المستخلص: |
مما لاشك فيه أن الاهتمام بالعليم، لا يقتصر على الدول المتقدمة دون الدول النامية و لا على فئة اجتماعية دون أخرى داخل البلد الواحد، وهذا راجع لكونه لم يعد مجرد خدمة تقدمها المجتمعات لأبنائها أو هبة تمنحها الأم لبعض الأفراد؛ بل هو استثمار له عائده على الفرد، منه الكمي والمتمثل في زيادة الدخل، ومنه الكيفي الذي من الصعب قياسه بالأرقام، وهو العائد الاجتماعي الذي يظهر في تحقيق التنمية البشرية. إن النفقات التعليمية في أي مجتمع، يطبق مبدأ التعليم حق لكل فرد قادر على التعليم غاية في الأهمية بغض النظر عن نوع الاقتصاد الوطني، سواء كان متقدما أو متأخرا. فما من علاقة رياضية بين النمو الاقتصادي وتعبئة الموارد ( )؛ إذ تتأثر الجهود الرامية لزيادة الإيرادات الوطنية بمستوى دخل الفرد وبأنماط النمو الاقتصادي، وتميل الإيرادات المعبئة للزيادة كلما ارتفع الدخل القومي عموما. وقد سعى بعض الباحثين إلى وضع مؤشرات مرجعية دولية لأفضل الممارسات في هذا المضمار، وتمة رأي عام، مفاده أن تخصيص حد أدنى قدره 20% من الميزانية الوطنية للتعليم، يدل على وجود التزام قوي بتحقيق التعليم للجميع ( )؛ الأمر الذي سعت الدول العربية بلوغه حتى تتمكن من تلبية الطلب الاجتماعي والاقتصادي على التعليم. لكن رغم وصول بعض الدول هذا المعدل، فقد فشلت في تحسين وتطوير تعليم مجتمعاتها والوصول بهم إلى نفس مستوى الدول المتقدمة. وعلى العموم، نشير بأن من أهم المشكلات القائمة التي تعترض أغلبية الأنظمة التعليمية العربية خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع التطورات الأخيرة للربيع العربي الذي مس بعضها ومع الأزمة العالمية، والتي ستتفاقم حدتها في المستقبل، هو تأمين النفقات المالية اللازمة لتوفير التعليم والتوسع فيه، فضلا عن تطويره، بحيث لم يعد من المتيسر استمرار الإنفاق على القطاع بشكل يناسب أهمية التعليم والعوائد في عصر العولمة والتحولات العالمية المستمرة؛ الأمر الذي يتطلب تجميع الجهود فيما بين الدول العربية والتفكير، للخروج بتوصيات جدية وتفعيلها لتحسين مستوى تعليم مجتمعاتها.
|