المؤلف الرئيسي: | السويد، أحمد بن صالح بن محمد (مؤلف) |
---|---|
مؤلفين آخرين: | سليمان، سعيد شوقي محمد (مشرف) |
التاريخ الميلادي: |
2013
|
موقع: | بريدة |
التاريخ الهجري: | 1434 |
الصفحات: | 1 - 504 |
رقم MD: | 727065 |
نوع المحتوى: | رسائل جامعية |
اللغة: | العربية |
الدرجة العلمية: | رسالة ماجستير |
الجامعة: | جامعة القصيم |
الكلية: | كلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية |
الدولة: | السعودية |
قواعد المعلومات: | Dissertations |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
لو نظرنا ابتداءً إلى مصطلح ( شخصيـــة الأب ) لوجدنا أن لفظــــــة ( الشخصية ) مهما اختلفت تجذّراتها اللغوية ومعانيها ؛ فإنها تحقق المعنيين : الظهور والارتفاع ، أو أحدهما دون الآخر . كما أن مصطلح ( الأب ) لغوياً : يطلق على الوالد الذي هو سببٌ لوجود الابن ، ومهما تباينت معانيه ؛ فإنها تدل عليه أو توحي إليه . ومصطلح الشخصية من منظور أدبي لم نجد له تعريفاً شاملاً ومانعاً ؛ لأن مُدخلات النص الروائي متغيرة باستمرار . كما أن ذلك يرجع إلى تباين الدارسين والمنظرين في فهم الشخصية ودراستها . أما شخصية الأب من منظور نفسي فقد وجدنا أكثر من مصطلحٍ يشير إليه كعقدة أوديب وعقدة أليكترا ، ومصطلح صورة الأب ، ومصطلح التركيز على الأب ، ومصطلح المثالية الأبوية ، ومصطلح الاستغلال الوالدي ، ومصطلح بديل الأب . ويشير هذا إلى عمق هذه الشخصية وكثافتها سيكولوجياً . أما شخصية الأب من منظور تاريخي ؛ فقد تعرفنا على أن الامتداد التاريخي للأسرة العربية - التي يقف الأب على رأس الهرم فيها - قد تحولت من نظامٍ قَبَلِي في العصر الجاهلي يعزز سلطة الأبويّة عبر سيد القبيلة ؛ إلى نظام أُممي في عصر صدر الإسلام ، مع بلورة أُسَرٍ صغيرةٍ منعتقةٍ من هيمنة القبيلة ، ونزول تشريعاتٍ تحث الأبناء على برّ الآباء ، وتُبَيّن للآباء حقوق الأبناء ؛ إلى عودة النظام القَبَلي بعد سقوط بغداد ورجوع سيد القبيلة إلى مركزه الأبويّ ؛ إلى ارتباط العائلة العربية بنمط الإنتاج القائم أثناء سيادة الدولة العثمانية ، حيث ظهرت أسر ريفية وأسر مدنية ، وكلها عُرِفَت بالامتداد وبسلطةٍ مركزيةٍ بيد الأب . أما شخصية الأب من منظور بُنيوي ، فقد تعرفنا على أن الأسرة التي تحتضن الأب هي زوجة الرجل وأولاده وأهل بيته ، وتعرفنا على بُنية الأسرة العربية ، بأنها تقوم على وحدات اجتماعية أساسها القرابة ، متمثلةً في العائلة التي هي جزء من الحمولة ، فالفخذ فالعشيرة فالقبيلة فاتحاد القبائل . وعرفنا أن العائلة الموسّعة ( القبيلة ) يتفشّى فيها النظام الأبوي ، بخلاف العائلة الصغيرة ( الأسرة ) التي تحكمها الديمقراطية. أما شخصية الأب من منظور اجتماعي ، فقد تعرفنا على أن النزعة التسلطية لدى الآباء في الأسر الواسعة ، أقوى مما لدى الآباء في الأسر الصغيرة ، وبأن الحزم والتفاعل الموجب أكثر في الأسر الصغيرة. وأما شخصية الأب من منظور ثقافي ، فقد تعرفنا على أن مصطلح الأبوية قد انطلق من شخصية الأب . وتعرفنا على أن من أهم أسباب انتشار النزعة الأبوية في المجتمع العربي هو ارتباط هذه المجتمعات العربية بالبيئة الصحراوية ، وتأدلجها بتشريعاتٍ وقوانين تدعم نظام القرابة والنزعة الأبوية . وتعرفنا في هذا المنظور على أن صفة التسلط في الأب السعودي – تتجلى في مسلكين : ارتياح الأب إذا وافقه ابنه في كل شيء ، وغضبه إذا لم ينفّذ الابن طلباته ، وأن الآباء السعوديين يتفرّدون عن الأبناء في اتخاذ القرارات ، وأن جيل الآباء الذي حظي بشيء من التعليم هم أكثر تسامحاً مع الأبناء . وأما شخصية الأب من منظور ديني ، فقد تعرفنا على أن القرآن والسنة باعتبارهما مصدري التشريع قد حثا وأكدا على بر الوالدين ، ووجوب العطف عليها حتى ولو كانا غير مسلمين ، ما لم يأمرا بمعصية الله . وبعد دراستنا لخمسة عشر رواية منتقاة من الروايات السعودية ، تتناول شخصية الأب ؛ استطعنا تقسيم هذه الدراسة إلى بابين : الباب الأول : شخصية الأب الأصل ، وتعرفنا عليه بأنه هو الأب الحقيقي الذي يكون سبباً بعد الله في وجود الابن . والباب الثاني : شخصية الأب الفـرع ، وتعرفنا عليه بأنه الذي نطلق عليه مجـازاً (أب)؛ لكونه يقوم بدور الأب ويتجسد سلطته الأبوية ، فالأب الفرع غير الأب الأصل الحقيقي البيولوجي . وتعرفنا على أن الأب الأصل الإيجابي على نوعٍ واحدٍ من شخصيات الآباء ؛ وهو الأب الحازم ، والذي استنتجنا من خلال قراءتنا لمواقفه من الأحداث ؛ أنه يتسم بثلاث صفات إيجابية مع أسرته وهي : الحزم ، والمرونة ، والتعاطف . وعرفنا أن شخصية الأب الحازم تتوفر في ثلاث روايات من الروايات المختارة ، وهي : ( سقيفة الصفا ) لحمزة بوقري ، و ( مهما غلا الثمن ) لعبدالله العريني ، و ( آدم يا سيدي) لأمل شطا . والرواية الأخيرة قد فصّلنا فيها البحث، لكونها أكثر الروايات الثلاث حضوراً لشخصية الأب الحازم . واكتشفنا أن علاقة هذا الأب الحازم مع شخصيات الرواية الأخرى قد اتسم بالتواؤم والمحبة ، في دلالةٍ على إيجابية هذه الشخصية. كما عرفنا أن هذه الشخصية قد تفاعلت جداً مع الزمان والمكان في دلالةٍ على ديناميتها القويـة ، وقد كشف هذين العنصرين عن صفات تؤكد إيجابيتها كالمرونة والحزم . وتعرفنا إلى أن اللغة التقريرية هي أكثر لغات السردِ قَدَّمت شخصية أبي سلمان ، وقد تبين لنا أن السبب وراء هذه اللغة التقريرية الجافة ، يعود إلى مرحلية هذه الشخصية وثانويتها . وبعد باب الأب الأصل الإيجابي ، نكتشف ثلاثة أنواع من شخصية الأب ، وذلك في الفصل الثاني من الباب الأول : ( شخصية الأب الأصل السلبي ) وهي : شخصية الأب المتسلط ، وشخصية الأب الضعيف ، وشخصية الأب المزدوج . وقد تعرفنا في شخصية الأب المتسلط على سلبية مواقفها من الأحداث ، حيث اتسمت بالعنف وأحادية الرأي والكبت أمام أفراد الأسرة . ومن خلال دراستنا للروايات المختارة ؛ فقد تجلى لنا ثمان روايات تحمل شخصية الأب المتسلط كأكثر أنواع شخصيات الأب توظيفاً لدى الروائيين ، في دلالةٍ على ثورتهم في وجه الأبوية المتسلطة . وقد اخترنا روايـة ( أنثى العنكبوت ) لقماشة العليان لكونها أكثر هذه الروايات تجلياً للأب المتسلط . واكتشفنا أن علاقة الأب المتسلط في رواية ( أنثى العنكبوت ) مع الشخصيات الأخرى في الرواية لا تتسم بالودّ والتواؤم ، بل هي علاقةٌ اتسمت بالاستبداد والعنف والتهميش والظلم والقسوة ، وكل هذا يعكس سلبية هذا الأب المتسلط . وتعرفنا على أن الأب المتسلط / أبو صالح في رواية( أثنى العنكبوت ) هو شخصيةٌ محورية ، وقد ارتبطت جميع