ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







الحكامة في مجال التربية والتكوين: من المقاربات إلى النموذج التربوي التكويني المغربي الحداثي

المصدر: مجلة عالم التربية
الناشر: عبدالكريم غريب
المؤلف الرئيسي: غريب، عبدالكريم (مؤلف)
المجلد/العدد: ع20
محكمة: نعم
الدولة: المغرب
التاريخ الميلادي: 2011
الصفحات: 118 - 154
ISSN: 1113-65615661
رقم MD: 573894
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: EduSearch
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

98

حفظ في:
المستخلص: إذا كانت الحكامة تتأسس على اللامركزية واللاتمركز في تدبير الشأن المحلي؛ فإدن الأمر على مستوى واقع المجال الترابي المغربي، لازال المجتمع فيه غير مسلح بقيم كافية لمواكبة هذا المنظور الجديد؛ لأن الانتقال المفاجئ من المركزية إلى اللامركزية؛ هو وإن كان انتقالا منطقيا وعقلانيا وإيجابيا، إلا أن الذاكرة الجماعية أو المجتمعية الطويلة المدى، لازالت تخزن النموذج الأول؛ إذن السؤال المطروح علينا جميعا هو : كيف يمكن التخلص من هذه الذاكرة وتجديدها وفق متطلبات هذا العصر؟ الإجابة عن هذا السؤال الجوهري، تفترض بدورها حكامة؛ حيث يتطلب الأمر مشاركة الجميع في بناء استراتيجية لتحويل التمثلات وبناء قيم المواطنة وجعل المدرسة المغربية غاية الشعب كله، وليست مسؤولية مقتصرة فقط على قطاع أو قطاعات حكومية معينة. فالحكامة كمفهوم قديم حديث أو أصيل معاصر، عرف عبر تاريخ الحضارات الإنسانية عدة ممارسات، تراوحت بين التلقائية والتسيب، وبين الديكتاتورية والديمقراطية أو بين حكامة هجينة تجمع بين المتناقضات . مع مطلع الألفية الثالثة، عرف العالم المعاصر عدة تحولات وأحداث، وفق إيقاع سريع؛ حتى إن الأذهان وجدت صعوبة في استيعابها وتعقلها؛ ذلك أن العالم الذي كان منقسما إلى معسكرين (رأسمالي واشتراكي)، متصارعين ضمن ما كان يصطلح عليه بالحرب الباردة؛ تحول بين عشية وضحاها، إلى استقطاب وحيد متمركز في يد زعامة الولايات المتحدة؛ إلى جانب الاستقطاب الذي عرفته المجموعة الأوروبية والنهضة الصينية التي فاجأت وأذهلت الجميع ...؛ تم كل هذا، بموازاة الحروب السرمدية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لتشتعل فتائل حروب جهنمية أخرى في أركان أخرى من العالم، كما هو الأمر لدى البسنى والهرسك وغزو العراق تم أفغانستان ... إلى غير ذلك من المخططات الجهنمية التي سوف لن تستثني إيران وبعدها سوريا... بالانطلاق من هذه المظاهر السلبية التي عرفتها نهاية القرن العشرين وفجر الألفية الثالثة، فإنها على خلاف ذلك، لم تحترم أي مبدأ من مبادئ الحكامة، كمفهوم علمي في استعماله الحديث؛ لأن رجال أو صقور السياسة، هم الذين خططوا بمفردهم لكل هذا الدمار الشامل، دون أي استشارة من شعوبهم المغلوبة على أمرها بواسطة التدجيل والخداع السيمنطقي الممارس من طرف جميع وسائل الإعلام، المكتوبة والسمعية والسمعية البصرية. فرغم التنديدات المتكررة والمستمرة لشعوب الدول المتقدمة بالأساس، ضدا على الاعتناق الأعمى والمغرض لإيديولوجيا العولمة أو الليبيرالية المتوحشة، التي لا ترحم الضعفاء ولا الفقراء والبسطاء من