ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







التدين وعلاقته بالتوافق الزواجي في البيئة الجزائرية

المصدر: عالم التربية
الناشر: المؤسسة العربية للاستشارات العلمية وتنمية الموارد البشرية
المؤلف الرئيسي: عنو، عزيزة (مؤلف)
المجلد/العدد: س13, ع40
محكمة: نعم
الدولة: مصر
التاريخ الميلادي: 2012
الشهر: أكتوبر
الصفحات: 79 - 109
ISSN: 1110-4406
رقم MD: 622269
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: EduSearch
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

387

حفظ في:
المستخلص: إن الدين من خلال أحكامه ونواهيه يسعي لتحقيق التوافق النفسي والاجتماعي للفرد بصفة عامة والأزواج بصفة خاصة، والمقصود بالتوافق أن تكون النفس الإنسانية بمكوناتها ونزعاتها وميولها، في توافق وانسجام لا في تعارض وتصارع وتضاد، فمن المعروف أن النفس الإنسانية ليست شيئا بسيط إنما هي مركبا معقد تتكون من نزعات وميول وأفعال وتصرفات مختلفة، والدين الإسلامي بحكم مبادئه وقيمه وتعاليمه، ونظرته الصحية والسليمة للحياة الاجتماعية يحقق للمسلمين التوافق النفسي الداخلي والخارجي، فهو دين الفطرة والنفس الإنسانية مفطورة أصلا على التوافق الداخلي وقادرة على التوافق الخارجي، وغير ذلك يعتبر حالة طارئة عارضة ومن شأن الإسلام كذلك أن يقي نفوس المسلمين من أمراض الاضطراب النفسي عندما تصيبهم وهو بذلك يحقق التوافق بين العناصر المختلفة التي تتألف منها حياة المسلم الدنيوية والآخروية، حتى عندما يعالج قضية من قضايا النفس الإنسانية يراعي التوازن والتكامل ما بين عناصرها المختلفة (يونس وآخرون، 1999: 19-20). وعليه أسفرت نتائج الدراسة الحالية أن التدين يعد سياقا نفسيا ملائما لتحقيق مستويات مرتفعة من التوافق بين الأزواج وزوجاتهم مما يتفق مع ما، أشارت إليه نتائج الدراسة التي قامت بها ماهوني وزملاؤها Mahoney et Al إلى أن معظم الأزواج والزوجات في الولايات المتحدة الأمريكية يرون أنهم متدينون، وأن إيمانهم الديني له دور مهم وتأثير بالغ على حياتهم، ورغم ذلك أهمل علماء النفس الاجتماعي دور تدين الأزواج والزوجات في علاقته بتوافقهم الزواجي (Donald, 2001). لقد قام جالوب Gallup سنة 2001 بمسح أشارت نتائجه إلى أن 85% من عينة الراشدين في أمريكا يرون أن الدين شيء مهم جدا في حياتهم (George, 2001). مما تجدر الإشارة إليه أن التدين قد يؤثر على الجانب المعرفي أو الوجداني للأفراد ولا يؤثر على الجانب النزوعي، وفي ضوء ما يشير إليه بارون وكيني (1986) Baroon et Kenny. بأنه قد لا يكون دائما هناك إتساق بين المعرفة والانفعال من ناحية والسلوك الصريح من ناحية أخرى، وتشير ماهوني Mahoney على ضرورة الفصل بين المعرفة والمعتقدات الدينية وبين السلوك الديني الصريح، وخاصة ما يتعلق منها بالحقوق والواجبات الدينية فقد يتوفر لدى الأزواج والزوجات معرفة دينية تتعلق بالسلوك الذي يحقق التوافق، ومن هنا يرى دونالد (2001) Donald أنه فهم العلاقة بين التدين والمعرفة/ الانفعال في مقابل السلوك أمر مهم لتطوير النماذج النظرية التي يمكن أن تفسر علاقة التدين بالتوافق الزواجي، ويؤكد بوم Ben أن معتقدات الفرد لا تحدد سلوكه في كثير من الأحيان وأن هناك ظروفا يمكن في ظلها تحقيق الاتساق بين ما يعتقده الفرد ويشعر به، وما يقوم به من أفعال ومن هذه الظروف قوة المعتقد والضغوط الموقفية ومدى إيمان الفرد بما يعتقده )عطوة، 1993: 97). وفي ضوء هذا يرى سميث Smith أن الإيمان متغير أساس في تدين الفرد يتوسط العلاقة بين معتقداته وسلوكه، وإنه إذا ضعف إيمان الفرد ظهر عدم الاتساق