شخصيات الرواية فيه . ولكن برغم محوريته ، فإن الراوي لم يقدّم بُعْده الجسدي ، وكأنه يوحي إلى أن هذا الأب لا يكتسب تسلطه من قوته الجسدية أو صفاته الخارجية المتميزة . وتعرفنا إلى أن هذا الأب يرتبط بعلاقة متميزة مع الزمان ؛ إذ يحدد هذا العنصر كثيراً من صفاته السلبية ، مثل الاستبداد ، والأيدلوجية الجاهلية التي تعزز دونية المرأة وتستبعدها. وقد ساهمت التقنية الزمنية المشهد في تصوير الكثير من أحداث هذا الأب المتسلط ، واستنتجنا من هذا ؛ أن هذه الشخصية تكمن سلبيتها كثيراً في تفاصيل الأحداث ، كما أنها شخصيةٌ حساسةٌ خطيرةٌ تحتاج إلى كثيرٍ من التأمل الذي تتميز به تقنية المشهد ، لكونها تتروى في حركة السرد . وقد استنتجنا أن شخصية الأب المتسلط هي أكثر شخصيات الأب الأصل دينامية وتعقيداً ، ذلك أنها فاجأتنا بالكثير من صفاتها الغريبة والمتغيرة . وبعد ذلك تعرفنا على شخصية الأب الضعيف ضمن باب الأب الأصل السلبي ، حيث وجدنا روايتين فقط من الروايات المختارة تتناولان هذا الأب ، وهما : رواية (جاهلية ) لليلى الجهني ، والتي لخّصناها في الحاشية ، ورواية ( القارورة ) ليوسف المحيميد ، والتي فصّلنا الدراسة فيها ، حيث تجلى فيها الأب الضعيف أكثر عبر شخصية حمد الساهي . وقد عَرَفنا أن هذه الشخصية الضعيفة قد اكتسبت سلبيتها من خلال مواقفها من الأحداث ، حيث أن حمد الساهي / الأب الضعيف لا يحسم الصراع بين أفراد أسرته بغير التناهيد والعبارات المكرورة ، كما أنه يحسن الظن بكل الناس ، ولا يري في أحد عيباً . وعرفنا أن شخصية الأب الضعيف في رواية القارورة هي شخصية ثانوية ، تَمَحوَر حولها أحداث قليلة ، لم يتفاعل معها الأب الضعيف كثـيراً ، بما يوحي بسطحية هذه الشخصية . وبرغم أن شخصية حمد الساهي ثانوية ؛ إلا أننا قد عثرنا على جميع الأبعاد الثلاثة لهذه الشخصية في رواية ( القارورة ) ، واستنتجنا أن هذه الرواية تتمذهب بالواقعية التي تفصّل الأشياء والشخصيات والأمكنة ، وتقترب بها من الواقع . وتعرفنا إلى أن أكثر التقنيات الزمنية قدمت شخصية حمد الساهي / الأب الضعيف ؛ هي تقنية الوقفة الوصفية ، ولعل ذلك يشير إلى جمود هذه الشخصية التي لم تتفاعل مع الأحداث حتى ناسبها تقنية الوقفـة، كما أن جمودها وتسامحها اللافت يحتاج إلى وقفة تأمـل . وعلاقة الأب الضعيف مع المكان جيدة ؛ إذ كان يتفاعل مع دكانه ، ولكن ذلك لا يعني ديناميته ؛ لأننا اكتشفنا أن دكانه لم يتغير منذ ثلاثين عاماً . وأكثر لغةٍ قدّمت هذا الأب هي اللغة التقريرية ، ثم التصويرية ، ثم التعبيرية ، وترتبيها هكذا يدل على عدم ديناميتها . وإذا نظرنا إلى الشخصية الثالثة من شخصيات الأب الأصل السلبي فسنجد الأب المزدوج ؛ إذ رصدنا روايتين تتناولان شخصية الأب المزدوج ، حيث رواية ( عيون على السماء ) لقماشة العليان ، يزدوج فيها الأب بين تسامحٍ ظاهر ، وتسلطٍ باطن . وقد لخّصنا الأب في هذه الرواية في الحاشية . أما الراوية الثانية ، فهي رواية ( مفارق العتمة ) لمحمد المزيني ، حيث يزدوج عم البطل بين التسامح معه والتسلط مع أبنائه . وتعرفنا أن شخصية عم البطل / الأب المزدوج هو شخصيةٌ مرحلية ، ولكنها ديناميةٌ ذات كثافة سيكولوجية . وقد عَرَفنا العلاقة المتميزة بين الأب المزدوج وبطل الرواية ، حيث تصل إلى حد