الناس، وهم المشكلون للسواد الأعظم في كل مجتمعات العالم الثالث؛ فإنه مع ذلك، استمر إرغام صقور السياسة العالمية الشعوب المقهورة، فأدخلوهم حروبا جنونية ووحشية، تكبدت فيها كل الأطراف خسائر جسيمة؛ كانت تكاليفها المادية بالأساس، سوف تعود بالرخاء والعيش الكريم على أبناء وبنات هذا العالم؛ لو تم تفادي تلك الحروب الحمقاء ! إزاء هذا الوضع غير الخاضع للمنطق السليم، والذي سار داخل الدول المتقدمة في الاتجاه المعاكس له على أيدي صقور السياسة؛ يبقى الإشكال المطروح، متعلقا خاصة داخل مجتمعات محور الجنوب، بإمكانية ممارسة حكامة لا تقام سوى داخل المجتمعات المتقدمة؛ وعلى خلاف ذلك، تعكس ممارستها خارج إطار ترابها الوطني ؟ ! أما السؤال الثاني، وهو الذي يعنينا بالأساس؛ فيرتبط بإشكالة النضج والرشد لدى مواطني مجتمعات الجنوب؛ حيث تتجاوز نسبة الأمية أزيد من % 50، ناهيك عن تدهور مستوى القيم القمينة بتحصين سلوكات وتصرفات المواطنين، إلى جانب تفشي عدة ظواهر؛ منها الفقر والتسلط والرشوة والمحسوبية وسوء التدبير وانعدام مشاريع وطنية صحيحة متوافق عليها من طرف المواطن الناضج والراشد ؟ ! إزاء هذا الموضوع المأزوم، يمكن أن نطرح على أنفسنا السؤال التالي : أي حكامة يمكن بناؤها وتبنيها داخل مجتمعات الجنوب، وهي تعاني من الهشاشة على كافة عناصر بنيتها، خاصة فيما يتعلق بالعنصر البشري ؟ ! مما لاشك فيه، أننا عندما نعي ونحدد إشكالة أو ظاهرة ما، فإننا بذلك؛ قد نكون قطعنا شوطا كبيرا على مستوى الترصد الممنهج لتلك الإشكالة أو الظاهرة؛ ويبقى الأمر فقط، متعلقا بالبحث عن الحلول والإمكانات أو السبل الملائمة والناجعة للإشكالة أو الظاهرة المطروحة. في هذا الصدد، وانطلاقا من خصوصيات مجتمعات الجنوب؛ فإن عدة مفاهيم برانية، ينبغي إعادة نحتها وتطويعها وفق مقاس مؤهلات وإمكانات المجتمعات العالمثالثوية، حيث إن مفهوم الديمقراطية مثلا، داخل مجتمعات تتجاوز فيها نسبة الأمية أكثر من % 50، أو داخل مجتمعات تروضت على التبعية التسلطية لعدة قرون، أو داخل مجتمعات يعاني فيها المواطنون من انعدام تلبية الحاجات الطبيعية والأولية (غذاء، سكن، تطبيب...)؛ فإن هذا المفهوم المرتبط بالحكامة، لا يمكن تحديده داخل بنية مجتمعات الجنوب وفق نفس المؤشرات التي من خلالها تم تحديده بالمجتمعات المتقدمة؛ ونفس الأمر يمكن سحبه على غيره من المفاهيم التي ترتبط وتتقاطع بشكل مباشر أو غير مباشر مع الحكامة ... إزاء هذا الوضع، لا يمكن تجاوز هذه العوائق المتمفصلة والمتآلفة والمركبة في الوقت نفسه، سوى باعتماد أسلوب أو مرجعية النخبوية، أو ما اصطلح عليه علال الفاسي ب"نخبة أبناء الأمة"، والتي يجب أن نتناولها بالدرس والتفكير النظري؛ لأن التفكير الصحيح، حسب علال الفاسي، والذي تحتاجه الأمة، ويمكنه أن ينقدها من مصائبها، ليس هو تفكير الشارع الذي ينبني على أصول عادية؛ ولكنه فكر الطبقة المتنورة التي تستطيع أن تقلب الأشياء على وجوهها وتنفذ إلى أعماقها، لأن المفكرين هم من هذه الطبقة، وهم رسل الفكر للناس، يمهدون لهم سبل النظر ويبعثون في نفوسهم روح الطموح، وهم الجديرون بالفكر

ISSN: 1113-65615661
البحث عن مساعدة: 575391 574898 575094