بين معتقداته وسلوكه (Wulff, 1997: 4). ويرى كوازي شامسدين (1992) Quazi et Shamsudin أن تقوى الفرد المسلم هي التي تحقق اتساقا بين معتقداته وتصرفاته، ذلك أنه إذا كان التقدم الروحي يحصل باعتناق الدين القويم الذي يهدي إلى الصراط المستقيم، والتخلف هو في الحرمان والتجرد من هذا الدين، ونحن متخلقون روحيا بدرجة جهلنا لديننا وعدم إدراكنا أن ديننا الحنيف يضمن من الحياة الإنسانية السعيدة في الدنيا والآخرة فيما لو علمنا بأحكامه وتجنبنا نواهيه (الجمالي، 1971: 71). مما سبق يمكن أن تستخلص أن للتدين الإسلامي وظائف نفسية من شأنها أن تيسر التفاعلات الإيجابية بين الزوجين وتزيد من قدرتهما على التغلب على المشكلات الزواجية وتحقق قدرا من التوافق الزواجي بينهما تسهم فيه الزوجة بقدر أعلى من الزوج حيث تفسر هانسن (1987) Hansen ارتفاع متوسط تدين الزوجات بالمقارنة بالأزواج بارتباط هذا التدين ارتباطا إيجابيا لاتجاهات نحو الدور التقليدي الملائم للجنس، ومن خصائص هذا الدور الذي يكتسبه الإناث أثناء تنشئتهن هي الطاعة والتضحية في علاقتهن بالجنس الآخر وهي أنماط سلوكية تحث عليها الأديان السماوية (Hansen, 1987). وإذا كان التوافق يشير إلى تغير الفرد لأهدافه، وتوقعاته لتكون أكثر ملائمة مع الواقع ويكون الفرد أكثر انسجاما مع متطلبات حياته ويزداد شعوره بالسعادة، فالتدين قد ييسر هذا التوافق ويجعل الزواج أكثر قبولا من كلا الزوجين. ختاما فإن نتائج البحث الحالي تفتح آفاق جديدة لبحوث قادمة تلقي الضوء على التدين والتوافق الزواجي لتكون عونا في وضع البرامج التدريبية والإرشادية الدينية وفي تقويم فعاليتها داخل المؤسسات بصفة عامة والأسرة بصفة خاصة. انطلاقا مما سبق يبدو واضحا أن الدين يؤثر كذلك على حياة الفرد الاجتماعية وعلى علاقاته مع الآخرين إيجابية تجعله أكثر تواؤما وتكيفا مع محيطه الخارجي. ذلك لأن الدين يسعى إلى غرس القيم الثمينة والفضائل الخلقية والمعايير الأصلية التي تحفظ على الإنسان سعادته. وتصون كرامته، وتحفظ على المجتمع قوته وتماسكه ووحدته وصلاحيته وانسجامه ووئامه، ولا يكفي أن يكون الإيمان راسخا في القلب. بل لابد أن يصاحبه السلوك العملي، فلابد أن تطبع حياة الفرد عالمنا المعاصر علمنا الإسلامي بالطابع الإسلامي الإيماني، فلعلي ما تعانيه أمتنا اليوم من التمزق والخصام والضعف الزواجي والأسري وعدم التوافق الزواجي والهزيمة والعدوان، والإرهاب، وانتشار الانحرافات السلوكية للأفراد وانتشار الجرائم يرجع إلى ضعف الإيمان في نفوس أبناء أمتنا الإسلامية. واتسامهم بالوعي الديني الظاهري، وابتعادهم عن حظيرة الدين وانحرافهم في هاوية المادية والفلسفات الغربية، والحقيقة أن الدين يعمل جاهدا على تحقيق توافق الفرد النفسي الاجتماعي، وتكيفه مع محيطه الخارجي، فهو يهتم بإشباع الحاجات الاجتماعية كالحاجة إلى التقدير، الحاجة إلى الانتماء إلى الأسرة والمجتمع، الحاجة إلى تقبل الآخرين... إلخ، وبذلك بشخصية الفرد المسلم بشخصيته قوية سوية متوافقة اجتماعيا (عيسوي، 1993: 113). مما يدل على أن التدين له علاقة بتحقيق التوافق الزواجي، فمن خلال الآراء والشواهد السابق ذكرها فيما يخص علاقة الدين بتوافق الفرد شخصيا واجتماعيا، إنما يدعونا لأن نقول أن الدين حقا له تأثير كبير إيجابي في حياة الأزواج والزوجات، لأن الدين في هدفه العام والجلي يسعى إلى تحقيق الصحة النفسية للإنسان وتحقيق توافقه الزواجي، فالتدين ككل ذا قيمة نفسية، اجتماعية، وقائية وعلاجية عظيمة، وهذا ما أكدته دراسات يونغ وسادلر ووليام جيمس (Jung, Sadler et William James).

ISSN: 1110-4406