ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







تركيا إلى أين : دور و تحديات

المصدر: المستقبل العربى
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
المؤلف الرئيسي: نور الدين، محمد (مؤلف)
المجلد/العدد: مج32, ع364
محكمة: نعم
الدولة: لبنان
التاريخ الميلادي: 2009
الشهر: يونيو
الصفحات: 39 - 55
ISSN: 1024-9834
رقم MD: 721126
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

47

حفظ في:
المستخلص: 1-إن الدور التركي المتعدد الأبعاد والوسيط، ليس محصوراً في منطقة الشرق الأوسط، بل يطول كلّ المحيط الإقليمي لتركيا. وكما حدثت تحولات في علاقة تركيا بالعرب والمسلمين حصل الأمر نفسه مع روسيا. لذلك، ليس من تركيز تركي على دور خاص شرق أوسطي، بل إن دورها متصل باستراتيجية تركية جديدة شاملة، كما أشرنا سابقاً. لكن كون منطقة الشرق الأوسط منطقة متفجّرة، فقد ظهر الدور التركي أكثر حضوراً. 2-إن الدور التركي الوسيط الذي هو على مسافة واحدة من كل الأطراف المتناقضة ما يزال الوحيد الذي يملك هذه المواصفات، وبالتالي لا غنى عنه في المرحلة المقبلة في أية مساع للتقريب بين متناقضين ومتصارعين. لكن يجب عدم المبالغة في التوقعات بالنسبة إلى هذا الدور الذي يبقى محدوداً بقدرته اللوجستية، ولا سيما في ما خصّ الصراع العربي - الإسرائيلي. كما لا ينبغي إهمال الإشارة إلى أن وسطية الدور التركي لا تعني أبداً التخلي عن المواقف المبدئية في بعض القضايا، ولا سيما نصرة الشعب الفلسطيني والتنديد بالعدوانية الإسرائيلية. وهذا بدا واضحاً في كلّ مواقف حكومات حزب العدالة والتنمية من كل القضايا العربية منذ وصوله إلى السلطة عام 2002 وحتى اليوم، وليس مقتصراً، كما قد يتراءى، على الموقف الذي اتُخذ إبّان عدوان غزة، وخصوصاً في حادثة دافوس الشهيرة. 3-إن الفراغ والعجز والخواء في الدور العربي في المنطقة جعل الدور التركي يتقدم، ويبدو كما لو أنه يريد ملء الفراغ على حساب الدور العربي. وهذا ليس دقيقاً، ولم يكن في منطلقات السياسة التركية الجديدة. لكن الفراغ العربي جعل الدور التركي يبدو أكبر من حجمه الطبيعي ومبالغاً في قدرته على اجتراح المعجزات. 4-لم يطرح الدور التركي نفسه بالقوة على الآخرين، بل كان يستجيب في حالات كثيرة لرغبة الأطراف المتنازعة نفسها، وبالتالي لم يتقدم بدافع التحدي أو المنافسة أو سلب أدوار الآخرين. وقد أشار المسؤولون الأتراك أكثر من مرة خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، مثلاً، إلى أن تركيا لا تريد منافسة الدور المصري هناك أو تجاوزه، باعتبار أنّ الدور التركي مكمل للدور المصري، بل أكثر من ذلك، لا يمكن لا يمكن وقف إطلاق النار بمعزل عن مصر نفسها. لكن إذا كان البعض، ولا سيما من العرب، قد استقال من دوره ومسؤوليته التاريخية، فهل ينتظر التركي ويكتفي بالتفرج على الحرائق المتنقلة التي ستصل إليه حتماً، إن لم يتم إخمادها مسبقاً، فقط لكي لا يتهم بالمنافسة أو التطلع إلى أدوار عثمانية جديدة؟ 