| المستخلص: |
يوحي مفهوم الحوار الحضاري بالعديد من المعاني الدالة على ضرورات التواصل والتفاعل بين أرجاء التجربة الإنسانية وأقسامها الرئيسية التي تتواجد فيها أنماط ثقافية واجتماعية متباينة الملامح ، لكنها قوية الأواصر بما فيها من خصائص مشتركة ، وبما يتوافر لها من رؤية نملي عليها دوما البحث عن غيرها من النماذج وكأنها مجبولة على التجاوز والتوحد على الرغم من اختلاف أساليب الحياة وما تعكسه من تعبيرات في مجالات القيم والعقائد والفنون والآداب والحقوق والعادات . ومع كل ما ذكرناه من ميول تحو التعايش المشترك وتبادل الأفكار، فإن هناك بونا شاسعا بين هذه الموجبات وبين ممكنات تحقيق تلك الأهداف والإيفاء بشروطها على الصعيد التاريخي. ومن هنا يظل الحوار الحضاري مطلبا حيويا لخبرات الشعوب، وتكامل إسهاماتها في مواجهة تحدياتها وفي القدرة على استشراف المستقبل في مختلف أدوار التطور التي نحيط بها الآمال مثلما تتقدمها وتتعقبها الصعوبات والمساءلات . ولعل تلك العوامل هي التي لازمت دعوات التنقيب في العلاقات الحضارية وتقويمها تقويما موضوعيا ، بالنطر إلى ما شابها من قصور أو ترسب في مسارها من نظرات متعارضة أو أفهام مشوشة حالت دون تقدمها وتجذرها على نحو بناء. ولا شك فإن واحدة من نقاط ضعف الوعي النقدي في هذا الصدد هي تلك النظرة المجملة التي لا نميز بين الحوار الحضاري الذي يعني الحوار الذاتي ونوعيته من ناحية ، وبين حوار الحضارات من ناحية أخرى . فالعبرة من كل حوار يمس الموقف الإنساني وقضايا الثقافة هي أن يكون معنيا ومشروطا بالانفتاح لا الجمود ، والاستعداد للتعلم ، والتواضع لتحقيق التزيد والاغتناء ، والإخلاص للحقيقة دون التحيز أو التزمت أو احتكار الصوابية. وعلى هذا الأساس فإن سمة أي حوار بين الحضارات جدير بهذا الوصف هي أن يكون حوارا حضاريا وإلا فإنه يصبح نوعا من الدوران في حلقة مفرغة واجترار المفاهيم والقناعات الذاتية في سجالات لا تفضي إلى نتائج وذلك لخروجه على "شرائط المناظرة " (1) الممكنة. إن إحراز تلك الدرجة من القابلية على الحوار الحي يعتمد على إيجاد معطيات ومقدمات وافية في تهيئة أجواء التفاعل والتناغم وتجنيد طاقاته لرفع أثقال الصراعات السلبية بين تكوينات المجتمع البشري . فالحوار الحضاري من الفعاليات التي تستمد القيمة من مصادر الحوار والمتحاورين ، ولهذا فهو بوتقة شفافة نحوي قوى الاستنارة والحيوية والتحفز ونمزجها بسداد الرأي وأدب الاختلاف واتساق المنهج. فإن كان ما أشرنا إليه بعض من خصائص الحوار الحضاري ، فما هو مغزاه ؟ وماذا يستهدف ؟ وما هي صيغه ؟ وما هي المجالات التي تستوجب التحاور حولها في عالم اليوم ؟
The concept of cultural dialogue implies a number of meanings which indicate communication and interaction among different items of the human experience and its main categories in which various cultural and social patterns are displayed. These various patterns share common strong and closely related characteristics. Its vision always directs it to look for other models, and has the ability to overcome difficulties and unite, in spite of variation in methods of life and the expressions it reflects on values, beliefs, arts, rights and customs. In spite of the above mentioned tendencies for coexistence and thought sharing, there was a huge gap between these goals and the possibility of realizing them from a historical perspective. Hence, cultural dialogue has become a vital requirement for nations to integrate their contributions to confront challenges and be able outlook the future in the different phases of development which are surrounded by hopes as they are hindered by difficulties. These were the factors which has accompanied the calls for searching in the relationships among civilizations and evaluating them objectively. Undoubtedly, a disadvantage in criticism in this aspect is that general view which does not distinguish between cultural dialogue and dialogue across civilizations. On the basis of this , any dialogue which is worthy of such description should be a cultural dialogue or else it would be no more than revolving around a vicious circle. After considering the characteristics of cultural dialogue we referred to, the paper will attempt to answer the following questions: _ What is its significance ? _ What is it targeting ? _ What are its forms? _ What are the possible fields that require dialogue in the today? world of
|