التواؤم بين الطرفين . ولايدلّ هذا على إيجابيتها ؛ لأن علاقتها مع الشخصيات الأخرى في الرواية قد كشف كثيراً من سلبيتها؛ إذا أنها تتسلط مع الأبناء ، بل وتهمشهم وتعاملهم كالخدم ، كما أن علاقته غير متوائمة من زوجته وابنته مريم . وتعرفنا على علاقة عم البطل / الأب المزدوج مع المكان ، حيث كشف بيته عن ازدواجيته ، وكشفت مدرسة البنات عن أيدلوجيته ، ذلك أننا تعرفنا على تحريمه لخروج ابنته من المنزل لأدنى سبب . وفي الباب الثاني : شخصية الأب الفرع ، اكتشفنا أن في الرواية السعودية شخصياتٌ غير الأبِ تقوم بدوره وتتمثّل سلطته الأبوية ، وهذه الشخصيات إما أن تكون قريبةً من الفرد الخاضع لسلطتها ، وأسميناها : القريب الأب ، وهو الفصل الأول من هذا الباب . وإما أن تكون بعيدة عن الفرد الخاضع لسلطتها ، وقد أسميناها البعيد الأب ، وهذه تضَمّن الفصل الثاني من هذا الباب . فأما فصل القريب الأب ، فقد قسّمناه بناءاً على موقفه من الأحداث ، حيث وجدنا القريب الأب الإيجابي ، ويضمّ شخصيةً واحدةً وهي الأم الحازمة . ووجدنا القريب الأب السلبي ، ويضمّ شخصيتين ، هما : الأخ المتسلط ، والأم المزدوجة . فأما الأم الحازمة ، فقد تعرفنا عليها من خلال الروايات المختارة عبر شخصية أم محيسن في رواية ( سقيفة الصفا ) لحمزة بوقري . وعَرَفنا أنها شخصية رئيسية تمحورت عليها أغلب الأحداث ، كما أنها شخصية دينامية تفاعلت بقوةٍ مع أحداث ابنها خاصة ، وأدهشتنا بحكمتها وسياستها وحسن تمثّلها لدور الأب الحـازم ، حيث اتسمت في موقفها من أحداث ابنها بالحزم والمرونة والتعاطف . وقد قدّم لنا شخصية أم محيسن ابنها محيسن حيث هو الراوي المصاحب لها عبر منظور الرؤية مع وضمير المتكلم المصاحب ، من خلال المنظور الداخلي ، الذي يكشف لنا عن قرب إيجابية هذه الشخصية . وتعرفنا على علاقة هذه الأم الحازمة مع عنصر الزمن ، حيث يكشف الزمن عن صفة الحزم وقوة الإرادة والقرار في هذه الأم ، في حادثة ابنها والكُتّاب ، وحادثة تسريحها للسقاء مسفر ، واستغلالها لموسم الحج . وإذا نظرنا إلى شخصية القريب السلبي ، فسنجد أن الأخ المتسلط محمد الساهي في رواية ( القارورة ) ليوسف المحيميد هو شخصيةٌ أبوية ، يستطيع القيام بدور الأب المتسلط ، ليفرض رأيه وإصلاحاته بالقوة في أسرته ، في ظل وجود أبٍ متسامح ( حمد الساهي ) ، حيث اكتشفنا أن الابن يستطيع التغيير والتأثـير في البيت أكثر بمراحل من أبيه . وبرغم ثانوية محمد الساهي / الأخ المتسلط ، إلا أنه يدهشنا بديناميته الفائرة مع الأحداث ، حيث تعرفنا إلى أنه يتمتع بشخصيةٍ معقدةٍ تفاجئنا بصفاتها المتغيرة النابعة من تنقلها بين أماكن عدة : قرية الحسي ثم منجم الذهب ثم الجهاد في الأفغان . وقد عرفنا أن علاقة هذا الأخ المتسلط ليست متوائمة مع الشخصيات الأخرى في الرواية ، مما يدل على أنه شخصيةٌ سلبيةٌ مع الشخصيات وتجاه موقفها من الأحداث . وقد قدّم لنا شخصية هذا الأخ المتسلـط راويان بحكم تعــدد الرواة في ( القارورة ) ، وهما: الراوي الخارجي العليم عبر الرؤية من الوراء ، والراوي الداخلي محدود العلم عبر الرؤية مع، وهذا الأخير هو شخصية منيرة الساهي التي قدمت لنا عبر بؤرتها هذه الشخصية المتسلطة . والشخصية الثانية في القريب الأب السلبي ، هي الأم المزدوجة ، حيث رأينا