المصدر: | مجلة الدولية |
---|---|
الناشر: | محمد نشطاوي |
المؤلف الرئيسي: | نعمي، حلا (مؤلف) |
المجلد/العدد: | ع5 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
المغرب |
التاريخ الميلادي: |
2009
|
الصفحات: | 81 - 98 |
رقم MD: | 593102 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | EcoLink |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
إن هذا الجدار الذي تنطوي إقامته علي أبعاد سياسية وأمنية وإنسانية وبيئية ومادية واقتصادية مدمرة بالنسبة للشعب الفلسطيني، فإن بعده القانوني يتعلق بمسألة ضم الأراضي الفلسطينية أو اكتسابها وهي التي يبتلعها الجدار عند اكتماله وفق المخطط الإسرائيلي، وهو البعد الأخطر في ضوء القانون الدولي العام، مع التأكيد على أن الآثار المترتبة على إقامة هذا الجدار تمس جوهر القضايا المتعلقة بالقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، إلى جانب الاستيلاء على الأرض اكتساباً وبالقوة. واكتساب الأرض أو الضم يقع عادة إما بسن القوانين بشأنه وهذا ما يعبر عنه في القانون الدولي بالاكتساب أو الضم Acquisition or Conquest، أي أن هذا الجدار يتجاوز الخط الأخضر وهو حدود عام 1967 التي يتعامل العالم معها كحدود واقعية في حين أن الحدود الرسمية لإسرائيل هي حدود قرار التقسيم الذي اعتمدته الجمعية العامة بقرارها 181 لعام 1947، أو بالممارسة الواقعية عن طريق القوة العسكرية أو الحرب، وقد درجت إسرائيل على ممارسة النمطين من الاكتساب والضم، فقد أصدرت القوانين بإخضاع القدس الشرقية للقوانين الإسرائيلية بعد احتلالها، وكذلك الحال فيما يتعلق بالجولان السوري المحتل، ومارست الضم والاكتساب عن طريق القوة وتحت حماية قواتها العسكرية فيما يتعلق بالجدار المذكور وقبل ذلك بمصادرة الأراضي الفلسطينية وإقامة المستوطنات الإسرائيلية والطرق الالتفافية عليها. لقد اعتبر القانون الدولي أعمال ضم أراضي الغير بالقوة أو الاستيلاء عليها جريمة مخلة بسلم الإنسانية وأمنها، وذلك وفقا لما ورد ضمن مبادئ القانون الدولي المعترف بها في ميثاق محكمة نور مبرغ وفي الأحكام الصادرة عنها، وما أكدته لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة في تعريفها للجرائم المخلة بسلم الإنسانية وأمنها، حيث تضمنت هذه الجرائم (قيام سلطات دولة ما بضم أراض تابعة لدولة أخرى يشكل انتهاكاً للقانون الدولي) وهكذا جاءت المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة لتتكامل مع مبادئ القانون الدولي عندما طلبت من أعضاء هيئة الأمم المتحدة جميعاً الامتناع في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق مع مقاصد الأمم المتحدة. ومباشرة وبعد حرب حزيران 1967 وبتاريخ 22 تشرين الثاني 1967 أصدر مجلس الأمن قراره رقم 242 والذي تضمن تأكيد عدم جواز الاستيلاء على الأرض عن طريق الحرب حيث جاءت الفقرة الثانية من ديباجته لتقول يؤكد عدم جواز الاستيلاء على الأرض عن طريق الحرب، ثم عالج مجلس الأمن حالة الضم الإسرائيلي عن طريق سن القوانين لمدينة القدس الشرقية المحتلة عام 1967، وحالة الضم المماثلة المتعلقة بالجولان السوري المحتل عن طريق قراراته التي استندت إلى مبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق، فرفض المجلس الإجراءات الإسرائيلية المذكورة وأكد انتهاكها لمبادئ القانون الدولي واعتبرها باطلة وفاقدة لأية شرعية قانونية، ففي قراره رقم 478 بتاريخ 2 آب 1998 أكد بأن جميع الإجراءات القانونية والإدارة التي اتخذتها حكومة إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال والتي غيرت أو من شأنها تغيير أو تبديل الطابع المؤسسي أو الوضعي لمدينة القدس المقدسة وعلى وجه الخصوص القانون الأخير المتعلق بالقدس هي باطلة وغير شرعية ويجب إلغاؤها، كما أكد القرار نفسه بأن هذا الإجراء يشكل عقبة في طريق السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط. ولقد تكرر التأكيد الدولي في هذا الشأن من خلال قرار مجلس الأمن رقم 497 بتاريخ 17 كانون الأول 1981 الخاص بالجولان السوري المحتل بعد أن أصدرت الحكومة الإسرائيلية القانون الخاص بإخضاع تلك المرتفعات إلى السيطرة الإدارية والقانونية الإسرائيلية أي ضمها قانونياً إلى إسرائيل، فأكد المجلس من جديد عدم جواز الإستيلاء على الأراضي عن طريق الحرب وهو أمر غير