ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







التعريف بين بين

المصدر: مجلة الباحث
الناشر: المدرسة العليا للأساتذة بوزريعة
المؤلف الرئيسي: لعروسي، نادية (مؤلف)
المجلد/العدد: ع2
محكمة: نعم
الدولة: الجزائر
التاريخ الميلادي: 2009
الصفحات: 183 - 193
ISSN: 9557-1112
رقم MD: 642823
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

71

حفظ في:
المستخلص: لقد تعرضت فلسفة التصور لانتقادات متعددة، وعداء شديد من النزعة الأسمية اليونانية، فقد رفضت الرواقية وجود معاني عامة، كما أنكرت التعريف بالحد التام الأرسطي لصعوبته، واعتمدوا على التعريف بالرسم، الذي لا يعرفنا بطبيعة الشيء ويعرف بالتعريف الخارجي أي تعريف الموضوع بأوصافه الخارجية، بأعراضه عكس التعريف الداخلي الذي يتجه إلى كنه الشيء. أما موقع التعريف الأرسطي في الفكر الإسلامي كان مثار جدل بين مذهبين: مذهب الأصوليين من فقهاء وعلماء أصول الدين، وقف هؤلاء موقف المعارض له، حيث يرى ابن حزم أن "كل حد رسم وبعض الرسم حد"، فغاية التعريف عنده سواء كان حدا أو رسما هو التمييز فحسب، ورفع اللبس والغموض عن الأشياء، وظيفته بيانية عملية، أما غاية التعريف عند المشائين هي إبراز الماهية بصورة كاملة، لذا كانت وظيفته ميتافيزيقية. ومذهب الفلاسفة المنطقيين أو مشائي الإسلام، الموقف المؤيد له، أمثال ابن سينا الذي يرى "أن الحد هو القول الدال على ماهية الشيء "وقد سايره من الفقهاء الغزالي الذي يؤكد على أن حد الشيء هو ذاته وحقيقته، وهذا الموقف الأخير يمكن اعتباره مجرد امتداد للموقف الأرسطي. إن المشكلة الأساسية في الحياة هي مشكلة التعريف أو التحديد، لأن كثيرا ما يقع الاختلاف في مسائل الحياة ومجالاتها المتعددة وخاصة العلمية منها تحديد المفاهيم، والتعريف هي ذكر الصفات التي يتكون منها مفهوم الشيء والتي تميزه عنها، وقد عرفه التهانوي في كشاف اصطلاحات الفنون بقوله: "هو الطريق الموصل إلى المطلوب التصوري، ويسمى هذا الطريق قولا شارحا، ويسمى حدا أيضاً" (التهانوي، ح 1998). وقد ميز المناطقة بين التعريف والحد على أساس أن الأول يقتصر على توضيح صورة الشيء في الذهن، بينما يتجه الثاني إلى كنه الشيء لاقتناص الماهية "واعلم أن الدال على الماهية هو اللفظ الذي يجاب به حين يسأل عن الشيء أنه ما هو أي ما حقيقته والصالح لهذا الجواب هو اللفظ المطابق لمعناه المتضمن لجميع ذاتياته (الساوي، ز. ب – ت)، لذا فكل حد عبارة عن تعريف وليس كل تعريف حدا، فقد يكون رسما أو غير ذلك، فمثلا حد الإنسان موجود في كل فرد لأنه يشير إلى الطبيعة المشتركة بين مجموعة أفراد نصل إليه عن طريق عمليتي التجريد والتعميم وكان أتم أنواع التعريف هو التعريف بالحد التام (يتكون من جنس قريب وفصل نوعي) وما يهمنا ليس الإنسان الجزئي أي الفرد بل الإنسان الكلي مادام المنطق يهتم بالتصورات والتصور هو الفكرة العامة وهو موضوع التعريف وأساس العلم عند "أرسطو" لأنه لا علم إلا بالكليات (تريكو، ج 1966) والكلي عنده ليس كليا مفارقا فوق الشيء كما هو الشأن عند أفلاطون بل موجود في الذهن وفي الخارج (تريكو، ج 1966)، فأصل الأحكام الشارحة واقعي وهذا يبرز بجلاء أن بين العقل والتجربة علاقة وثيقة لا يمكن الفصل بينهما، فهما يتبادلان التأثير دون انقطاع. إن التعريف عند أرسطو هو القول "الدال على ماهية الشيء" (أرسطو، ط 1980)، لذا كان حد الإنسان بأنه حيوان ناطق أتم أنواع التعريف أو ما يعرف بالحد التام، لأنه يتم بالصفات الذاتية الجوهرية التي تعتبر جزء من الماهية ويستبعد الصفات العرضية، إلى جانب أنه مساو للمعرف وجامع مانع، وقد تعرض الحد الأرسطي لعدة انتقادات منذ البدء عند النظريات الأسمية اليونانية، حيث رفضت المعاني العامة وفصلت بين ما هو موجود في الأذهان وما هو موجود في الأعيان، ولا تعترف إلا بالموضوعات الجزئية ويعتبر أنتستانس " Antisthenes" أحد تلامذة سقراط مؤسس المدرسة الكلبية التي وقفت ضد واقعية مدرسة ميجارا التي تفصل بين التصورات والأشياء المحسوسة، ومثالية أفلاطون، وأقامت في مواجهتها نظرية للمعرفة مبنية على النزعة الأسمية. ويذهب ممثلو المدرسة الكلبية إلى أن الأشياء الفردية هي وحدها التي توجد، أما التصورات الكلية ليست إلا أسماء (ماكوفلسكي، أ. 1987)، ورفضوا كل عمومية ولم يقبلوا سوى الأفراد والمثل الأفلاطونية كماهيات مفارقة وموضوعية، ما هي في الحقيقة إلا من وحي ونتاج للفكر البشري. حيث يقول Antisthenes: "إني أرى فرسا ولا أرى فرسية" (تريكو، ج 1966). والرواقية سلكت المسلك نفسه ولا تقر إلا بالأفراد، فالحقيقة الحسية الواقعية هي أساس كل معرفة عندها، وقد أرادت إحداث تزاوج بين المعرفة الحسية والمعرفة العقلية، إلى جانب هذا الكليات الخمس عندهم هي في الحقيقة عبارة عن أسماء وصناعة ذهنية بحتة، ليس لها مقابل في الواقع الخارجي، وفي هذا الأخير الموجود الحقيقي أي الفرد المشخص باعتباره حقيقة عينية تمثل أصل كل معرفة عقلية: "إن الموجود عندهم لابد له من تخصيص لا يشاركه فيه غيره، فما لا تخصيص له لا يوجد في الخارج والكلي لا تخصص له وإذن فالكلي لا وجود له" (عثمان، أ. 1959).

ISSN: 9557-1112

عناصر مشابهة