في رواية (عيون على السماء ) أن شخصية أم يوسف تزدوج في تفاعلها مع ابنتها هدى / بطلة الرواية ، بين التسلط عليها ظاهراً والتسامح معها باطناً . وبرغم أن علاقة هذه الأم متوائمةٌ ومتصالحةٌ - إلى حدٍّ ما - مع الشخصيات الأخرى في الرواية ؛ إلا أن أبويّتها على ابنتها وازدواجية شخصيتها قد وَصَم هذه الأم بالسلبية . وقد قدّم لنا هذه الأم المزدوجة الراوي العليم عبر منظور الرؤية من الخلف ، مقدماً لنا من أبعاد شخصيتها : البعد النفسي فقط ، بالرغم من محورية هذه الشخصية وارتباط الكثير من شخصيات الرواية فيها ، واستنتجنا من ذلك أن الكاتبة تؤكد في ذلك على الكثافة السيكولوجية لهذه الشخصية ، وتريد أن تُشبِع هذا البُعد على حساب الأبعاد الأخرى . وتعرفنا على أن الزمن هو الذي خَلَق الازدواجية في أم يوسف ، حيث كانت وهي تتسلط على ابنتها تريد تزويجها من التاجر عبد الله عيسى ؛ تتذكر أيام زواجها الأولى حينما طلبت الطلاق من زوجها ، ولكن مع مرور الزمن أحبته وأنجبت منه ، فهي تُسقِط واقعها على واقع ابنتها ، معتقدةً أن ابنتها ستحبّ زوجها مع مرور الأيام . وإذا نظرنا إلى الفصل الثاني من الباب الثاني ، فسنجد شخصية البعيد الأب ، وهو الذي يقوم بدور سلطة الأب على أفراد بعيدين عنه قَرَابياً ، أي بعيدين عنه من الناحية البيولوجية ولا يمتّون له بصلة . واكتشفنا شخصية البعيد الأب في رواية ( ترمي بشرر ) لعبده خال، من خلال شخصية ( سيد القصر ) الذي يتسلط على خَدَمه وموظفيه في القصر ، متمثّلاً دور الأب المتسلط حيث العنف والكبت وأحادية الرأي. وارتبطت علاقته مع بطل الرواية / طارق فاضل بأن استخدمه مؤدباً لخصومه ، ولم تكن بين الطرفين أي وشائج مودّة ، حيث كان هذا البعيد الأب يستبعد طارق فاضل ويقيد حريته ويتسلط عليه ، كما يصنع ذلك تماماً مع الشخصيات الأخرى في الرواية ، حيث اكتشفنا سلبيته المتطرفة في مواقفه مع الأحداث وتفاعله مع الشخصيات . وقد قدّم لنا هذا البعيدَ الأب ؛ الراوي الداخلي المصاحب / طارق فاضل ، عبر منظور الرؤية مع ، وكثّف التبئير حول هذه الشخصية المتسلطة ، حتى أضحت شخصيةً رئيسةً تتمحور حولها أهم الأحداث وترتبط معها غالبية الشخصيات . وبرغم أن الكاتب يكثف اللغة ويلعب بالزمن ويصف المكان ، على حساب وصف الشخصيات أحياناً ؛ فإنه أثبت الأبعاد الثلاثة لسيد القصر / البعيد الأب ، مع التركيز على البُعد النفسي ، لكونه أفضل بُعدٍ يتناول تحليل هذه الشخصية الدينامية الغربية الأطوار . وأما علاقة البعيد الأب بالمكان ؛ فإننا تعرّفنا على أنه يؤثر في المكان أكثر من أن يتأثر به ، كما كشف الكثير من صفاته المتغيرة وسماته المتسلطة . ولا سيما المكان / القصر ، الذي احتضن عنفه مع خَدَمه ، واحتوى استمتاعه بالملذات وتأديبِ خصومه . وأما علاقة السيد باللغة ، فإننا تعرّفنا على أن أهم لغتين سرديتين تناولنا شخصيته : هي اللغة التقريرية التي أفصحت عن كثرة أحداث هذا البعيد الأب . وكذلك اللغة التصويرية والتي أسفرت عن أن هذه الشخصية المتسلطة تحتاج أحياناً إلى التأمل والتفكر في غرابة أحداثها وطريقة تفكيرها . هذا موجز لأهم النتائج التي توصل إليها بحثنا الموسوم بـ ( شخصية الأب في الرواية السعودية ) ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . |
---|