المصدر: | أعمال الندوة العلمية: إشكالية الحداثة في العالم العربي |
---|---|
الناشر: | كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان |
المؤلف الرئيسي: | صيداوي، رفيف رضا (مؤلف) |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
تونس |
التاريخ الميلادي: |
2015
|
مكان انعقاد المؤتمر: | القيروان |
الهيئة المسؤولة: | كلية الآداب والعلوم الإنسانية |
الشهر: | ابريل |
الصفحات: | 219 - 240 |
رقم MD: | 720875 |
نوع المحتوى: | بحوث المؤتمرات |
قواعد المعلومات: | HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
إننا نعيش في عالم مرحلة ما بعد الحداثة الغربية أو فضاءاتها المتزامنة مع الهيمنة الرأسمالية المتأخرة أو الاستهلاكية التي تكونت فيها عناصر العولمة الراهنة. وهي مرحلة انطلقت أساسا من التشكيك بكل مرتكزات الحداثة، ولاسيما عقلانية عصر التنوير. حيث حل البراديغم الخاص بها (اللاعقلانية والفوضوية واللامعيارية...) بدل براديغم الحداثة (العقل والنظام والمعمارية...)، فضلا عن مقولات النهايات (موت الإنسان، نهاية المثقف، نهاية الدولة، نهاية التاريخ...). فقد انتقد الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو "الحقيقة " التي تمارس السلطة باسمها، سواء في سعي الأدب إلى تقديم خطاب حقيقي أو صادق، أم في سعي الممارسات الاقتصادية منذ القرن السادس عشر إلى عقلنة ذاتها وتبريرها في نظرية الثروات والإنتاج، أم في سعي منظومة العقوبات إلى البحث عن مرتكزات خاصة بها وعن تبريرات لها أيضا ( ). واعتبر الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي جان -فرانسوا ليوتار أن الحكاية الكبرى فقدت مصداقيتها، سواء أكانت حكاية تأملية أم حكاية تحرر ( ). ولئن انفتحت النخب الفكرية والثقافية والفنية العربية على أفكار و "ما بعد الحداثة " "، فإن مجتمعاتنا لا تزال تحتاج ربما إلى فكر الحداثة نفسه. العقلانية الحديثة، الدولة المركزية، الحرية، حقوق الإنسان، المصلحة العامة.. إلخ، هي كلها مفاهيم ومرتكزات بحاجة إلى الصمود في مرحلة تاريخية راهنة تتعايش فيها الأضداد ( ) وتتصارع تارة، وتتماثل فيها الظواهر تارة أخرى، على الرغم من اختلاف منطلقاتها اختلافا جذريا في حالات كثيرة. صحيح أن بعض ظواهر الواقع الـ "ما بعد الحداثي "الغربي قد يجد له صدى أو نظيرا في مجتمعاتنا العربية في ظل العولمة الراهنة، وما يرافقها من ممارسات عبر -وطنية تخترق الحدود الدولية على المستويات الاقتصادية، والسياسية، والثقافية، والإيديولوجية، والفنية كافة، إلا أن ذلك لا يعني إمكانية المماثلة بين الظواهر على قاعدة تغييب خصوصية البنية الاجتماعية لبلدان الجنوب، وضمنا البلدان العربية من جهة، وبلدان المتطورة الغربية من جهة أخرى، وبالتالي اختزال السياقات التاريخية. فنحن نعاصر حاضر القرن الحادي والعشرين (أو العصر المسمى ب " ما بعد الحداثي " أو حتى بالـ "بعد ما بعد الحداثي ") ونحن نعايش بعضا من ظروف القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين وظواهرهما. وبالتالي نحن بحاجة إلى تحقيق تنمية اقتصادية اجتماعية حقيقية، تستند إلى جوهر مبادئ الحداثة، من إصلاح سياسي لأنظمة التمثيل السياسي والنقابي، وتداول السلطة، وتكريس الديمقراطية والحريات على أنواعها، وترسيخ دور المؤسسات وآليات المحاسبة والمساءلة. تنمية تحمل في مضامينها تراث الحداثة الليبرالية الغربية من دون أن تكون مرسومة لخدمة السياسات النيوليبرالية الجديدة. تنمية تنهض بالمجتمع المدني ودوره الفاعل في الرقابة والتوجيه والتغيير لكن من دون أن يكون مطية أو معبرا لإلغاء سيادة الدولة، بحجة انتفاء دور الدولة في الخطاب الإيديولوجي الما بعد حداثي أو المعولم. |
---|