مقبول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات المجلس ذات الصلة، كما تواترت القرارات الدولية التي أكدت مبدأ عدم جواز الإستيلاء على أراضي الغير بالقوة من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وأجهزة الأمم المتحدة الأخرى بعد ذلك مما جعل مثل هذا الإجراء الذي يتعارض مع القانون الدولي وأحكام الميثاق وينتهك قرارات مجلس الأمن، ويشكل جريمة مخلة بسلم الإنسانية وأمنها هو عمل يقتضي منح مقاومته قوة القاعدة الآمرة في القانون الدولي. نظراً لما يشكله من عدوان وجريمة بحق سلم البشرية وأمنها. ولم يصمت القانون الإنساني الدولي عن مثل هذه الجريمة، فقد عالجها في المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة من زاوية التدمير للممتلكات الثابتة والمنقولة، الخاصة والعامة التي تسبب فيها إقامة الجدار في الأراضي الفلسطينية، فحظر على دولة الاحتلال أن تفعل ذلك. إن الوضع القانوني لإقامة الجدار الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية كما ورد في هذا السياق ينطبق تماما على الأراضي الفلسطينية التي استولت عليها إسرائيل بالقوة وعن طريق الاغتصاب والاكتساب في الفترة الزمنية الواقعة ما بين صدور قرار تقسيم فلسطين رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة لعام 1947، وتلك الأراضي التي اعتبرت حدود عام 1967 والتي استولت عليها إسرائيل بالقوة العسكرية أيضاً، ويدخل ضمن هذا كذلك جميع الأراضي الفلسطينية التي صادرتها إسرائيل وأقامت عليها المستوطنات اليهودية والطرق الالتفافية في جميع الأراضي الفلسطينية خلال احتلالها لها منذ حرب عام 1967. وفي أعقاب إعلان قرارات محكمة العدل الدولية وذلك في 9/7/ 2004، والتي تقضي بهدم الجدار ودفع تعويضات عن أية خسائر تسبب بناؤه فيها، أمر رئيس الوزراء شارون بمواصلة البناء في الجدار، وصدر قراره ذلك في بيان صادر عن رئاسة الحكومة بأن شارون" أمر بمواصلة الأشغال إثر مشاورات وزارية بعد 48 ساعة من إعلان محكمة العدل الدولية، كما أعطي تعليمات بمواصلة النضال ضد رأي محكمة العدل الدولية بكل الوسائل السياسية والقانونية". وقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية التي قررت تجاهل رأي محكمة لاهاي، بأنها ملتزمة فقط بقرار المحكمة الإسرائيلية العليا، وحسب أحد بنود القرار المعتمدة، فإن الجدار يجب أن يبعد مسافة كيلومتر على الأقل عن آخر منزل في قرية فلسطينية، كما ويقضي القرار بتعديل مسار قطاع من الجدار قرب القدس لتقليص الأضرار التي يسببها للمواطنين الفلسطينيين، وبأن الجدار لن يعزل المزارعين عن أراضيهم. وإذا كان مجلس الأمن قد استشعر أخطار انتهاك مبادئ القانون الدولي في الماضي عندما اتخذت إسرائيل إجراءاتها التشريعية لضم القدس الشرقية بعد احتلالها، واعتمد المجلس بشأن ذلك القرارات التي شجبت تلك الإجراءات واعتبرتها باطلة ولا أساس قانوني لها، وطالب إسرائيل بالتراجع عنها دون أي التزام إسرائيلي بقرارات المجلس، يجد المجلس نفسه الآن أمام حقيقة خطيرة صنعها هو بيديه عندما عالج الأمر آنذاك في إطار الفصل السادس من الميثاق ليترك لإسرائيل الحرية في ارتكاب ما تشاء من الجرائم دون ردع أو عقاب، وبشعور من الحماية الدولية لأعمالها العدوانية، مما يجعل المجلس الآن أمام تكرار ممارسة اكتساب الأرض الفلسطينية وضمها إلى إسرائيل من خلال إقامة الجدار عن طريق القوة العسكرية في وضع بلغ من الخطورة ما يفرض عليها معالجة الأمر في إطار الفصل السابع من الميثاق، باعتبار أن ما يترتب على إقامة الجدار المذكور هو جريمة مخلة بسلم الإنسانية وأمنها وفقاً للقانون الدولي كما سلف ذكره، وإلا فإن المجلس كجهاز وحيد يتمتع بحق اتخاذ الإجراءات المناسبة وفقاً للميثاق للمحافظة على السلم والأمن الدوليين ومنع أي تهديد لهما من أية دولة إذا لم يفعل ذلك بممارسة مسؤولياته أمام الإمعان الإسرائيلي في انتهاك مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني على مدى عشرات السنين الماضية فإنه يضع نفسه في موقع التواطؤ مع العدوان والجريمة، بل قد يكون هو نفسه قد بدأ بتدمير المجتمع الدولي الذي قام علي المبادئ والقيم التي ارتضتها دول العالم لكي تحكم العلاقات الدولية، على أسس من العدل والود بين الدول وتحقيق مقاصد وأهداف الأمم المتحدة في استتباب العدل والسلم والأمن في العالم. |
---|