5-وهذا يستدعي التوقف قليلاً أمام ما يطلق من احتمالات بوجود تطلع تركي إلى استعادة دور عثماني في محيط تركيا الواسع. وعلى الرغم من وجود بعض مثل هذه الأصوات في داخل تركيا نفسها، إلا أن الغالبية لا تأخذها بالجدية الكافية. فهناك أولاً معارضة لها في الداخل، ولا سيما من جانب العلمانيين. ثم إن الإسلاميين أنفسهم يميّزون بين العلاقات الجيدة والتواصل مع العمق الإسلامي من جهة، واستعادة دور إمبراطوري من جهة أخرى، ولا سيما بالمعنى الجغرافي. كما أن مثل هذا الطرح يسيء إلى مشروع حزب العدالة والتنمية الإصلاحي في الداخل، ويهدف إلى إثارة العقبات في وجهه في الخارج، وكبح اندفاعه الإيجابي تجاه العالم العربي والإسلامي عبر إثارة الحساسيات والهواجس التاريخية والجغرافية والقومية بين تركيا عموماً والكتلة العربية والإسلامية، فضلاً عن الشعوب الأخرى المحيطة بتركيا والتي كانت خاضعة للسلطنة العثمانية. ومن أي زاوية نظرنا، فإن الحديث عن وجود مثل هذا المشروع العثماني هو أمر خارج الواقع والعقلانية، ويثير من الهواجس والصدامات والفتن أكثر من أي شيء آخر. ولا أعتقد بأن قادة حزب العدالة والتنمية تنقصهم مثل هذه العقلانية حتى يضحّوا بكل مشروعهم من أجل هدف غير واقعي ولا يمتلك أي شرط للتحقق والنجاح، بل على العكس يفضي إلى نتائج معاكسة. 6-إن الدور التركي الجديد الفاعل والمؤيد والمتفهم للقضايا العربية والمسلمة يشكل فرصة تاريخية للعرب لتعزيز مواقعهم، خصوصاً أن القوة الكبرى الأخرى في المنطقة، أي إيران، تقع على الجانب المعارض للمشروع الإسرائيلي وللهيمنة الأمريكية على المنطقة. والمطلوب الاستفادة من هذا الدور، بل التكامل أيضاً معه، لا التوجس منه أو اعتباره منافساً أو بديلاً. 7-يجب ختاماً عدم السهو عن تذكر أن الخيار الاستراتيجي لتركيا كان وما يزال، ولأسباب عديدة، الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ويجب ألا يُغفل عن الذكر أن الخطوة الأكبر في تاريخ تركيا العلمانية والحديثة، ومنذ ثمانين عاماً، أي بدء مفاوضات العضوية مع الاتحاد الأوروبي، حصلت في العام 2005، بسبب "الثورة الصامتة" الإصلاحية التي قادها حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان. وفي أثناء زيارته إلى القاهرة في مطلع العام 2008 أكد الرئيس التركي عبد الله غول أن علاقات تركيا بالعالم العربي تقوّي روابطنا بالاتحاد الأوروبي، لكنه قال إن "علاقتنا مع العالم العربي ليست بديلاً من عملية العضوية في الاتحاد الأوروبي. وجميع الأطراف تدرك ذلك". وفي خضم التساؤلات عمّ إذا كانت تركيا قد غيّرت بوصلتها نحو الشرق بدلاً من الغرب بعد موقفها المندّد بالعدوان الإسرائيلي على غزة، قال أحمد داود أوغلو في معرض الجزم باستمرار الروابط العضوية مع الغرب إنّه "يجب ألا تكون روابط تركيا بالغرب موضع مناقشة". 8-إن انفتاح حزب العدالة والتنمية على العرب والمسلمين وغيرهم، وإقامة أفضل العلاقات معهم، كما بدا واضحاً، ليس بديلاً من، ولا يتعارض مع الخيار الاستراتيجي لتركيا حزب العدالة والتنمية، الذي ما يزال حتّى الآن، وفي الأفق المنظور على الأقل، هو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مع التفاعل الكامل في الوقت نفسه مع عمق تركيا التاريخي والحضاري، أي العالم الإسلامي والعوالم الأخرى المحيطة بتركيا.

ISSN: 1024-9834

عناصر مشابهة