارة الثقافة |
الصفحات: | 93 - 106 |
رقم MD: | 520387 |
نوع المحتوى: | بحوث المؤتمرات |
قواعد المعلومات: | AraBase |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
إذا جاز لنا أن نصنف الأدب، سيرا على نهج (Vincent jouve) إلى أدب سيكولوجي يعلي من شأن الذات، أي أدب يتمحور حول الشخصية مبرزا قيمتها على حساب الحدث، وأدب آخر يضع الحدث في الواجهة ويعتبر الشخصية مجرد أداة للفعل السردي، فإننا سنصنف الرواية المغاربية المعاصرة ضمن الاتجاه الأول. ولا حاجة إلى التأكيد مره أخرى أن غايتنا ليست هي التصنيف بحد ذاته، بل هي وضع اليد على مظهر من مظاهر خصوصيتها التي أضحت تعلن عن نفسها بوضوح. وفي هذا السياق يعتبر المحكي بضمير التكلم خاصية تكرس الاستنتاج أعلاه، حيث نلمس هذه العودة إلى الذات في النصوص الثلاثة وكذا في نصوص أخرى أشرنا إليها. وقد راهنت هذه النصوص، باختيارها هذا، على جعل القارئ طرفا في المحكي، فاعلا فيه ولبس مجرد مستقبل خارجي منفعل به. وبهذا الشكل اتسمت الشخصيات الروائية بعمق سيكولوجي بارز وكثافة تناصية لافتة للانتباه. وقد سمح هذا الإجراء المردي بالتسلل إلى حلم الشخصية واستيهاماتها العفوية، ومن ثم التواصل معها في أكثر عوالمها حميمية وسرية. وبما أن الشخصيات الساردة هي أقل وصفا لذواتها، فقد بدت في كثير من الأحيان شخصيات نسبية التحديد مما قد يوحي للوهلة الأولى بتجريديتها واقترابها من الكائنات الفكرية. غير أنها أضحت أشد الشخصيات قربا من القارئ، وأكثرها استفزازا له، داعية إياه لخوض تجربة البناء والمشاركة والإبداع. فالقراءة لا تتحول إلى متعة إلا إذا أصبح الإبداع طرفا في اللعبة، أي إذا منحنا النص فرصة اختبار قدراتنا. فكل من المبدع والقارئ يشتركان بالتساوي في لعبة الخيال. إذ لا معنى لنص يقول كل شيء بوضوح أو بغموض تامين. ففعل الكتابة يستلزم فعل القراءة. ولا وجود لفن إلا من أجل الآخر وبه. إن شخصية "ف. ب" في "امرأة للنسيان" وشخصية "البشير" في "رمل الماية" وشخصية "سامي شاهين" في "الآخرون" كما هي شخصيات سارديها في الروايات الثلاثة، تتخلق تدريجيا يتخلق المحكي واسترساله، وبتعدد المنظورات وتنوعها، وكأنها تنجلي على الركح شيئا فشيئا بواسطة كشافات ضوء لا تسلط دفعة واحدة بل بتتابع وتناغم مقصود ومقدر بدقة. وفي هذه الاستراتيجية نوع من التلذذ بالانتظار. فالإمعان في تأخير مذ المتلقي بالمعلومة و"التماطل" في إشفاء غليله، يعمق لديه ترقب المجهول، وكلما تمدد التوقع واستطال ازدادت تجربة القراءة غنى ومتعة. |
---|