المصدر: | مجلة العلوم الإنسانية |
---|---|
الناشر: | جامعة البحرين - كلية الآداب |
المؤلف الرئيسي: | ريكور، بول، ت. 2005 م. (مؤلف) |
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): | Ricoeur, Paul, D. 2005 AD. |
مؤلفين آخرين: | ناصر، عمارة (مترجم) |
المجلد/العدد: | ع22 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
البحرين |
التاريخ الميلادي: |
2012
|
الصفحات: | 333 - 337 |
ISSN: |
1985-8647 |
رقم MD: | 670088 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
قواعد المعلومات: | HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
يمكننا العودة إلى هيغل؛ للمساهمة في التأسيس لنظرية عقلانية للحق، فهو يردّ العقاب إلى القانون وليس إلى الضحية، ".." فلأن المجرم كائن عقلاني فهو يُعاقب. لكن ماذا يعني أن يُعاني كائن عقلاني بطريقة مشروعة؟ ففي عجز الإجابات العقلانية عن هذا السؤال تُقيم، حسب رأيي، الفضيحة الفكرية للعقاب، حيث تسقط العدالة عن قمة مجدها الكبير. ليس من غير المتوقع أن نجد لدى هيغل تفسيرا دقيقا لفكرة "حق العقاب". لكن بمصطلحات الجزء الأول من كتابه: مبادئ فلسفة الحق "Principes de la philosophie du Droit" المخصص للحق المجرّد، فإنه يمكن التعبير عن هذا المستوى الأكثر فقرًا روحيًّا في المسيرة المتصاعدة؛ لتحقيق الحرية وفكرة الحق نفسها المتطابقة مع مسألة تحقيق الحرية. إن مسألة العقاب تندرج ضمن نظرية العقد حيث الخداع يشكّل النفي. فيما يخص العقاب: فإنه مرتبط ديالكتيكيًّا بالمخالفة حسب علاقة النفي المزدوج، بالطريقة نفسها التي ترتبط بها المخالفة بالقانون الذي يُفرزها ويُحرّض، في بعض جوانبه، عليها. إن نظام الحق المجرّد نظام مغلق، فهو عقلاني، لكنه فقير روحيا. إنها بالتأكيد الخلفية التي تَنفكّ عنها مسألة العقاب. إن مفهوم العقاب كنفي النفي، مفروض فيه إخفاء الصعوبات النظرية والعملية لحجّةٍ، دورها الوحيد هو تكرار القصاص. إن الثواب، حتى نحتفظ باسمه القديم، ليس مساواة حسابية – يقول هيغل: كقانون للعقل غير ديالكتيكي وفق منطق التماهي. النفي المزدوج يُحيل إلى وظيفة النفي في المقدّمة المشهورة لكتاب فينومينولوجيا الروح "La phénoménologie de l’esprit" . فإعادة تشييد القانون ليست تكرارًا له، ولكنها إنتاجٌ لقانون متكامل بعد صقله على المحكّ. هل يكون العقاب بطريقة الفرض والإجبار فقط؟ وهذا ما تحاول الفقرات" 89-103" من "مبادئ فلسفة الحق "الإجابة عنه" " ....يجب ،أولا ،إعادة إدراج المخالفة كحادثة، كـ "وجود موضوعي" في مكانها الخاص بها، "الإرادة الخاصة بالمجرم"، فمكان المخالفة هو في قلب هذه الإرادة "93§ ". يستنتج "هيغل" أنه نوعٌ من الحق أن تُنشئ إرادة المجرم، للمجرم نفسه، فكرة العقاب. فمن حقه أن يَرتدَّ القانون ضده "100§". لقد اعتقد هيغل أنه يمكن استعادة الحجّة الكلاسيكية ، المنقولة بواسطة كانط ، فيما يتعلق بالتناسب "Proportion" في المقارنة بين سلّم العقوبات وسلّم المخالفات. بمجرد أن تدخل العقوبة والضرر مجال الواقع فإنه يمكنهما أن يتعادلا، ولكن خلافا لكانط، فإن