ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







السمات السلوكية لشخصية البخيل في كتابي طبائع الشخصيات لثيوفراسطوس و البخلاء للجاحظ : دراسة مقارنة

المصدر: مجلة لوجوس
الناشر: جامعة القاهرة - مركز اللغات الأجنبية والترجمة التخصصية
المؤلف الرئيسي: النحاس، عادل سعيد (مؤلف)
المجلد/العدد: ع9
محكمة: نعم
الدولة: مصر
التاريخ الميلادي: 2013
الصفحات: 23 - 50
رقم MD: 626043
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: AraBase
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون
حفظ في:
المستخلص: من كل ما سبق يتضح لنا أن السلوك الإنساني واحد وثابت، لا يتغير بتغير الزمان أو المكان منذ خلق الله البشرية إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، سواء كان هذا السلوك يختص بالفضلاء- كالشجاعة والكرم- أم كان وثيق الصلة بالسيئيين- كالجبن والشح. فالسمات السلوكية لخصال البخيل واحدة عند كل من ثيوفر اسطوس والجاحظ، ولكنها قد تختلف في درجاتها وتتنوع في مظاهرها، فإذا كان المقتر عند ثيوفر اسطوس يحصي عدد الكؤوس التي يتجرعها كل واحد من المدعوين، أو يقطع اللحم إلى أجزاء ضئيلة؛ وإذا كان دأبه ألا يقدم لضيوفه القدر الكافي من الخبز، فالبخلاء عند الجاحظ اشد بخلا، فهم لا يدعون الآخرين لتناول الطعام معهم، وإن فعلوا فلا يقدمون لهم ما يكفيهم. لقد أظهرت الدراسة اختلاف ثيوفر اسطوس عن الجاحظ في معالجته للموضوع بشكل كبير؛ فتيوفر اسطوس يعتمد فى كتابة هذا العمل على الأسلوب الوصفي للسلوك اليومي للشخصيات، مستعينا في ذلك بالعديد من الجمل القصيرة الرشيقة الأمر الذي يساعد على سرعة الإيقاع وحيويته؛ جمل تتميز بالدقة الفائقة في تحديد السمات المميزة لكل شخصية من الشخصيات. وقد حاول ثيوفر اسطوس- قدر استطاعته- الابتعاد عن المبالغة والمغالاة في رسم خصال شخصياته، مركزا في الوقت نفسه على المحور الإنساني، فلم تخرج شخصياته عن كونها صورة هزليه ساخرة - بيد أنها صادقة- للسلوك البشرى غير المألوف. كما كان ثيوفر اسطوس منطقيا وبسيطا في وصف السمات السلوكية بصورة مطابقة تماما للواقع، وذلك من خلال معاينته لسلوكها في مجتمعه، بعيدا عن المبالغة والخيال، فظهرت أنماط البخلاء لديه في صورة حية صادقة تصور شريحة من شرائح المجتمع الأثينى إبان تلك الفترة. ومن أهم ما يميز "شخصيات" ثيوفر اسطوس اهتمامه البالغ بانتقاء الأحداث التي تظهر السمات السلوكية المميزة لكل شخصية بدقة متناهية، والتركيز عليها دون سواها، فضلا عن مقدرته الفذة في عدم الخلط بين الخصال المميزة لكل شخصية عن ما سواها من الشخصيات، دون أدنى لبس أو إخلال بالمعنى. ومن اهم النتائج التي خلصت إليها هذه الدراسة أن ما قام به ثيوفر اسطوس من دراسة سيكولوجية لبعض الشخصيات في لمجتمع الأثيني، إنما كان تطبيقا عمليا لما ورد في تعريف ارسطو لشخصيات الكوميديا في عمله "عن الشعر"، فقدم البخلاء في شكل ساخر، وصور نقائصهم الأخلاقية في شكل مقبول يفهمه المثقفون وكذلك البسطاء، مما يجعلهم ينفرون من تلك النقائص ولا يقبلون على فعلها. أما الجاحظ فيعتمد في وصفه للبخلاء على الرسائل المسهبة والحوارات المطولة من خلال بلاغته في الحديث، ومقدرته الفائقة على الوصف والشرح والتفصيل. فعلى الرغم من أن موضوع البخل يعد من الموضوعات المستهجنة، فقد تحول على يد الجاحظ إلى طرائف ونوادر وفن رفيع، واستمد من حلاوة لسانه وذرابته في القول ما جعله ابدآ جميلا يقبض عذوبة وجانبيه تتفوق وتبز كتابات من سبقوه في هذا الموضوع. لقد أفادنا الجاحظ بمعلوماته الشيقة التي أوردها في كتاب "البخلاء" عن مجتمع البصرة في عصره، وقدم لنا صورة صادقة عما يدور في هذا المجتمع، كما أمدنا بمعلومات وفيرة عن عادات العرب وتقاليدهم، كما أحاطنا علما بالفرس وطرق معيشتهم. ومن اهم ما يميز كتاب "البخلاء" أن الجاحظ لم يصور أحداثا سمع عنها أو نقلها عن الآخرين فحسب، ولكنه نقل العديد من المواقف والأحداث التي عايشها بنفسه، وكان أحد أبطالها، مما اضفى عليها الكثير من المصداقية. وعلى الرغم من أن "البخلاء" كتاب أدبى، فهو يتميز أيضا بذلك الأسلوب العلمي الذي تسوده المعرفة، وتجلوه الثقافة السائرة التي سادت العصر العباس الأول. ومثلما غاص يوفر اسطوس في أعماق النفس البشرية فقدم لنا أدق التفصيلات التي تميز كل نمط من أنماط البخلاء، وأملنا بأول دراسة سيكولوجية كلاسية في علم نفس البشر، غاص الجاحظ في أعماق البخلاء ليقدم للأب العربي اهم دراسة سيكولوجية من خلال ملاحظاته العلمية الدقيقة لمكنونات نفس البخلاء وخباياها.

عناصر مشابهة