ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







الحداثة وصورة الآخر

المصدر: مجلة القادسية للعلوم الإنسانية
الناشر: جامعة القادسية - كلية الآداب
المؤلف الرئيسي: العبادي، سلام عبد علي مهوس (مؤلف)
المجلد/العدد: مج16, ع2
محكمة: نعم
الدولة: العراق
التاريخ الميلادي: 2013
الصفحات: 31 - 46
ISSN: 1991-7805
رقم MD: 634109
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون
حفظ في:
المستخلص: يسعى هذا البحث الى تعرف طبيعة العلاقة ما بين الحداثة بوصفها أحد ابرز إفرازات الواقع الجديد الذي بدأ يفرض نفسه على حياة الإنسان في اغلب مجتمعات العالم في عصرنا الحالي لا سيما المجتمعات العربية والمجتمع العراقي على وجه التحديد، وما بين صورة الأخر المتمثلة بالغرب التي غالباً ما تنطوي على تصورات نمطية قائمة لدى عدد غير قليل من العرب بما في ذلك بعض النخب الفكرية والاجتماعية بأن الحداثة هي بمثابة استلاب فكري ومسخ للهوية والانتماء، والحداثة بوصفها ممارسة اجتماعية ونمط من الحياة يقوم على أساس التغيير والابتكار غالبا ما يرتكز تحديدها الى عاملين أساسيين هما الثورة ضد التقاليد، ومركزية العقل، وهي بهذا تمثل الإبداع الذي هو نقيض الاتباع، والعقل الذي هو نقيض النقل، وعلى وفق هذا التصور يعد التحديث الشكل الإجرائي الملموس للحداثة أو قد يوصفا أحيانا بكونه مظاهر الحداثة وقشورها، في حين أن الحداثة هي اللحظة الواعية التي تتمثل بانتظام العقلانية والفردية والعلمانية والقيم الحرة في اندفاعه حضارية قادرة على أحداث تحولات عميقة في البنية الاجتماعية للمجتمع بما في ذلك البنية العقلية للفرد وبما ينسجم ومتطلبات الواقع السائد، ولهذا اصبح بالإمكان القول ان الحداثة ليست وصفة فكرية جاهزة، بل هي عناء فكري وجهد عقلي فردي وجماعي ضد الذات التقليدية أساساً من اجل التخلص من مجتمع وثقافة عصور الانحطاط، وبناء مجتمع وثقافة حديثة، وهذا يعني ان الحداثة لا تقوم بذاتها، وانما تتأصل في النسق الاجتماعي الذي يشمل الوجهين المادي والمعنوي. ومن الواضح ان الحداثة ترتبط بشكل أو بآخر بالعولمة التي هي ظاهرة هذا العصر، وطبقاً لبعض المفكرين فان العولمة تعد ذروة قصوى للحداثة، أو أنها الحداثة في عنفوانها وشراستها وقوتها، وفي ذروة سيطرتها الاقتصادية والمالية والتقنية، لذلك غالباً ما نرى ان الحداثة التي تمثلها العولمة تستثير لدى الشعوب التي تتلقاها ردود أفعال مختلفة، وتولد لدى الكثير استراتيجيات دفاعية قوية، لهذا بات من المتوقع ان ترفض بعض المجتمعات الحداثة بدعوى إنها إحدى مقدمات أو إفرازات العولمة أو بدعوى إنها غربية المنشأ، مما يعني بحسب هذا التوصيف ان مضامين الحداثة نتعارض مع معتقدات هذه المجتمعات واعرافها وقيمها، ومما هو معروف أيضا ان الحداثة مثل العولمة ظاهرة العصر وقدره وسمته لهذا فأن الوقوف في وجهها، أو تجنبها، أو العزلة عنها إنما هو الخروج عن العصر والتخلف عنها، ويبدو أن التحديات التي فرضتها الحداثة على الواقع العربي والاسلامي تمخض عنها اشكالية فكرية معقدة بعض الشيء تجسدت الى حد كبير في الصراع الفكري بين الراغبين والمطالبين بالتغيير والعصرنة، وبين الرافضين لذلك (المتمسكين بالتراث)، وقد أدى هذا الاختلاف والصراع الى تخبط في البحث عن هدف واضح ومشترك، وبالتالي الى صعوبة بلورة أو اختيار ستراتيجية مناسبة في التعامل مع معطيات الواقع الجديد، وكانت الصورة السائدة لهذا التناحر أو الصراع الفكري هي ان الراغبين بالتغيير والعصرنة طالبوا بمراجعة التراث مراجعة نقدية واعية تهدف الى الإفادة من إيجابياته ونبذ سلبياته، كما طالبوا بالتجديد من داخل التراث وذلك عن طريق استرجاعه استرجاعاً معاصراً، والحفاظ على معاصرته لنفسه ولتاريخيته حتى يصبح بالإمكان تجاوزه مع الاحتفاظ به. وعلى المستوى العملي لا زال الكثير من العرب يفهم التحديث والحداثة بمفهومها التنويري المرتبط بفكرة التقدم، ونتيجة لهذا الفهم اتجهت التجربة العربية في التحديث نحو تقليد الغرب من اجل اكتساب مظهر عصريته بأقصى سرعة من دون الاهتمام بتحديث مضمون الإنسان العربي في ثقافته وقيمه ونظرته الى الذات والأخر، ويبدوا ان هاجس الأخر وتجاوز إشكالية العلاقة ما برحت تمثل العقدة الرئيسة التي تحول بين العرب وبين الانتقال من واقعهم الراهن الى الحداثة، ومع كل الصعوبات التي قد تعيق الوصول الى تحقيق هذا الهدف يمكن القول ان حل عقدة الحداثة يكمن في اعتماد منهج النقد المزدوج للذات وللآخر، ويمكن ان يتجسد ذلك عن طريق القيام بمراجعة ذاتية هادفة لاستقراء وشخيص مواطن الضعف في الذات بغية معالجتها والسيطرة عليها، ودراسة وتحليل أيديولوجيا الأخر ومحاولة فهمها بطريقة لا تحجبها الصور المركبة على واقع غير معروف أو غير مفهوم، من اجل الإفادة من حداثته وصولاً الى خلق حداثة خاصة بالعرب تنسجم أو توفق بين قيمهم أو تراثهم ومتطلبات العصر.

ISSN: 1991-7805

عناصر مشابهة