التعادل "equivalence"، المعُاد إثباته ديالكتيكيا، لا يُحمَل على "الطريقة الخصوصية" "بمعرفة التقابل الحسابي: العين بالعين". ولكنه يُحمَل على التطابق حسب القيمة، والحديث عن القيمة خاص بمجال الحق المجرد بكُليَّـته، حيث نتبادل الأشياء المتنافرة "§101" بالنسبة إلى هيغل فإنه لا توجد عقوبة مُعترَف بها إلا إذا اندرجت ضمن" أعمال انتقامية" "§ 102" "Représailles" ، ومنه فنحن لم نغادر ،أساسا، نظام الانتقام والثأر. لكن هذا الانتقام هو انتقام عادل ،لأنه، ومن خلال مضمونه، يُساوي ويُعادل بين قيمة المخالفة والعقوبة، ومن خلال شكله، يضع الإرادة الذاتية تحت سيطرة قانونها الخاص: "حيث يجب أن نعتبر أن العقوبة تتضمن حقها الخاص وبهذا يَشْرُف المجرم بكونه كائنًا عقلانيا add 100§""، وباختصار، فإن مفهوم العقاب ومجاله – معناه ومعياره- يصدران عن فعل العقاب نفسه. وبهذا المنظور، فإن العقاب لا يَفترض أيَّة محكمة، لا يتعلق الأمر هنا بالحق ، بمعنى الحق الوضعي، الذي سيندرج في إطار مؤسسات المجتمع المدني و "إدارة العدالة" "§ 220". وهذا ما يجعلنا لا نندهش عندما نصل إلى فكرة هيغل النهائية حول "العدالة-الانتقام". و"الانتقام، بوصفه فعلا إيجابيا لإرادة خاصة، يصبح ضررا جديدا. وبوصفه هذا التناقض، فهو يستسلم للتطور اللانهائي، ويكون وصية من جيل إلى آخر بشكل غير محدود" "§ 102". نحن نعرف الانتقام القديم في التراجيديا اليونانية. هذه هي الكلمة الأخيرة حول العقاب في إطار الحق المجرد. ما يهمُّـنا على الخصوص في هذا الصدد، هو إقرار هيغل بلا تجانس العقاب كمُعاناة بالنسبة إلى معناه كثواب – "ضرر جديدune lesion nouvelle" . ففصيحة العقاب، في بعض جوانبها، كبيرة، ولكنه مُشادٌ بعقلانيته في الوقت نفسه. والمدهش أن إقرار هيغل واعترافه ليسا بسبب فشله في البرهنة، ولكنهما كزهرة جميلة ومسمومة .إذ كان يجب الدفع – إلى أقصى حدّ – بالحجة الديالكتيكية لنفي النفي، ليُظهر ما يحدده النص بمصطلح "التناقض" كحاصل لهذا الديالكتيك. يرتدّ هيغل من خلال هذا التناقض في اتجاه درجة قصوى للحق، الذي يُفهم منذ البداية كتحقيق للحرية. سنخرج من إطار الحق المجرد لننخرط في مجل الأخلاق الذاتية الموسومة بالطابع الإجباري للوجوب. فهذا التصاعد المدهش للانتقام، بمصطلحات الحجاجية الهيغلية، يصع خطا قاسيا تحت الفقر الروحي للرابطة الاجتماعية على مستوى الحق المجرد. يجب معرفة أن العقاب يقع بطريقة معقولة بالتأكيد، ولكنه بقيمة ضعيفة للاندماج والتكامل الجماعي. ألا يُوجِد هذا الاندماج الضعيف، تأييدًا غير متوقع لبعض أشكال الإجرام في المجتمع المعاصر؟ أليس بفضل انهيار الرابطة الجماعية القوية، تَحرَّرت القوى المدُمِّرة وأفلتت من الرقابة على المستوى الرمزي ؟. بعبارة أخرى، ألا يشهد هذا الإجرام على الإفلاس الروحي للرابطة السياسية نفسها؟ وبتعرية "تجريد الحق" الذي تُدافع عنه نظرية العقاب، ألا يمكننا القول بأنه في هذه الحالة من الفقر الروحي لرابطة المساواة الصارمة، فإن القانون يتضمن الاختراق الذي يُحرك بدوره ميكانيزم العقاب؟ \ |
---|---|
ISSN: |
1985-8647 |